عمّان، الأردن (CNN) -- وحّد رئيس الوزراء الأردني السابق، أحمد عبيدات، جهود القوى السياسية والأحزاب الأردنية في إطار جبهوي واسع التمثيل، للمطالبة بالإصلاح، مؤسسا الجبهة الوطنية للإصلاح، في مبادرة هي الأولى تمر بها البلاد خلال الأشهر الماضية، بعد تضارب في أجندات الإصلاح في ظل حراك شعبي عام انطلقت شرارته منذ نحو ستة أشهر.
وبلهجة حاسمة، شن عبيدات، الذي تولى مواقع رسمية مهمة من بينها مديرا لدائرة المخابرات العامة، خلال مؤتمر صحافي عقده ظهر السبت للحديث عن تأسيس الجبهة، هجوما قاسيا على تقاعس الدولة في محاربة ملفات الفساد في البلاد معتبرا أن قضية محاربة الفساد تشكل "محطة مفصلية" على طريق الإصلاح.
وقال عبيدات بحضور وسائل إعلام وعدد من الشخصيات والهيئات المنضوية في "الجبهة" إن وجود الفساد "يستدعي إصلاح النظام والفساد يعبر عن أزمة في الحكم وفي هيكلة الحكم ولا بد من إصلاحه بترسيخ نظام ديمقراطي للحكم."
وأضاف بالقول إن مرتكزات النظام الديمقراطي ليست بحاجة إلى شروحات مطولة، وأنها تتلخص في قضاء مستقل وبرلمان منتخب وفقا لنظام انتخابي عادل وسلطة تنفيذية مسؤولة.
ويأتي إشهار الجبهة تزامنا مع مرور البلاد بمرحلة سياسية إصلاحية شاملة أعلن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن التمسك بها، فيما تعمل ثلاثة لجان رسمية على مراجعة نصوص الدستور الأردني وصياغة قوانين جديدة ناظمة للحياة السياسية إضافة إلى لجنة حوار اقتصادي.
وتضم الجبهة أطيافا سياسية، بما في ذلك أحزاب المعارضة الأردنية والنقابات المهنية والحركة الإسلامية، وقد توافقت على رؤية إصلاحية شمولية ترتكز إلى توسيع قاعدتها الشعبية بحسب عبيدات، مشيرا إلى أن الجبهة لن تبتعد عن النزول إلى الشارع بالتعبير السلمي إذا اقتضت الظروف السياسية ذلك.
كما تضم الجبهة - إضافة إلى ما يزيد عن 250 مؤسس وممثلي الأطياف السياسية التقليدية في البلاد - ممثلين عن الحركات الشبابية الوليدة التي أفرزتها الساحة السياسية الأردنية مؤخرا.
ولفت عبيدات، الذي اعتبر أن إطلاق الجبهة يأتي في ظل توالي الثورات العربية وتطلع الشعب الأردني إلى الإصلاح ومواجهة الخطر الصهيوني، إلى أن الجبهة ستدفع باتجاه "خلق إرادة سياسية للتغيير في حال ثبوت عدم توفر إرادة سياسية عليا في البلاد" للإصلاح، بحسب تعبيره.
وشدد عبيدات على أن للمعارضة السياسية في البلاد، دور المعارضة السياسية جوهري وأساسي في كل ديمقراطيات العالم.
وقال عبيدات إن ما يميز الجبهة عن سائر القوى الإصلاحية، أنها "ستعمل بمهمة تعبوية عامة.. باعتبارها جبهة جامعة لكل الأطياف السياسية بما في ذلك الحركات الشبابية الجديدة،" لافتا إلى أن الباب مفتوح أمام انضمام أية قوى سياسية تطالب وتؤمن بضرورة الإصلاح.
وحول آليات عمل الجبهة والجدول الزمني المتوقع لتحقيق الجبهة أهدافها، بين عبيدات أن الجبهة في حالة تكامل اليوم وليس في حالة معارضة مع أي من القوى السياسية الأخرى، وان اللجنة التحضيرية التي يجري العمل على تشكيلها ستعمل على تفعيل عمل الجبهة بأقصى درجة.
وتتطلع الجبهة إلى تنظيم مؤتمر وطني عام تشارك فيه القطاعات السياسية والشعبية ، ليصار إلى توسيع تمثيل الجبهة شعبيا.
وفيما تشهد البلاد سلسلة من الحوارات السياسية لإعادة النظر بمنظومة التشريعات المتعلقة بالحياة السياسية، أكد عبيدات أن الجبهة ستعلن عن مواقفها أولا بأول من مخرجات الحوارات الوطنية أو من السياسية الأردنية الداخلية والخارجية حيال أي من القضايا.
