بغداد، العراق (CNN)-- سقط قتيلان على الأقل وأُصيب أكثر من 14 آخرين، في موجة تفجيرات جديدة استهدفت عدداً من منازل المسيحيين في أنحاء مختلفة بالعاصمة العراقية بغداد مساء الخميس، بالتزامن مع بدء عطلة نهاية الأسبوع الأخير من عام 2010، وبدء الاحتفال بالعام الجديد.
وأكد مسؤول في وزارة الداخلية العراقية لـCNN أن التفجيرات نجمت عن عبوات ناسفة تمت زراعتها خارج المنازل أو في الحديقة الأمامية، وشملت ستة منازل على الأقل، في شرق وغرب وجنوب ووسط بغداد، حيث انفجرت في توقيت متزامن، مما يرجح أنها جاءت ضمن هجوم واسع، تم الإعداد له بشكل مسبق.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان الضحايا الذين سقطوا نتيجة تلك التفجيرات جميعهم من المسيحيين، وإن كانت تلك التفجيرات تأتي مشابهة لموجة تفجيرات مماثلة استهدفت عدداً من منازل المسيحيين في بغداد، في العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى على الأقل، ونحو 25 جريحاً.
وكانت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، قد ذكرت، في تقرير لها منتصف الشهر الجاري، أن أعمال العنف التي تستهدف المسيحيين في مختلف المدن العراقية، أدت إلى ما وصفته بـ"حركة هروب بطيئة ولكن مستمرة"، خاصة بين هؤلاء الذين يقيمون في بغداد، أو مدينة الموصل شمالي البلاد.
وذكرت مفوضية اللاجئين أن حركة "الهروب" هذه بدأت منذ الهجوم الذي استهدف كنيسة "سيدة النجاة" بالعاصمة العراقية، قبل ما يقرب من شهرين، والذي أعقبه العديد من الهجمات التي استهدفت المسيحيين في كل من بغداد والموصل، كبرى مدن محافظة "نينوى."
وأسفر الهجوم على كنيسة "سيدة النجاة"، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن سقوط 70 قتيلاً، بينهم 53 من المسيحيين، الذين يشكلون أقلية في الدولة العربية التي يسكنها غالبية من المسلمين.
ووفق تقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فقد أفاد ممثلون للأمم المتحدة في كل من سوريا والأردن ولبنان، بوصول العديد من المسيحيين العراقيين إلى تلك الدول العربية المجاورة للعراق.
من جانبها، قالت المفوضية العليا لحقوق الإنسان، بالمنظمة الدولية، إن عدد كبير من المسيحيين الذين كانوا يقيمون في بغداد والموصل، نزحوا إلى مناطق أخرى داخل العراق، ومنها مناطق الأكراد، ومنطقة "سهل نينوى"، والتي تقع في شمال العراق وغالبية سكانها من المسيحيين.
كما لاحظ مراسلو CNN في إقليم "كردستان العراق"، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، تدفق عدد كبير من المسيحيين على الإقليم خلال الفترة التي أعقبت الهجوم على كنيسة بغداد، بزيادة كبيرة عن معدل نزوح المسيحيين، وطوائف أخرى، إلى الإقليم ذاته، منذ بدء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
وكان رئيس الإقليم، مسعود برزاني، قد أعلن مراراً ترحيبه باستقبال المسيحيين العراقيين الذين يتعرضون لهجمات من قبل مسلحين إسلاميين، بقوله: "إنني أريد أن أبلغهم بأن أرض كردستان مفتوحة لهم، إذا ما أرادوا المجيء إلى هنا، سوف نقدم لهم الحماية اللازمة، كما سنقدم لهم كل الخدمات التي يحتاجونها."
وأعلنت جماعة "دولة العراق الإسلامية"، وهي تحالف يضم ست حركات متشددة بقيادة تنظيم القاعدة، مسؤوليتها عن الهجوم على كنيسة "سيدة النجاة"، الذي يُعد واحداً من أسوأ الهجمات ضد الأقلية المسيحية في العراق خلال السنوات الأخيرة، وكان من بين القتلى نساء وأطفال، بالإضافة إلى اثنين من رجال الدين.
وتراجعت أعداد مسيحيي العراق، الذين قدر عددهم في وقت سابق بما يقرب من 1.5 مليون نسمة، إلى دون النصف إثر فرار الكثيرين منهم بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
وأعرب عدد كبير من المسيحيين، الذين تحدثت معهم CNN، عن خشيتهم على حياتهم، وأعربوا عن رغبتهم في مغادرة العراق، إلا أنهم ليست لديهم الوسائل التي يمكن أن تساعدهم على تحقيق هذه الرغبة.
في المقابل، دعا العديد من أساقفة الكنائس والمسؤولين في الحكومة العراقية، ومن بينهم رئيس الوزراء نوري المالكي، مسيحيي العراق، الذين يُعدون من أقدم الحضارات المسيحية في العالم، إلى عدم مغادرة العراق.