عمان، الأردن (CNN)-- شهد وسط العاصمة الأردنية عمان مناوشات بين قوات الأمن العام، وقوى شباب ما يعرف بـ24 آذار، خلال محاولة الأخيرة الوصول إلى ما يسمى بساحة "النخيل"، قدوماً من أمام المسجد الحسيني في وسط البلد، بمسيرة احتجاجية للمطالبة بالإصلاح، ظهر الجمعة.
كما وقعت اشتباكات بين الأمن العام والكوادر الصحفية التي تواجدت لتغطية الاعتصام، بعد دقائق قليلة من بدء تنفيذ الاعتصام "المفتوح"، بحسب ما أعلنت عنه القوى الشبابية قبل أسابيع، وتفاوتت الإصابات بين خفيفة ومتوسطة.
ويعتبر الاعتصام لقوى 24 آذار هو الثاني من نوعه، فيما كان الاعتصام الأول عند إشهار الحراك في مارس/ آذار الماضي، عند دوار الداخلية، حيث شهد اشتباكات عنيفة أسفرت عن إصابة العشرات، ومقتل مواطن فيما عرف بأحداث "الداخلية."
واستخدمت قوات الأمن الهراوات التي انهالت على رؤوس المعتصمين، وأصيب عدد من المصورين والصحفيين، فيما أدخل أحد الصحفيين إلى المستشفى لإصابته بجروح قطعية في الرأس، لإجراء عملية جراحية عاجلة، كما تعرض صحفيون للضرب والركل، ونقل عدد منهم للمستشفيات بواسطة سيارات الإسعاف.
وهرع إلى مقر الاعتصام وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، ونقيب الصحفيين الأردنيين، للاطلاع على مجريات الأحداث، فيما دانت قيادات من المعارضة والحركة الإسلامية الاعتداءات.
وتضاربت الروايات حول أسباب وقوع الاشتباكات، بين فض قوات الأمن احتكاكات بين متظاهري 24 آذار وقوى شبابية مناوئة أخرى، فيما أكدت قيادات في 24 آذار لـCNN بالعربية، إن المناوشات وقعت خلال منعهم الوصول إلى الساحة.
وأشارت مديرية الأمن العام إلى أن الاشتباكات وقعت نتيجة احتكاك المتظاهرين بين بعضهم البعض، فيما أوردت وكالة الأنباء الرسمية "بترا" بأن 17 من رجال الأمن أصيبوا، دون الإشارة إلى عدد المصابين من الصحفيين والمحتجين.
ونقلت عن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، عبد الله أبو رمان، أن 17 من رجال الأمن أصيبوا، منهم اثنان تعرّضا للطعن بأدوات حادة، أثناء قيامهم بواجبهم في الفصل ومنع الاحتكاك بين مجموعتين من المواطنين، اتجهتا للاعتصام في منطقة أمانة عمّان الكبرى، في ساحة النخيل، وساحة مسجد الأمانة.
ولفت أبو رمان إلى أنه "نتيجة للاحتكاك الحاصل، وتواجد عدد من الإعلاميين بين المجموعتين، أصيب عدد منهم بإصابات مختلفة، ووصفت حالتهم ما بين طفيفة ومتوسطة"، وأكد أن "الإعلاميين هم شركاء في العمل، ولا يمكن للحكومة أن تقبل بالاعتداء عليهم، وأن ما جرى هو حادثة عرضية نأسف لوقوعها."
من جهته، أدان نقيب الصحفيين، طارق المومني، في تصريح لـCNN بالعربية، الاعتداء على الصحفيين، رغم تدابير الحماية التي اتخذتها النقابة مع مديرية الأمن العام، من بينها توزيع سترات خاصة على الصحفيين لحمايتهم.
وحمّل المومني قوات الأمن مسؤولية الاعتداء على الصحفيين، بالقول: "ندين كل ما جرى، ونريد الآن الاطمئنان على الزملاء المصابين.. وستطالب النقابة بفتح تحقيق في القضية لمعرفة المسؤول عن ذلك ومحاسبته."
