عمان، الأردن (CNN)-- يستبعد سياسيون وناشطون أردنيون من قطاعات مهنية مختلفة، انتهاء حالة الحراك الشعبي في البلاد، التي بدأت منذ أكثر من عام، تزامنا مع اقتراب إقرار الحكومة الأردنية مشروع قانون انتخاب جديد، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة قبل نهاية العام الجاري.
وشهدت البلاد حالة من الجدل السياسي بصورة متصاعدة خلال الاسبوعين الماضيين، تخللها مشاورات ماراثونية بين الحكومة والأحزاب والقوى السياسية من مختلف التيارات، حول طبيعة النظام الانتخابي المرتقب.
وخلقت تسريبات قبل أيام، حول اقتراح نظام مختلط لا يعتمد مبدأ التمثيل النسبي، عاصفة من الجدل والانتقادات الحادة للسلطة التنفيذية، واتهام جهات أمنية وقوى شد عكسي بالتدخل في الولاية العامة للحكومة.
وتتقاطع مطالب القوى السياسية الاسلامية واليسارية والقومية والمستقلة، على ضرورة اعتماد التمثيل النسبي، والتخلص من مبدأ الصوت الواحد الذي أقر منذ عام 1993 في البلاد.
ويعزو مراقبون حالة الارباك، إلى تأخر الحكومة في إجراء المشاورات مع القوى السياسية حول القانون، معتبرين أن إجراء انتخابات مبكرة استنادا إلى توافقات وطنية، من شأنه أن "يخفف" من حالة الاحتقان الشعبي، بما في ذلك الحراك في الشارع.
ويرى المستشار السابق في الحكومة الأردنية، والمتحدث باسم الانتخابات النيابية الأخيرة 2010 سميح المعايطة، بأن إقرار قانون انتخاب جديد لا يعني إنهاء حالة الحراك الشعبي الاحتجاجي في الشارع الاردني، و"ان الغاية الرئيسية من إجراء الانتخابات هي عودة الحراك للعمل من خلال المؤسسات الدستورية."
ويعتقد المعايطة في تصريح له لموقع CNN بالعربية، أن مطالب خدمية وعمالية لقطاعات واسعة في البلاد، لم تتحقق، مشيرا إلى أن "الأهم هو استكمال المنظومة التشريعية للحياة السياسية."
وقال:" منذ بدء الحكومة عملية الاصلاح السياسي ونحن نقترب من تنفيذ مطالبات الشارع، وحتى على صعيد مكافحة الفساد قطعنا شوطا مهما في ردع الفاسدين.. لكن إجراء انتخابات نيابية من شأنها ان تسقط الحجة المتعلقة بالتشكيك بشرعية مجلس النواب الحالي، ويتحقق تمثيل الشعب فيه."
وانطلقت شرارة الحراك الأردني في السابع من يناير/ كانون الثاني عام 2011، فيما زاد عدد المسيرات الاحتجاجية والفعاليات، بحسب إحصاءات جهاز الأمن العام الأردني منذ ذلك الوقت عن 4 آلاف مسيرة ووقفة احتجاجية واعتصام، شهدت الاشهر الثلاثة الاولى من العام الجاري فيها تزايدا ملحوظا.
وقال مصطفى الرواشدة، أحد أبرز رموز حراك المعلمين الذي نفذ أوسع إضراب في تاريخ المملكة، إن القطاعات المهنية المختلفة تحتفظ بأحقيتها بالاستمرار بالحراك "السلمي والمنظم".
وأضاف يقول لموقع CNN بالعربية، إن المطالب الاصلاحية لا تقف عند إجراء انتخابات نيابية، بل إنها تنسحب على جملة من المطالب المتعلقة "بفرض سيادة القانون."
ورأى الرواشدة، المرشح لانتخابات المرحلة الثانية لموقع اول نقيب لمعلمي الأردن، أن استحقاقات عديدة لن يتوقف الشارع عن المطالبة بها ذات منحى اقتصادي واجتماعي، من بينها " إعادة النظر في قوانين تمس الاوضاع المعيشية، كقانون المالكين والمستأجرين، ورواتب القطاع العام، وانتخابات المجالس البلدية، ومعالجة قضايا الفقر والبطالة وغيرها.
