الخرطوم، السودان (CNN) -- أكد الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، أنه أمر القوات المسلحة بالاستمرار في عملياتها بجنوب كردفان وألا تتوقف إلا بعد تطهير المنطقة والقبض على القيادي في الحركة الشعبية لتحرير السودان، عبدالعزيز الحلو، الأمر الذي قد يهدد التسوية التي برزت بين الشمال والجنوب في العاصمة الأثيوبية، أديس أبابا.
ونقلت وكالة الأنباء السودانية عن البشير قوله إن العملية ستستمر حتى توقيف "المتمرد عبد العزيز الحلو وتقديمه إلى المحاكمة بما قام به من ارتكاب للجرائم وترويع الآمنين وقتل الأبرياء." وقف تعبيره.
وكانت المواجهات قد انفجرت في جنوب كردفان بين القوات الحكومية وأخرى موالية للجنوب منذ أسابيع، بعد توتر في نقطة ساخنة أخرى غنية بالنفط هي أبيي.
وقد قام البشير بعقد لقاء بوساطة أفريقية في أديس أبابا مع ورئيس الجنوب، سلفاكير ميارديت، في محاولة لوقف تدهور الوضع على الحدود المتنازع عليها بين الجانبين، انتهى بعض فترة بتوقيع اتفاق يدعو إلى انسحاب فوري للقوات السودانية من منطقة أبيي المتنازع عليها.
ويدعو الاتفاق أيضا إلى نشر لواء من الجيش الأثيوبي في المنطقة لتكون بمثابة قوات حفظ السلام، كما ينص الاتفاق على إدارة مشتركة للمنطقة من جانب السودان وجنوب السودان، التي من المقرر أن تصبح دولة مستقلة تعرف باسم "جنوب السودان" في غضون ثلاثة أسابيع.
وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان قد قالت أواسط يونيو/حزيران الماضي إنها تلقت تقارير قالت إنها "مقلقة للغاية "بشأن وقوع وفيات بين المدنيين وعمليات نزوح واسعة للسكان وسط الوضع الإنساني المتدهور في ولاية جنوب كردفان، حيث تشتبك القوات المسلحة السودانية مع قوات حركة الجيش الشعبي التابعة للجنوب.
وقال المتحدث باسم المفوضية، روبرت كولفيل، "ندعو كل الأطراف إلى وقف القصف العشوائي فورا وتجنب الاعتداءات على المدنيين وتوفير ممرات آمنة للمدنيين بما يتوافق مع قانون حقوق الإنسان."
وأفاد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن ما بين 30 إلى 40 ألف شخص، من بين العدد الكلي لسكان كادوقلي البالغ 60 ألف شخص، قد فروا من البلدة، كما أصبحت عدة قرى خاوية من سكانها.
وفي 19 يونيو/حزيران الماضي، لفتت مجموعة مراقبة دولية إلى استعدادات يقوم بها الجيش السوداني لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في منطقة جنوب كردفان، ونشرت مجموعة "ساتلايات سنتينل بروجيكت" صوراً قالت إنها تظهر قوات الجيش السوداني تسيطر على مدينة "كادوقلي" عاصمة ولاية جنوب كردفان، ومعها 89 مركبة عسكرية، من بينها شاحنات لنقل الذخيرة الثقيلة، بالإضافة إلى مركبات خفيفة وربما قطع مدفعية مقطورة.
وتعمل المجموعة الرقابية على مزج الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية بالتقارير الميدانية لتوفير نظام إنذار مبكر للعنف.
كما تظهر الصور الملتقطة نحو ما لا يقل عن 300 مأوى مؤقت منتشرة حول قاعدة لقوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى الشمال من "كادوقلي" في إشارة إلى نزوح الآلاف من المدنيين.
وكانت بعثة الأمم المتحدة في السودان قد أعلنت عن إرسال تعزيزات عسكرية إلى جنوب كردفان تتمثل في قوة بنغلادشية تتكون من 120 عنصراً، وطالبت المنظمة الأممية بفتح ممرات إنسانية عاجلة في جنوب كردفان للسماح بمرور المدنيين الفارين من العنف الدائر هناك ولتسيير العمليات الإنسانية الداعمة للسكان.
ويشار إلى أن ولاية جنوب كردفان هي إحدى ولايات السودان وتبلغ مساحتها 158,355 كم مربع ويقدر عدد سكانها بأكثر من مليون نسمة، وعاصمتها مدينة كادوقلي وتقع الولاية على الحدود مع الجنوب وهي من الولايات المنتجة للنفط.
ويذكر أن جنوب السودان سيعلن في التاسع من الشهر المقبل كدولة مستقلة عن الشمال بعد استفتاء في مطلع العام صوتت فيه الأغلبية الساحقة لصالح الانفصال.
وستضم ولاية جنوب كردفان، الغنية بالنفط، إلى الشمال، واندلعت فيها المواجهات العسكرية الأخيرة حول خلاف بشأن الترتيبات الأمنية وإعادة انتخاب أحمد هارون، مرشح حزب المؤتمر الوطني، وهو أحد المطلوبين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في دارفور، في انتخابات والي الولاية التي نافسه فيها مرشح الحركة الشعبية، عبد العزيز الحلو، ومرشح آخر معتقل.
وكان "النوبة" سكان جنوب كردفان، قد انحازوا إلى الجنوب في حربه ضد الشمال، وهي أطول حرب أهلية دموية تشهدها القارة الإفريقية، دامت عقوداً راح ضحيتها أكثر من مليوني شخص.