تونس (CNN) -- قدم الرئيس التونسي المؤقت، فؤاد المبزع، ورئيس الحكومة الانتقالية، محمد الغنوشي، استقالتهما من عضوية حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم البلاد لعقود طويلة، في مسعى لمنه تدهور الأوضاع بعد انسحاب وزراء جدد احتجاجاً على احتفاظ رموز من الحزب بحقائبهم الوزارية، بينما أكدت واشنطن ترحيل 70 أمريكيا إلى خارج تونس.
وذكرت الخارجية الأمريكية أن مواطنيها غادروا على متن طائرة نقلتهم إلى العاصمة المغربية، الرباط، وضمت الرحلة عائلات الدبلوماسيين، وبعض المدنيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة تونس مع اندلاع الأحداث.
وعلى صعيد الوضع الحكومي الجديد، تلقت CNN بيانا من مكتب الوزير مصطفى بن جعفر، أحد قادة أحزاب المعارضة الذين وافقوا على الانضمام لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة، يعلن فيه قراره تجميد صفته الوزارية.
وذكر البيان أن بن جعفر "ينتظر المزيد من المشاورات مع الغنوشي، تتصل بالموقف من مطالب الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي سبق أن طلب من وزرائه الاستقالة، رداً على إشراك وزراء من الحزب الحاكم السابق.
ودفع موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، الممثل للعمال، الأزمة السياسية باتجاهات جديدة الثلاثاء، وقال لطفي الأحول، القيادي في الاتحاد التونسي للشغل لـCNN، أن اللجنة القيادية طلبت من جميع أعضائها الاستقالة فوراً من حكومة الوحدة الوطنية، كما قد ثلاث كتاب دولة لا يحملون حقائب وزارية استقالاتهم أيضاً.
وأكد الأحول أن اجتماع اللجنة القيادية للاتحاد الذي انعقد في إحدى ضواحي تونس العاصمة انتهى إلى إعلان رفض المشاركة في أي حكومة تضم شخصيات من الحقبة السابقة.
ودعا إلى مظاهرة في شارع محمد علي بالعاصمة التونسية، تحمل شعارات تؤكد على رفض أي دور لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي أمسك بمفاصل السلطة في البلاد لعقود.
من جانبه، تحدث رئيس الحكومة الجديدة، محمد الغونشي، إلى "راديو 1" الأوروبي، فبرر استمرار بعض الوزراء في مناصبهم المهمة، مثل الداخلية والخارجية والمالية، بالقول إن البلاد "تحتاجهم في الفترة الراهنة."
وتابع الغنوشي قائلاً: "جميع من حافظوا على حقائبهم يمتازون بنظافة الكف، وقد تمكنوا من خلال قدراتهم الكبيرة من الحد من آثار الدمار الذي تعرضت له بعض المناطق والقطاعات،" وتعهد في الوقت عينه بـ"عدم نسيان" التجاوزات التي قام بها البعض في السابق.
وقد تواصلت الاحتجاجات في تونس العاصمة، احتجاجاً على تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي أعلنت الاثنين، فيما أطلق رجال الأمن القنابل المسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين.
وطالب المتظاهرون بعدم ضم أي وزراء من الحزب الحاكم، ممن كانوا ضمن التشكيلة الحكومية للنظام السابق.
وكان ما يزيد على 300 شخص قد تظاهروا بعد نحو يوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية إثر الإطاحة بالرئيس، زين العابدين بن علي، وفراره إلى السعودية.
وتأتي هذه التظاهرة أيضاً مع بدء العمل بتخفيف إجراءات حالة الطوارئ في البلاد، إثر تحسن الأوضاع الأمنية، كما تم خفض مدة حظر التجول، ليمتد من الساعة السادسة مساء إلى الخامسة صباحاً.
وكان وزير الداخلية التونسي، أحمد فريعة، قد أعلن الاثنين أن الأحداث التي عاشتها تونس خلال الفترة الماضية، وانتهت بإسقاط نظام الرئيس السابق، أدت إلى مقتل 78 شخصاً.
وطالب فريعة، في أول كلمة له بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، بعودة الهدوء إلى الشوارع وظهور تعاون مستقبلي بين قوى الأمن والشعب.
وكان التلفزيون التونسي الرسمي قد نقل الاثنين نبأ نجاح جهود تشكيل حكومة جديدة في البلاد، برئاسة رئيس الوزراء الذي كان يتولى مهمة قيادة حكومة تصريف الأعمال، محمد الغنوشي، ويضم التشكيل الوزاري لأول مرة ممثلين عن أحزاب المعارضة والنقابات العمالية، مع محافظة بعض الوزراء البارزين على مناصبهم.
وستكون مهمة حكومة الغنوشي الانتقالية التمهيد لإجراء انتخابات رئاسية، ويمنحها الدستور فترة تتراوح بين 45 و60 يوماً للقيام بذلك.
على أن حكومة الغنوشي تعرضت للانتقاد من أحزاب وتجمعات سياسية أخرى في تونس.
فقد أثارت "انتقادات بعض الفاعلين السياسيين، خصوصا القوميين واليساريين والإسلاميين الذين وصفوها بالحكومة 'الإقصائية' باعتبار أنها كانت حصيلة مشاورات لم يشاركوا فيها"، وفقاً لما نقلته صحيفة الصباح التونسية.
ونقلت الصباح عن بيان لحزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي قوله إن "الترتيبات الجارية منذ سقوط رمز النظام، تستهدف الالتفاف على ثورة شعبنا وسرقة انجازاتها بدعم أجنبي واضح وهي محاولة لترسيخ خط لا يخدم مصالح شعبنا وهويته العربية الإسلامية."
وأشارت إلى أن الحزب أعرب عن رفضه "لكل أساليب الإقصاء والتهميش" ودعوته إلى مشاركة "كل الأطياف السياسية والفكرية بلا استثناء في بناء مستقبل البلاد."