مصر تحرك سعر الجنيه أمام الدولار تزامنا مع رفع سعر الفائدة.. هذا ما قاله خبراء لـCNN
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- خفضت الحكومة المصرية قيمة الجنيه المصري، الإثنين، وحركت سعر صرفه أمام الدولار الأمريكي، تزامنًا مع زيادة سعر الفائدة لامتصاص تخارج الاستثمار الأجنبي من البلاد والسيطرة على موجة التضخم العالية.
وبلغ متوسط سعر صرف الجنيه أمام الدولار 18.15 جنيه للشراء، و18.29 جنيه للبيع بدلا من بحسب بيانات البنك المركزي المصري. وذلك بدلا من 15.64 جنيهًا للشراء و15.74 جنيهًا للبيع.
وقالت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث بشركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، إن البنك المركزي المصري اتخذت عدة قرارات مترابطة، وهي تحريك سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الفائدة بنسبة 1% وطرح البنوك العام شهادات ادخار مرتفعة العائد بهدف السيطرة على معدل التضخم، وفي الوقت نفسه عدم التأثير سلبًا على مستهدف معدل النمو في مصر أو عجز الموازنة للدولة، علاوة على تعويض أصحاب المدخرات عن التضخم المتوقع خلال هذا العام.
وأوضحت "السويفي"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن قرار البنك المركزي بتحريك سعر صرف الجنيه جاء متوافقًا مع توقعات العديد من المؤسسات ومراكز البحوث المحلية والدولية للقيمة العادلة لسعر الجنيه.
ورجّحت أسباب تحريك سعر الجنيه إلى الضغوط الاقتصادية العالمية بدايةً من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد منذ عامين، وتلاها تشديد السياسة النقدية في الدول المتقدمة، على رأسها الولايات المتحدة، وأخيرًا الحرب الروسية الأوكرانية مما دفع البنك المركزي المصري لتحريك سعر الجنيه، لمنع أي تكهنات أو ضغوط تؤثر سلبًا على الاحتياطي النقدي الأجنبي.
وقبل 3 أيام من الاجتماع الرسمي، عقدت لجنة السياسة النقديـة للبنك المركزي المصري، اجتماعًـا استثنائيًا، ورفعت سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.25% و10.25% و9.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75%..
وأشار الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن قرار البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بجلسة استثنائية، جاء بعد زيادة الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بنسبة 0.25% وما تبعه من زيادة في أسعار الفائدة في البنوك الفيدرالية في أوروبا والدول الخليجية، إضافة إلى التصاعد المستمر لمعدل التضخم العالمي بشكل مخيف، الذي جاء متواكبًا لتعافي الاقتصاد العالمي عقب جائحة كوفيد-19، والحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت على تصدير الحبوب والغاز عالميًا.
وأشاد "الفقي"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، بقرارات البنك المركزي، وحدد أربعة أسباب تقف وراء ذلك - من وجهة نظره – وهي: رفع أسعار الفائدة بنسبة 1% من شأنه أن يلجم التضخم، وإرسال إشارة إيجابية لمؤسسات التصنيف الائتماني الأجنبية إلى تكيف البنك المركزي المصري مع التغيرات العالمية، والحفاظ على جاذبية الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين، التي شهدت تخارجًا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، ومع زيادة الفائدة سيؤدي إلى وقف صافي تخارج الاستثمار الأجنبي.
إلى جانب أن البنك المركزي يمهد الطريق للجوء لصندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد، حسب الفقي الذي الذي توقع اتجاه البنك المركزي لهذه الخطوة خلال الفترة المقبلة.
في حين أشار "الفقي" إلى تداعيات سلبية سترتبط برفع الفائدة في مصر، موضحًا أن ذلك سيحدث زيادة في عجز الموازنة نتيجة اقتراض الحكومة من البنوك المحلية بعد ارتفاع الفائدة من 13.5% إلى 15%، مما يشكل ضغطًا على الموازنة الحالية والمقبلة.
كما توقع "الفقي" ارتفاع تكلفة الاقتراض على القطاع الخاص مما يؤدي إلى خفض الإقبال على التوسعات في المشروعات، ويزيد من تباطؤ النشاط الاقتصادي على نحو ينعكس سلبًا على نمو الاقتصاد المصري.
بينما اعتبرت "السويفي" أن الرفع "الحذر" للفائدة جاء حتى لا يؤثر سلبًا على عجز الموازنة أو مستهدفات معدل النمو للقطاع الخاص وللشركات.
وحقق الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 9% خلال النصف الأول من العام المالي 2021/2022، وهو أعلى معدل نمو نصف سنوي منذ بداية الألفية، مدعومًا بالنمو الكبير في الربعين الأول والثاني.
وحسب بيان رسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 121.4 نقطة لشهر فبراير/ شباط 2022، مُسجلًا ارتفاعًا قدره 2% عن يناير/ كانون الثاني الماضي.
وسجّل معدل التضخم السنوي في مصر نسبة 10% لشهر فبراير/ شباط 2022 مقابل 4.9% لنفس الشهر من العام السابق.
وقالت "السويفي" إن معدل التضخم في مصر كان في طريقه للوصول إلى مستوى 11% بعد انتهاء مخزون السلع الأساسية من مصر، وبدء الاستيراد بالأسعار العالمية الجديدة مما انعكس على زيادة الأسعار في مصر تدريجيًا بداية من أكتوبر/ تشرين الأول 2021 إلى الآن، لذا فإن رفع سعر الفائدة كان ضروريًا للسيطرة على مسار التضخم المتصاعد، فضلا عن الحفاظ على الفائدة الحقيقية في مصر، حسب قولها.
ويستهدف البنك المركزي المصري، تحديد معدل التضخم المستهدف في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022 عند 7% (±2%) مقارنة بـ 9% (±3%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2020.
وأشارت "السويفي" إلى أن بنوك القطاع العام لطرح شهادات ادخار مرتفعة العائد 18% لمدة عام لتشجيع الادخار بالجنيه المصري، وتعويض المدخرين عن التضخم الذي سيتم خلال العام.
في نفس السياق، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق، الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار، إن قرار البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بنسبة 1% جاء إجباريًا بعد زيادة البنوك المركزية في معظم الدول لأسعار الفائدة، وبالتالي كان من الضروري زيادة أسعار الفائدة في مصر للحفاظ على جاذبية استثمار الأجانب في أدوات الدين، لافتًا أن مصر تقدم أعلى سعر فائدة حقيقية في العالم.
وأشار "توفيق"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، إلى أن رفع أسعار الفائدة جاء لمواجهة زيادة معدل التضخم محليًا، غير أنه حذر من التداعيات السلبية للقرار على عجز الموازنة العامة للدولة، في ظل أن الحكومة المصرية أكبر مدين للبنوك.
كما حذر من طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد سيؤدي إلى تكالب المدخرين على البنوك العامة لشراء هذه الشهادات، مما سيؤثر على السيولة بالقطاع المصرفي.
وفسر "توفيق" تحريك سعر صرف الجنيه حتى لا يؤدي لوجود سعرين للدولار، مذكرًا بما حدث قبل قرار تحرير سعر صرف الجنيه في عام 2016 عندما كان يباع سعر الدولار في البنوك بـ8 جنيهات في حين يباع في الأسواق بسعر 18 جنيه.