القاهرة، مصر (CNN)-- ما زالت حالة الانقسام تسيطر على الشارع المصري، قبل ساعات من إقامة مباراة "كأس السوبر"، بين فريقي الأهلي وإنبي، والتي تُعد بمثابة النشاط الكروي في مصر، بعد توقف دام عدة شهور، بين من يطالب بإلغاء المباراة، ومن يؤيد إقامتها بموعدها.
أبرز المواقف اللافتة التي أثارت الجدل مجدداً حول مباراة السوبر، جاءت من جانب المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين"، الذي دعا، في صفحته بموقع "تويتر"، إلى إلغاء المباراة، قائلاً إن "التعلل بالحفاظ على هيبة الدولة، بإقامة مباراة السوبر، هو حق يراد به باطل؛ هيبة الدولة المنشودة تتحقق بمعاقبة الجناة الفعليين في مذبحة بورسعيد."
كما دعا الشاطر، والذي كان المرشح الرئيسي لجماعة الإخوان بانتخابات رئاسة الجمهورية، قبل أن تستبعده لجنة الانتخابات لصدور حكم قضائي ضده، صحيفة "الحرية والعدالة"، الناطقة باسم الحزب الذي يحمل نفس الاسم، وهو الذراع السياسية للجماعة، للإعتذار إلى "ألتراس" الأهلي، الذين هددوا باقتحام ملعب المباراة، في مدينة برج العرب بالإسكندرية.
وكتب القيادي الإخواني في هذا الصدد قائلاً: "صحفيو الحرية والعدالة أخطأوا، وهم بالتأكيد لا يدركون حقيقة موقف الألتراس، وأرى أن يعتذر رئيس التحرير"، حيث كانت الصحيفة قد شنت هجوماً مؤخراً على ألتراس الأهلي، واتهمتهم بأنهم يسعون لإثارة المزيد من الأزمات في الشارع المصري.
أما "حركة 6 ابريل"، فقد أصدرت بياناً تطالب فيه بعدم إلغاء المباراة، وأكدت أنه تم "القصاص من القتلة ومحاسبة المخطئ"، فيما يتعلق بأحداث "مجزرة بورسعيد"، التي راح ضحيتها 74 من مشجعي الأهلي، في الأول من فبراير/ شباط الماضي، والتي تسببت في إلغاء بطولة الدوري، وتوقف النشاط الكروي بصورة "شبه تامة" في مصر.
وقالت الحركة، في بيان تلقت CNN بالعربية نسخة منه الأحد: "هناك من يسأل: هل من حق أحد أن يطالب بإلغاء مباراة كرة القدم التي ستنعقد يوم 9 سبتمبر (أيلول)؟.. كيف يطالب أحد بذلك بعد أن تم القصاص من القتلة ومحاسبة المخطئ.. كيف يطالب أحد بذلك بعد أن شفيت صدور كل عائلة فقدت نجلها في مباراة هزت قلوب المصريين، وسالت فيها دماء شباب أقصى جرمهم أنهم أرادوا مشاهدة مباراة كرة قدم؟"
وحول ما أعلنه حزب "الحرية والعدالة" على صفحات جريدته، ولسان من يعبر عنه، عن أن مطالب الألتراس هي محض مطالب فئوية، ودعوات لإثارة الأزمات في البلاد، تابع البيان: "هل أصبح إلغاء مباراة كرة حقناً للدماء، أزمة؟.. والإدعاء بأنهم يريدون كسر هيبة الدولة.. فهل هيبة الدولة تكون بالتعامل الأمني مع المواطن بضياع حقه.. هيبة الدولة، التي تعتبر دم أبناء الوطن أقل حرمة من هدم جدران حائط."
وأضاف البيان: "كما إنهم يريدون أن يؤكدوا على أن الأمن متقاعس عن أداء مهامه.. كيف تقاعس الأمن عن أداء مهامه في هذه المباراة، وهو كان متواجد داخل الملعب وخارجه لحفظ الأمن.. وكما قال الحاكم العسكري لبورسعيد إن تزاحم الجماهير هو ما أدى لهذه المذبحة."
واستطردت الحركة في بيانها بالقول: "لكل ما سبق وأكثر، فإن حركة 6 أبريل تدعم وتؤكد على المطلب الذي أعلنه شباب الألتراس بإلغاء هذه المباراة، وما يليها من مباريات الدوري، حتى يتم القصاص لزهور الوطن، ممن أزهقت أيديهم أرواحهم، سواء بالفعل أو المشاركة، أو حتى من سكت على هؤلاء القتلة ولم يحاسبهم، وعلى رأسهم القائمون على إقامة - إضاعة - الأمن."