واعتبر المومني أن قوات الأمن العام قد أخلت بالاتفاق مع النقابة لحماية الصحفيين، فيما قال إن اعتذار الحكومة عما جرى يعتبر "اعترافا بالخطأ، لكن كل ما حصل هو مرفوض جملة وتفصيلاً."
وحول التوقعات بعودة قوات الأمن لفض الاعتصام مساء الجمعة، وضمانات توفير الحماية للصحفيين، قال المومني: "هناك اتصالات متواصلة مع الجهات المعنية، لمنع تكرار ما حدث."
وكان المومني قد وجه نقداً لاذعاً للحكومة، خلال الاعتصام، في كلمة للصحفيين، أشار فيها إلى أن الحكومة بعدم حمايتها للصحفيين تعبر عن عدم جديتها في الإصلاح.
وكان زهاء ألف شخص شاركوا في مسيرة انطلقت عقب صلاة الجمعة، من أمام المسجد الحسيني الكبير وسط عمان، إلى ساحة أمانة عمان، للمطالبة بالإصلاح.
وحمل المشاركون في المسيرة لافتات كتب عليها "نعم للإصلاح الذي يصنع المستقبل للأجيال"، و"نطالب بإصلاحات سياسية اقتصادية واجتماعية"، و"يا أردن سير للإصلاح والتغيير"، كما هتف هؤلاء: "يا حكام يا حكام بدنا إصلاح النظام"، و"سلمية سلمية حتى ننال الحرية"، و"بالروح بالدم نفديك يا أردن."
وأكد الناشط في 24 آذار، عبد الله محادين لـCNN بالعربية، إن المعتصمين خرجوا بطريقة سلمية، وأنهم تفاجئوا بانهيال قوات الأمن العام عليهم بالضرب "دون مبرر"، على حد قوله.
وأضاف: "جئنا للاعتصام سلمياً للمطالبة بإصلاحات سياسية، وقوبلنا بالضرب، وهناك محاولات للتشويش على الاعتصام، ونحن نقول للحكومة إن الاعتصام هو حق دستوري لا تراجع عنه."
وشهدت الأيام القليلة الماضية "تعبئة" إعلامية وحكومية ضد اعتصام القوى الشبابية، التي تطالب بإجراء إصلاحات دستورية وحكومة منتخبة، رافقها لقاءات رسمية بين الحكومة وأحزاب المعارضة والموالاة لعدم دعم الاعتصام.
وشددت الحكومة في تصريحات على لسان رئيس الوزراء، معروف البخيت، الخميس، على منع الاعتصامات المفتوحة والتصدي لها.
من جهته، أدان القيادي في الحركة الإسلامية، حمزة منصور، واقعة الاعتداء على الصحفيين والمعتصمين، قائلاً إن "هذا التصرف مدان بكل المقاييس، والاعتصام السلمي هو حق كفله القانون والدستور، لكن العقلية العرفية والأمنية ما تزال تدير البلاد وتسيء لها."
وقال منصور، رداً على اتهامات الحكومة بإدارة الاعتصام الذي تشارك فيه قوى شبابية إسلامية غير منضوية تحت لواء الحركة الإسلامية، إن "الحركة الإسلامية تدعم أي حراك شعبي، وهذا الحراك هو حراك مستقل، باسم القوى الشبابية، والحكومة جاهزة دوما لأي ربط تعسفي وتحريض ضد الحركة."
وكان القيادي في الحركة الإسلامية، الدكتور محمد أبو فارس، قد أثار جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام، على خلفية إصدار فتوى شرعية تتعلق بوصف القتلى والمصابين في الاعتصامات والمظاهرات بأنهم "شهداء"، وأن "من يعتدي عليهم في النار."
وتشهد المملكة الأردنية حراكاً شعبياً واسعاً منذ أشهر للمطالبة بالإصلاح، فيما من المقرر أن يستمر الاعتصام في قلب العاصمة حتى ساعة متأخرة من مساء الجمعة.