تونس (CNN)-- ما بين آمال عريضة وواقع عصيب، تستضيف العاصمة التونسية الجمعة، اجتماعاً لما يُعرف بـ"مجموعة أصدقاء سوريا"، في محاولة جديدة ضمن سلسلة جهود دولية لوقف "آلة القتل"، التي تحصد عشرات الضحايا يومياً، في الدولة التي توقف عندها "الربيع العربي" طويلاً، ليمتد إلى باقي فصول العام.
وبينما استبقت الأمم المتحدة اجتماع تونس، الذي يُعتقد أنه أكبر اجتماع دولي حول الأزمة السورية، بالإعلان عن تقرير لجنة "تقصي الحقائق"، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بالمنظمة الدولية، فقد شهدت الساعات التي سبقت الاجتماع، سقوط ما يزيد على 63 قتيلاً في مختلف أنحاء سوريا الخميس.
وتحدث التقرير عما أسماها "جرائم ضد الإنسانية، ترتكب في سوريا، بمعرفة وموافقة واضحة من أعلى مستويات الدولة"، في إشارة إلى نظام الرئيس بشار الأسد، الذي يواجه انتفاضة شعبية واسعة تنادي برحيله، هي الأكبر من نوعها منذ توليه رئاسة الجمهورية السورية، خلفاً لوالده، قبل نحو 12 عاماً.
ورغم أن السلطات السورية لم تسمح بدخول لجنة تقصي الحقائق، إلا أن اللجنة قالت في تقريرها، إنها سلمت المفوضة السامية لحقوق الإنسان مظروفاً مغلقاً، يحوي أسماء أشخاص يتحملون المسئولية الكبرى عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
يأتي انعقاد مؤتمر "أصدقاء سوريا" وسط حالة من اليأس تخيم على الجهود الدولية المبذولة لدفع الرئيس السوري على وقف "حملة القمع الوحشية"، التي تشنها القوات الموالية لنظامه، لسحق احتجاجات المعارضة، التي انطلقت قبل عام، سقط خلالها آلاف القتلى والجرحى.
ويتطلع زعماء العالم، خلال مؤتمر "أصدقاء سوريا"، إلى تصعيد الضغوط ضد نظام الأسد، ووصفت الولايات المتحدة المؤتمر بأنه "جزء من جهودنا المستمرة مع أصدقائنا وحلفائنا والمعارضة السورية، لبلورة الخطوات المقبلة لوقف ذبح الشعب السوري."
وقد دعي إلى المؤتمر أكثر من 70 دولة، من بينها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، بما فيها روسيا والصين، اللتين أجهضتا مؤخراً قرار مجلس الأمن الدولي، بهدف وقف العنف في سوريا.
وفيما أعلنت روسيا صراحة أنها لن تشارك في اجتماعات تونس، حيث تعتبرها موسكو "تمهد لتكرار السيناريو الليبي في سوريا"، لم تحسم الصين موقفها رسمياً بعد، إلا أن تقارير إعلامية أفادت بأن بكين اتخذت قرارها بالفعل بمقاطعة مؤتمر "أصدقاء سوريا."
وقبل إعلان الموقف الرسمي للصين بشأن اجتماع تونس، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند: "إذا اختارت الصين قبول الدعوة، فهذا سيكون بالتأكيد علامة ايجابية، تبدي استعدادها للعمل مع البقية لمحاولة وضع حد للعنف."
وعلى صعيد التطورات الميدانية، أفادت لجان التنسيق المحلية للثورة السورية بسقوط 88 قتيلاً على الأقل، خلال المواجهات مع القوات الحكومية الخميس، من بينهم 14 طفلاً، وناشط إعلامي، بالإضافة إلى أحد الجنود، تمت تصفيته، بعدما رفض إطلاق النار على المواطنين.
وقالت لجان التنسيق، والتي تتولى تنظيم وتوثيق الاحتجاجات ضد الأسد، إنه تم العثور على 17 جثة لأشخاص مجهولين في سجن عسكري بمنطقة "جبل الزاوية" بمحافظة إدلب، وأبلغ سكان محليون الجماعة المعارضة بأن هذه الجثث يُعتقد أنها لجنود تمت تصفيتهم بعد انشقاقهم عن الجيش النظامي.
وأشارت لجان التنسيق إلى سقوط 24 قتيلاً في حماة، و18 في إدلب، تسعة قتلى في دير الزور، وسبعة في درعا، وخمسة في القنيطرة، وأربعة قتلى في حمص، بالإضافة إلى قتيلين في الرقاع، ومثلهما في ريف دمشق، وقتيل واحد في حلب.
كما أفادت مصادر المعارضة باستمرار القصف العنيف على مدينة حمص، التي أصبحت مركزاً للمقاومة ضد قوات الأسد، والتي تتعرض لقصف عنيف وحصار شامل من قبل القوات الحكومية، منذ 20 يوماً.
يشار إلى أن CNN لا يمكنها التأكد من صحة هذه الأخبار بشكل مستقل نظراً للقيود التي تفرضها السلطات السورية على حركة المراسلين الأجانب.
وضمن الجهود الدولية المبذولة لوقف نزيف الدم في سوريا، أفاد مصدر رفيع في الأمم المتحدة بأن الأمين العام السابق للمنظمة الدولية، الغاني كوفي عنان، قد يتم تسميته كمبعوث خاص للمنظمة في سوريا، على أن يمارس مهامه بالتنسيق مع جامعة الدول العربية.
يُذكر أن روسيا والصين أحبطتا مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي، يدعم دعوة جامعة الدول العربية للرئيس السوري للتنحي، ويدين الحكومة السورية، حيث استخدمت موسكو وبكين حق النقض "الفيتو" ضد القرار المقدم من المغرب، والذي صوت لصالحه 13 عضواً بالمجلس.