عمان، الاردن (CNN)-- كلف العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الوزير الأسبق والنائب المخضرم، عبدالله النسور، بتشكيل الحكومة الجديدة خلفا لرئيس الحكومة المستقيلة الدكتور فايز الطراونة، لينتقل بذلك من صفوف المعارضة النيابية إلى موقع رئيس آخر حكومة انتقالية قبل إجراء الانتخابات النيابية اﻷهم في تاريخ المملكة.
وشكل نبأ تكليف النسور برئاسة الحكومة للأوساط السياسية، صدمة واختيارا غير متوقعا بحسب مراقبين، لمواقفه المعارضة في البرلمان الذي تم حله، حيث حجب ثقته عن الحكومات الأربعة السابقة، وعارض صيغة قانون الانتخاب الحالي الذي من المقرر أن تجري الانتخابات المقبلة وفقا له.
وحظي نبأ تكليف النسور بردود فعل إيجابية أولية لدى القوى الإسلامية المعارضة، التي ذكرته بالمقابل بمواقفه السياسية المناكفة للحكومات والأجهزة اﻷمنية، فيما رأت أن التحدي اﻷكير أمامه هو القدرة على تغيير قانون الانتخاب.
وقال نائب المراقب العام لجماعة اﻹخوان المسلمين في الأردن زكي بني ارشيد في تصريح لموقع CNN بالعربية: "إن النسور هو شخصية تحظى بعلاقات إيجابية مع القوى السياسية والوطنية، ولديه مؤهلات كثيرة للنجاح في إدارة المرحلة لكنها ليست كافية."
وأعرب بني ارشيد عن أمله بأن يشكل النسور "نقلة نوعية في الإدارة السياسية" حيث يمكن التفاؤل بقدومه بحذر، فيما اعتبر أن برنامجه السياسي في إدارة المرحلة هو ما سيحدد مدى نجاحه أم لا.
وأضاف "ننتظر إعلانه برنامجه السياسي ونذكره بمواقفه المعارضة فهل يستطيع أن يخترق الإدارة السياسية وأن يستدرك ما لم تستطع الحكومات السابقة استدراكه، وهل سيعيد إنتاج المشهد السياسي القائم؟"
وفي السياق ذاته، شدد بني ارشيد على أن الحركة الإسلامية ما تزال متمسكة بمطالبها بالإصلاح ، فيما ذكّر النسور بعبارته الشهيرة التي طالب بها رئيس الحكومة الأسبق معروف البخيت، بأن تكون اﻷجهزة اﻷمنية وراء الحكومة وليس أمامها."
واعتبرت قوى معارضة يسارية أن أولى مهام الحكومة المقبلة، هي الدعوة ﻹجراء حوار وطني، والإفراج عن معتقلي الرأي الموقوفين على خلفية قضايا متعلقة بتقويض نظام الحكم.
وجاء تكليف النسور وهو من مواليد مدينة السلط اﻷردنية صباح الأربعاء، عقب انتهاء المدة الدستورية لبقاء حكومة الطراونة، التي استقالت بموجب الدستور اﻷردني، الذي قضت تعديلاته باستقالتها عقب أسبوع من قرار بحل المجلس النيابي السادس عشر، الذي أعلن في الرابع من أكتوبر الجاري ورافقه مرسوم ملكي بالدعوة إلى إجراء الانتخابات النيابية.
وتولى النسور عدة حقائب وزارية وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في التخطيط من جامعة السوروبون في باريس، فيما وصل إلى قبة البرلمان في مجالس 1989، 1993، 2010 ، كما تم تعيينه في مجلس الأعيان الذي يختار أعضاؤه الملك (الغرفة التشريعية الثانية في مجلس اﻷمة) في مجالس 1997 و2009.