إلا أن تيار المعارضة السياسية، يتمسك أيضا بأحقية الشارع بالاستمرار في الحراك والنزول إلى الشارع، معتبرا أن حالات الاعتقالات بين صفوف الناشطين السياسيين مؤخرا، تعتبر مؤشرا على "استمرار تدخل الأجهزة الأمنية" في الحياة السياسية، وغياب إرادة الاصلاح.
وهاجمت قيادات في جماعة الإخوان الحكومة على خلفية التسريبات، داعية إياها إلى استبدال " الشعب الاردني بآخر حتى لا يفوز الاسلامييون."
من جهته، انتقد المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، سالم الفلاحات، أداء حكومة عون الخصاونة الحالية، وما وصفه بـ "عجزها عن ممارسة ولايتها العامة،" مؤكدا أن الحراك الشعبي "ليس قرارا فرديا لطرف ولا حتى بيد أي حزب سياسي في البلاد."
ويرى الفلاحات أن الحكومة تراجعت عن وعودها بشأن قانون الانتخاب، وأن تزايد الاعتقالات بين صفوف الناشطين السياسيين، وتوجيه تهم بإطالة اللسان إليهم، من شأنه أن يفقد الثقة بين الحكومة والشارع مجددا.
وقال الفلاحات، الذي يتبنى حملة يدعو فيها لتطبيق الملكية الدستورية في البلاد :"طالبت الحركة الاسلامية بالتمثيل النسبي عام 2007، واليوم نحن في زمن الربيع العربي وما يزال مطلب التمثيل النسبي بعيد التحقيق... الحكومة لم تلتزم بوعودها والحديث عن الولاية العامة للحكومة هو كذبة كبيرة."
إلا أن الفلاحات ما يزال يؤكد بأن سقف المطالب في الشارع لم يتجاوز حدوده الملتزمة بالدعوة إلى "إصلاح النظام الملكي الحاكم،" بما في ذلك جماعة الإخوان، التي لم تتجاوز للآن الشعار المطروح، وتؤكد التزامها به، ولم تدع إلى تغييره.
واتجهت أصوات معارضة محدودة في الشارع الأردني، إلى رفع سقف الشعارات المطلبية والمطالبة برحيل النظام الحالي أو الدعوة إلى إسقاطه، وهو ما دفع بالسلطات الأردنية إلى اعتقال ناشطين خلال احتجاج يوم الحادي والثلاثين من مارس/ آذار، وتوجيه الادعاء العام تهم إطالة اللسان، وسط مطالب بالافراج عنهم.
ولايرى ناشطون سياسيون أن مطالبة البعض برحيل النظام ليست "بمطالب محل إجماع في الشارع الاردني،" وفق ما أكده المعارض جمال الطاهات في وقت سابق لموقع CNN بالعربية، وأنها تشكل ردة فعل تعبر عن حالة غضب في الشارع.
ومن المتوقع ان يشهد غدا الجمعة، عودة ملحوظة للحراك في عدد من محافظات البلاد، بحسب توقعات مراقبين على خلفية اعتقالات الناشطين، رغم تأكيدات حكومية بقرب الافراج عنهم.
وأصدرت مجموعة من الحراكات الشعبية والشبابية في الأردن، بمن فيهم ما يعرف بحركة 24 آذار، بيانا حصلت CNN على نسخة منه، دعت فيه النظام الأردني إلى إنهاء حالة العنف الموجه ضد الناشطين.
وانتقدت الحراكات في البيان، النظام الحاكم، محملة إياه مسؤولية العنف ضد الناشطين، ومؤكدة في الوقت ذاته على استمرار الحراك وسلميته.
وبدأت قضية اعتقال ناشطين في محافظة الطفيلة جنوب البلاد في السادس من مارس/ آذار، على خلفية اعتصام لعدد من العاطلين عن العمل طالبوا فيه الحكومة بتوفير فرص عمل لهم.