دمشق، سوريا (CNN) -- قال الممثل السوري رشيد عساف إن الدراما السورية "عادت إلى حدودها الطبيعة على مستوى عدد الأعمال المنتجة في موسم 2012،" معربا عن أمله عن أمله في أن تحافظ على تألقها.
وشرح النجم السوري في مقابلة مع CNN بالعربية أسباب انسحابه من مشروع مسلسل وفيلم سينمائي يجسد سيرة الشيخ حسن البنّا، وبينما يواصل تصوير دوره في مسلسل "زمن البرغوت" في دمشق، يستعد "عسّاف" لمشروعٍ مقبل عن الشيخ أحمد ياسين، مؤكداً عدم علمه بمسلسلٍ مصريٍ مماثل عن مؤسس حركة حماس.
وتالياً نص المقابلة:
ما الذي شجعكم في مسلسل "زمن البرغوت" على تكرار تجربة أعمال البيئة الشاميّة للموسم الثاني على التوالي؟
ما شجعني على اختيار مسلسل "زمن البرغوت"؛ إحساسي بأنه الأقرب في ملامسته لواقع الحياة الدمشقية بين عامي 1916 و1925، وما يطرحه هذا العمل يزيد عمره عن 200 عام، في وقتٍ كان فيه المجتمع الدمشقي مغلقاً ومعتّم عليه من قبل الأتراك الذين كانوا يحكمون بلاد الشام في تلك المرحلة من تاريخنا، هذا بالإضافة إلى الحشد الكبير من النجوم الذين يجمعهم العمل بإدارة المخرج (أحمد إبراهيم أحمد) الذي أحرز تطوراً نوعياً كمخرج عبرَ ماقدّمه من أعمال خلال المواسم الماضية.
وما الدور الذي تقدّمه في مسلسل "زمن البرغوت"؟
أؤدي شخصية (العكيد: أبو أدهم)، وأرى بأنه مختلف تماماً عن شخصيّات مماثلة قدّمت في أعمال سابقة تناولت البيئة الشاميّة، كذلك الأمر بالنسبة لمعظم شخصيات المسلسل التي تتسم بمسحة إنسانية واضحة تبتعد عن حالة فولكلورية حازت على إعجاب المشاهد العربي في المسلسلات الشاميّة، لكن هذا المشاهد بدأ يلاحق المضمون، وهو ما يركز عليه مسلسل (زمن البرغوت) الذي كتب نصّه (محمد الزيد)، كما أن العمل فيه شيء من الظرف، والواقع، والحس الرومانسي، والإنساني.
استبقت وصولك إلى "دمشق" بالإعلان عن انسحابك من مسلسل وفيلم سينمائي يتناولان السيرة الذاتية لمؤسس "جماعة الإخوان المسلمين" في مصر الشيخ حسن البنّا، نريد أن نتأكد فيما إذا كانت اعتراضات الجماعة، أو أسرة المؤسس الراحل هي وراء انسحابك من العمل؟
هذا الكلام ليس صحيحاً بالمطلق، فحينما وافقت على المشروع أول ماسألت عن موافقة أسرة الشيخ الراحل، وأكدّوا لي الموافقة، كما حضر معنا في المؤتمر الصحفي الذي عقد العام الماضي 2011 للإعلان عن المشروع ابن الشيخ (البنّا): (أحمد سيف الإسلام)، وأحد القياديين في جماعة إخوان المسلمين المصرية (محسن راضي) وهو أول من طرح فكرة المسلسل على أن تقوم شركته الإنتاجية بتنفيذه على قدر إمكانياتها، قبل أن تأتي شركة (المها) و(النور القابضة) التي ارتبطت معها بمسلسل (الحسن والحسين) لتعرض إنتاج المسلسل والفيلم وترصد لهما ميزانيات ضخمة، وطـُرِح اسمي لأداء هذه الشخصيّة، وعند استشارة أهل الشيخ الراحل وافقوا على الفور بعد رؤيتي بدور (معاوية بن أبي سفيان)، ولا أخفيك بأنني من تخوفّ في البداية من أداء هذا الدور دون تقديم مقاربة تنجح في التماهي مع ما تمثّله هذه الشخصية الوسطية والكبيرة في التاريخ الإسلامي المعاصر.