وفيما أكدت حركة 6 أبريل أن "هذا المطلب لا يعد تجرأ على هيبة الدولة، ولكنه إقامة لهيبتها عن طريق إحقاق الحق وإقامة العدل"، فقد حذرت من أن "تسيل نقطة دم واحدة، بسبب إصرار البعض على إقامة هذه المباراة، ممن يستخدمون الرياضة في هذه البلد للتربح.. فلا مكان للمال أمام الدم الذي سال.. ولن يسمح أحد باستمرار هؤلاء المتاجرون بحياة أبناء الوطن، في سبيل تحقيق مصلحتهم الخاصة."
يُذكر أن وزارة شؤون الرياضة كانت قد قررت، في وقت سابق السبت، تأجيل انطلاق بطولة الدوري لمدة شهر، على أن تبدأ في 17 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بدلاً من 17 سبتمبر/ أيلول الجاري، بسبب استمرار حالة الانفلات الأمني، رغم أن الوزارة أكدت في بيان سابق الجمعة، تمسكها بعودة النشاط الكروي في المواعيد التي حددتها، بعد توقف دام أكثر من 6 شهور، وشددت على أنها لن تقبل ضغوط بعض الجماهير.
من جانب آخر، ما زالت قضية نجم الأهلي، محمد أبوتريكة، تثير جدلاً واسعاً بين جماهير الكرة في مصر، بعدما أعلن اللاعب اعتذاره عن المشاركة في مباراة السوبر، مما يضعه تحت طائلة العقوبات، خاصةً بعدما نشرت صفحته الرسمية بياناً باسمه، يؤكد فيه تضامنه مع مطالب الألتراس بإلغاء المباراة، وعدم استئناف النشاط الرياضي، حتى "الحصول على حقوق شهداء مجزرة بورسعيد."
وقال أبوتريكة، في البيان المنسوب إليه على صفحته، دون أن تتمكن CNN بالعربية من التأكد من مصداقيته، إن "كل المباريات التي شاركت فيها، كانت بعد إذن مسبق من أصحاب الفضل علىّ، بعد المولى عز وجل، في صنع نجوميتي، شباب الألتراس، وأهالي الشهداء."
وأضاف قائلاً: "وعندما قرر أهالي الشهداء، وشباب جروب ألتراس أهلاوي، وألتراس ديفيلز، عدم الموافقة على المشاركة في مباراة كأس السوبر، فإنني قررت عدم المشاركة، وانشقاقي عن قرار مجلس الإدارة بإجباري على المشاركة، أو توقيع عقوبة علىّ، فأنا مع رغبة أهالي الشهداء، حتى لو اتخذت قراراً باعتزال اللعب نهائياً، احتراماً للشهداء، وأهالي الشهداء، و قرار ألتراس."
وكان اللاعب نفسه قد أكد في تصريحات للصحفيين السبت، أنه لا يفكر من قريب أو من بعيد في الاعتزال، مؤكداً استمراره في مشواره مع الأهلي، كما أكد أنه يحترم أية قرارات تصدر بشأنه من قبل الجهاز الفني أو إدارة النادي، بعد اعتذاره عن المشاركة في مباراة السوبر.
وفي تصريحات لـCNN بالعربية الأحد، قال حازم الحديدي، مدير أعمال أبوتريكة، إن "القضية ليست فقط في تضامن اللاعب مع الألتراس أو أهالي الشهداء، ولكنه يعاني من حالة نفسية شديدة، بسبب اقتحام الجماهير لمقر النادي، ومقر اتحاد كرة القدم، وهذا ما يجعله غير قادر على اللعب في هذه الأجواء."
أما سيد عبد الحفيظ، مدير الكرة في النادي الأهلي، فعلق على قرار أبوتريكة، قائلاً لـCNN بالعربية إن "النادي متضامن مع حقوق أهالي الضحايا، ولكن هذا الأمر يحكمه القانون والقضاء، وليس كل واحد على مزاجه"، بحسب قوله، مشيراً إلى أن لجنة الكرة بالنادي سوف تجتمع بعد المباراة، للنظر في مصير اللاعب أبوتريكة.