ويرى مراقبون أن تكليف النسور، "خيارا توافقيا كبيرا" ضمن معطيات المرحلة السياسية الراهنة، رغم ضعف الفرصة السياسية بإحداث تغيير على المشهد السياسي لجهة تغيير قانون الانتخاب، لتعذر الخيارات الدستورية أمام ذلك، فيما رأت أنه قادر على "إدارة المرحلة السياسية" والتواصل بفعالية مع قوى المعارضة المقاطعة للانتخابات.
الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد أبو رمان، يرجح من جهته أن يدير النسور المرحلة السياسية بكفاءة، خاصة أنه محسوب على "المعارضة الملتزمة بثوابت الدولة اﻷردنية" وضمن محددات اللحظة السياسية الراهنة.
ويرى أبو رمان في تصريح لـ CNN بالعربية، أن من أبرز مميزات الرئيس الجديد، مواقفه الواضحة حيال "ألوحدة الوطنية" ورفضه للنعرات الإقليمية والعنصرية، فيما اعتبر أن معارضته لقانون الانتخاب الحالي تشكل "مفارقة" سياسية بامتياز.
وفي الوقت الذي يرجح مراقبون إجراء الانتخابات مطلع شهر فبراير كحد أقصى وكاستحقاق دستوري، رجح أبو رمان إجراءها وفقا للقانون الحالي دون تغيير، خاصة مع تجاوز أعداد المسجلين للانتخابات حاجز المليونين.
وأشار "أن النسور سيتعاطى مع المشهد الحالي بمرونة كبيرة."
وبين أبو رمان "النسور شخصية سياسية عنيدة وبراغماتية، المدة الزمنية أمامه محدودة لكنه قادر على التواصل مع القوى الإسلامية واختراقها ."
وتواجه حكومة النسور تحديا كبيرا في إقناع قوى المعارضة المقاطعة للانتخابات المقبلة، مع التأكيدات الملكية بإرساء مبدأ الحكومات البرلمانية عقبها، وهو ما يتعذر إلى حد كبير بحسب مراقبين، مع غياب المكون المعارض اﻷبرز في البلاد عن المشهد الانتخابي.
وفي الإطار، يرجح المحلل السياسي ماهر أبو طير، تقدم النسور بمحاولة إقناع الحركة الإسلامية على المشاركة ، لتقديم فقط "ضمانات" لنزاهة الانتخابات ووفقا لقانون الانتخاب الحالي القائم على صوت للدائرة الفردية وآخر لقائمة وطنية بواقع 27 مقعدا.
ويرى أبو طير الذي رأى بأن تكليف النسور كان متوقعا، بأن خيارات الدولة باتت محسومة أمام العملية السياسية ، فيما ذهب أبو رمان بالقول إن الخيار لن يتجاوز تقديم ضمانات للإسلاميين في الانتخابات مرحليا، قد يتبعها وعود بخطوات إصلاحية أوسع في البرلمان المقبل .
وتطالب القوى الإسلامية بتغيير قانون الانتخاب كشرط للمشاركة في الانتخابات، عدا عن مطالبات بتعديلات دستورية تنص على تشكيل "حكومات برلمانية" واضحة.
وأشارت مصادر مطلعة لـ CNN بالعربية، إن النسور علم بتكليفه برئاسة الحكومة في وقت مبكر فقط من صباح الأربعاء، فيما شهد اﻷسبوع المنصرم مداولات بشأن أسماء أخرى .
كما تواجه حكومة النسور، تحديا أمام جملة من القرارات "غير الشعبية" المتوقعة لجهة رفع الدعم عن أسعار السلع، كاستحقاق اقتصادي لمواجهة أزمة اقتصادية تمر بها البلاد.
ووجه العاهل اﻷردني الرئيس الجديد في كتاب التكليف، بدعم دور الهيئة المستقلة للإشراف على الانتخابات، وإجراء حوارات مع القوى السياسية لتشجيعها على المشاركة الفاعلة في الانتخابات، وحث اﻷحزاب السياسية لتبني برامج عملية ومنطقية تقنع الناخبين، فيما وجه الحكومة أيضا لتطبيق مستلزمات الإصلاح الاقتصادي والمالي.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.