ماذا عن اعتراضات جماعة الإخوان المسلمين في مصر.. هل هذا صحيح؟
أؤكد لك بأني لم أدخل في تفاصيل أي تنسيق بين الجهة الإنتاجية التي طلبتني للمشروع: (شركة المها) و(النور القابضة)، وبين (جماعة الإخوان) في مصر، لكن المشكلة كانت في تأخر الشركة المنتجة التي كلفت أحد الكتاب بإنجاز النص، وربما اختلفت معه فيما بعد، وحينما كنت في إحدى زياراتي لدولة الإمارات نقل لي أصدقاء صحفيين تذمّر الجماعة من تأخر المشروع، فقررت الانسحاب لأنه لايمكن أن أبقي خياراتي معلقة بانتظار مشروع لم تكتمل الرؤية حوله بعد، فضلاً عن كوني مرتبط مسبقاً مع نفس الشركة بعمل يتناول السيرة الذاتية للشيخ الشهيد (أحمد ياسين) مؤسس حركة (حماس) تأجل تصويره من الموسم الفائت، كما أردت حسم خياراتي لموسم 2012، وبالفعل بمجرد إعلان انسحابي من العمل توالت العروض.
قلت أنّك مرتبط بمشروع مسلسل يتناول السيرة الذاتية للشيخ الراحل أحمد ياسين في الوقت الذي أعلن فيه بمصر عن مشروع مماثل يؤدي فيه دور البطولة الفنّان المصري حسن يوسف".. هل هو نفس المسلسل؟
لا.. أنا أسمع منكم هذا الخبر للمرة الأولى، ربما تتحدثون عن مسلسل آخر يتم التحضير له في مصر، وبكل الأحوال الفنّان (حسن يوسف) أستاذ كبير، والشيخ (أحمد ياسين) من الشخصيّات الوسطية التي أرى تسليط الضوء عليها ضرورياً في هذه المرحلة بالذات، وإذا كان هناك شركة أخرى سنتتج عملاً عنه فلنا الفخر في ذلك، لأن هذا الرجل حرّي بأن يتم تناول سيرته في عمل درامي، واعتقد أنه حان الوقت لذلك.
في الموسم الفائت 2011 جسدتم شخصية "معاوية" في مسلسل "الحسن والحسين" هذا المسلسل الذي واكبه الكثير من الجدل أثناء التحضير له وتصويره، هل مرّ هذا العمل بسلام؟ وما هي أسرار تعثّره في البداية؟
كل الضجّة التي أثيرت حول العمل كانت أثناء التحضير له وتصويره، ولكن حينما عرض في موسم رمضان الفائت مرّ بسلام، وحظي بجدلٍ كبير على المستويات الثقافية والدينية والإعلامية، وتتلخص إشكالات التصوير في أن عدة دول امتنعت عن تصويره على أراضيها لكي لا تدخل في معمعة الخلاف حول شخصياته الرئيسية، حتى أنا كممثل حينما قرأت العمل طلبت إجازته من مراجع دينية محددة، وانسحبت في البداية، وأخذ دوري أحد الأصدقاء، وبدأ تصوير المسلسل في لبنان، إلى أن توقف بسبب إشكالات فنّية، ثم عاد الدور إلي مجدداً بعد أن أطلعتني الشركة على أكثر من "11" موافقة من مرجعيات دينية كبرى في العالم الإسلامي، ليتجاوز عدد الجهات التي أفتت بالعمل الأربعين مرجعية، منها ما أجاز النص، ومنها ما وافق على النص وظهور شخصيّات الصحابة وآل البيت، وفي النهاية تم تصوير العمل بين الأردن والمغرب، وأذكر من بين المشاكل التي واجهها المسلسل أن هناك دولة كبرى في المنطقة طلبت إزالة اسم (معاوية) من عنوان العمل لتوافق عليه، واتصلت بي الشركة المنتجة وتمنّت عليّ الموافقة، ولم يكن لدي مانع في ذلك ليعرض في النهاية بعنوان (الحسن والحسين) بدلاً من (الحسن والحسين.. ومعاوية).
