نيويورك، الأمم المتحدة (CNN) -- أكد شهود عيان وقوع صدامات بين الشرطة ومتظاهرين في مدينة حماة، إحدى أكبر مدن البلاد، والواقعة شمال غربي العاصمة دمشق، في حين خرج الآلاف في شوارع مدن وبلدات مختلفة للمطالبة بالتغيير الديمقراطي وإطلاق الحريات للأسبوع الثامن على التوالي، وذلك تحت شعار "جمعة الحرائر" للمطالبة بالإفراج عن المعارضات المعتقلات.
وبحسب الشهود الذين تحدثوا لـCNN من حماة، التي كانت قد شهدت في مطلع العقد الثامن من القرن الماضي مواجهات دامية سقط نتيجتها آلاف القتلى بعد تمرد السكان ضد نظام الرئيس الراحل، حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار، فقد قام عناصر الأمن بإطلاق قنابل غاز مسيل للدموع، بينما رد المحتجون برمي الحجارة.
أما صفحات المعارضة السورية على موقع "فيسبوك" فقد عرضت مشاهد فيديو لمظاهرات متفاوتة الأحجام في عدة مدن بالبلاد، منها حمص وحلب واللاذقية وإدلب وجبلة ومنبج وكفرنبل وتلبيسة والقامشلي، إلى جانب مناطق تقع في ضواحي العاصمة دمشق.
ولم تتمكن CNN من تأكيد صحة هذه التسجيلات بشكل مستقل نظراً لأن السلطات السورية لم تسمح للصحافة العالمية بالدخول إلى أراضيها.
ولفت في الإطار الرسمي السوري قيام وكالة الأنباء "سانا" التي تديرها الحكومة بنقل حصول ما وصفتها بـ"تجمعات متفرقة" في "بعض المحافظات عقب صلاة الجمعة" وقالت إن المشاركين هتفوا "للحرية والشهيد."
ونقلت الوكالة أن مندوبيها سجلوا تجمعات في دوما وقطنا وداريا وسقبا والتل (من ضواحي دمشق،) إلى جانب مدن الحسكة والرقة ودير الزور والدرباسية وعامودا في الحسكة والطبقة في الرقة والبوكمال والميادين في دير الزور، وأضافت أن المشاركين "تفرقوا وقت قصير ولم تشهد أي احتكاكات مع قوى الأمن والشرطة."
كما أشارت إلى تجمعات مماثلة في أحياء بحمص وحماة وإدلب ومناطق خان شيخون وسراقب وعين العرب في حلب.
ونسبت الوكالة إلى مصدر مسؤول لم تكشف اسمه في وزارة الداخلية قوله إن عدد الذين سلموا أنفسهم من المتورطين بأعمال شغب وصل إلى 5077 شخصا في مختلف المحافظات و"تم الإفراج عنهم فوراً بعد تعهدهم بعدم تكرار أي عمل يسيء إلى أمن الوطن والمواطن" على حد تعبيرها.
حقوق الإنسان الدولية: مقتل 850 شخصا باحتجاجات سوريا
قال متحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجمعة إن قمع الاحتجاجات على أيدي قوات الأمن السورية على مدى شهر ربما تكون قد خلفت 850 قتيلاً على الأقل.
وقال الناطق باسم المفوضية، روبرت كولفيل، في مؤتمر صحفي في جنيف الجمعة إن إجمالي ضحايا العنف في سوريا ربما يصل إلى 850 شخصاً، وذلك منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سوريا.
وتقدر جماعات حقوقية أخرى أعداد الضحايا بين 700 و850 شخصاً، وهو رقم قال كولفيل عنه إنه "يبدو حقيقياً"، في حين ذكر المرصد السوري أن عدد القتلى يصل إلى 681 شخصاً، وأسماؤهم موثقة لديه.
وأضاف كولفيل: "إننا ندعو سوريا مرة أخرى إلى ممارسة سياسة ضبط النفس، ووقف استخدام القوة وعمليات الاعتقال الجماعي لإخراس الأصوات المعارضة."
وأشارت المفوضية إلى استمرار عمليات الاعتقال بحق المعارضين والنشطاء في سوريا.
وأوضح كولفيل بأنه تم الاتصال مع الحكومة السورية شفهيا وكتابياً من أجل التعاون مع بعثة تقصي حقائق أممية لتقييم الأوضاع في سوريا،أن المفوضية تعد بعثة على مستوى عال في هذا الشأن، وأنها ستكون برئاسة نائب المفوض السامي، السيدة كيونغ وا كانغ، وأن البعثة مستعدة للسفر حالما تحصل على إذن بذلك بالدخول.
ودان كولفيل كذلك عمليات القتل والقمع في البحرين وأعلن أن اليمن وافقت على استقبال بعثة مراقبة من المنظمة الحقوقية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وذكر حقوقيون سوريون في وقت سابق أن ما لا يقل عن 19 قتيلاً سقطوا في عمليات القصف التي قام بها الجيش السوري لعدد من الأحياء السكنية في مدينتي حمص ودرعا الأربعاء.
وأفاد عمار القربي، رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا، بسقوط خمسة قتلى على الأقل، نتيجة قصف دبابات الجيش لموقعين في مدينة حمص، بينما سقط 13 قتيلاً في درعا، بينهم 11 شخصاً سقطوا نتيجة تعرض منازلهم للقصف بالقذائف الثقيلة، وسقط قتيلان آخران برصاص القناصة، كما قُتل آخر في منطقة "جاسم" المجاورة.
وكان تقرير للأمم المتحدة صدر في وقت سابق قد كشف أن الأسلحة الإيرانية المحظور تصديرها إلى الخارج، بموجب العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية، تجد طريقها إلى سوريا، التي تشهد أكبر احتجاجات شعبية مناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد، منذ توليه السلطة خلفاً لوالده قبل 11 عاماً.
وجاء في تقرير سري للجنة الخبراء، التابعة لمجلس الأمن الدولي، تم تسريب مقتطفات منه، أن "معظم الانتهاكات الإيرانية للحظر المفروض على صادرتها من الأسلحة تتعلق بسوريا"، وذكر أن "مثل هذه الانتهاكات، التي رصدتها اللجنة، كان يتم إخفاء المواد المحظورة بحرص شديد، لتفادي اكتشافها أثناء عمليات التفتيش الروتينية."