وقال عبيدات :" إن الجبهة تعمل بإيقاع متسارع وستضع برنامجا تفصيليا لمحاربة الفساد، كما سيكون لها مواقف في كل الشؤون العامة وبالطرق التي تراها مناسبة في حينها ... إن عمل الجبهة ليس موسميا بل إن عملها سياسي منظم إلى حد كبير".
وكان عبيدات قد صرح الخميس خلال لقاء إشهار الجبهة ، بالقول إن الجبهة سترفض بكل ما أوتيت من قوة أي مخرجات سلبية تتمخض عنها الحوارات الرسمية المتعلقة بالإصلاح."
وتضم الجبهة في إطارها ، الحركة الإسلامية في الأردن، وهي قوى المعارضة الأوسع في البلاد، فيما كانت قد انفضت عن كل طاولات الحوار الحكومية السابقة، وأعلنت مقاطعتها لتلك الحوارات.
وتعمل لجان الحوار الوطني الحكومية، على صياغة قانون ونظام انتخابي جديد للبلاد، إضافة إلى لجنة مختصة بمراجعة نصوص الدستور الأردني والتعديلات التي طرأت عليه منذ عام 1952، لجهة إلغائها و"تحسين الدستور" بحسب تصريحات صدرت عن اللجنة.
وفي السياق، اعتبر عبيدات أن الإصلاح السياسي المتعلق بتعديل الدستور وفقا لرؤية الجبهة لا بد أن يشمل مراجعة الدستور مضيفا بالقول، حول تبني الجبهة للملكية الدستورية: "رغم عدم وجود مفهوم محدد للملكية الدستورية في الفقه الدستوري .. لكن ثمة تعديلات أدخلت على دستور 1952 هبطت بمستواه وأفقدته سماته الديمقراطية وأخلت بتوازن السلطات الثلاثة نتيجة اجتهادات سياسية فاسدة."
واعلن عبيدات تأييد الجبهة لإلغاء التعديلات الطارئة على دستور 1952 كافة، مع إلغاء الأحكام الدستورية التي فقدت مسوغاتها القانوني، وقال :" لا بد أن يعاد للأردن النظام الملكي النيابي الوراثي الدستوري."
وتضم وثيقة الجبهة ثمانية جوامع وثوابت اجتمعت عليها أطياف سياسية مختلفة، تمثل رؤيتها في الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وانتقد عبيدات تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة السياسية والعامة في البلاد، مشددا على أن الجبهة توافقت على ضرورة إصلاح المؤسسة الأمنية، معلقا على ذلك بالقول: "يجب أن تخضع الأجهزة الأمنية لحكم القانون لخروجها في أحيان كثيرة عن حدود صلاحياتها."
وأضاف: "التدخل الصارخ في مؤسسات الدولة أحداث حالة إرباك فيها، ولا بد من ضبط إيقاع عملها خاصة أنها أسهمت في تزوير الانتخابات النيابية للدوريتين السابقتين بشكل فاضح."
ولفت عبيدات إلى أن الجبهة ليست بديلا عن أية قوى سياسية أو أحزاب قائمة، معتبرا انه من المبكر التوجه نحو تحويل الجبهة إلى حزب سياسي، فيما لفت إلى أن الجبهة ما تزال في بداية عملها ، وان أية تأطير قانوني للجبهة سيأخذ مجراه معتبرا أنها مسألة شكلية.
في سياق آخر، علق عبيدات بالقول حول أية عقبات متوقعة يمكن أن تواجه عمل الجبهة من الجهات الأمنية أو محاولة إجهاض عملها: "أنا لا أضمن توقف الأجهزة الأمنية عن ممارسة تدخلها لكن الجبهة ستعمل بكل ثقة لأن المناخ العام القائم يساعد على التقدم وليس العودة إلى الخلف."
ومن المتوقع الإعلان عن اللجنة التحضيرية للجبهة خلال الأيام القليلة المقبلة، فيما سيصار إلى تدشين موقع الكتروني للجبهة للتواصل مع مختلف الأطياف والشرائح الاجتماعية والسياسية.
وينضوي في إطار الجبهة أحزاب اللجنة التنسيقية لأحزاب المعارضة باستثناء الحركة القومية الديمقراطية، إضافة إلى هيئات مجتمع مدني والنقابات المهنية والحركة الإسلامية وعدد من الشخصيات السياسية المستقلة.