كنت أوّل من أدى شخصية معاوية بن أبي سفيان في الدراما.. إلى أي مدى كان هذا الأمر مربكاً بالنسبة لك؟
لاشك أن النص كان جرئياً في الطرح، لكنني حاولت بطريقة الأداء أن أكون حذراً جداً، ووسطياً، بحيث يكون أدائي بعيداً عن أي مبالغة أو إساءة، وأعتقد أنني وفقت في ذلك، السيناريو ساعدني، وكذلك المخرج (عبد الباري أبو الخير) الذي أعاننا على اجتياز هذه المعادلة الصعبة بحيث بدا أداء شخصيات: (الحسن، والحسين، ومعاوية) مقنعاً على الشاشة، ولم نجنح لأي تطرف كان يمكن أن يجد فيه أعداء العمل ضالتهم.
ما قصتك مع هذه الشخصيات المثيرة للجدل: معاوية، حسن البنّا، الشيخ أحمد ياسين، أليس غريباً أن تعرض عليك كل هذه الأعمال على مدى مواسم متوالية؟
اسألوا المخرجين عن ذلك.. في الحقيقة لا أدري أين يكمن السر في ترشيحي لأداء هذه الأدوار؟!، والأغرب من ذلك أنه عرض علي أداء شخصية (صدّام حسين)، واجتمعت مؤخراً مع المخرج (بسام سعد) والكاتب (عبد المجيد حيدر) بطلب من جهة فلسطينية كبيرة للنقاش حول ترشيحي لدور الزعيم الفلسطيني الراحل (ياسر عرفات) في مسلسل عنه.
نبقى في موسم دراما 2011 الذي شهد عودتكم للأدوار الكوميدية بشخصية "بونايف" في مسلسل "الخربة" بإدارة المخرج "الليث حجّو"، وهي من المرات القليلة في مسيرتكم التي تؤدون فيها دوراً كوميدياً رغم شهرتكم بخفة الظل... كيف كانت أصداء هذا الدور؟
بالفعل كان مسلسل (الخربة) العمل الكوميدي الذي أشارك بعد زمن طويل على أدائي لشخصيتين طريفتين في مسلسل (حارة الملح)، و(دكان الدنيا) فيما بعد للكاتب الراحل "ممدوح عدوان"، تلك الأعمال لم تكن كوميدية بقدر ما كانت طريفة، والأمر ذاته ينطبق على شخصية (بونايف)، وأشكر المخرج (الليث حجوّ) الذي رشحنّي لهذا الدور أمام الأستاذ "دريد لحّام" ونجوم آخرين، النص كان ممتازاً للكاتب (ممدوح حمادة) ولطالما أضحكنا على الورق، وأثناء أدائنا للشخصيات، وأصداء العمل كانت طيبة جداً.
منذ انطلاقتك الفنية الأولى في بدايات ثمانينيات القرن الماضي، وحتى مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة، ما أكثر ما تعتز به في هذه الدراما، وما تفتقده مؤخراً؟
لاشك أن الدراما السورية ممتازة وفي أوج تألقها اليوم، ولكنني افتقد إلى الجرأة التي كانت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهي أكثر مما هي عليه الآن بكثير على المستويين الفكري والاجتماعي، ربما لأن المسلسلات في تلك المرحلة كانت موجهه للجمهور السوري بشكل خاص وليست معنية بالمرور على سلسلة من الرقابات العربية التي تشترط ما يشبه بالوصايا العشر، هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى ورغم تألق الدراما السورية في السنوات الأخيرة إلا أنني أخشى عليها من انتكاسة خطيرة، فأنا أرى أننا لازلنا حتى الآن نعيش حالة فورة درامية لم تصل إلى مستوى صناعة يمكن حمايتها، ولن يكون ذلك إلا بالسماح للعديد من المحطات الفضائية السورية الخاصّة بالبث في سورية، بحيث تكون قادرة على استيعاب الإنتاج الدرامي السوري وبسعر جيد، حتى يتحول هذا المنتج إلى منجز، وإلا سيكون علينا الاكتفاء بالتكريمات والـ (Red carpet)، وهذا كله غير مجدي لنا كفنانين سوريين على المدى البعيد، وأعتقد أن إنتاجنا لما يزيد على الثلاثين عملاً في المواسم السابقة كان خاطئاً قياساً بحجم السوق، والدراما السورية عادت إلى حدودها الطبيعة على مستوى عدد الأعمال المنتجة في موسم 2012، ونرجو أن تحافظ على تألقها.