لماذا سجلت البورصة المصرية صعودا قياسيا بعد خفض الجنيه؟
القاهرة، مصر (CNN)-- حصدت البورصة المصرية مكاسب من قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، حيث ارتفع المؤشر الرئيسي "إيجي إكس 30" بإجمالي 690 نقطة ليغلق عند مستوى 11663 نقطة، ويتبقى نسبة 2.39% فقط لتعويض خسائره منذ بداية العام، وربح رأس المال السوقي 38.8 مليار جنيه (2.1 مليار دولار) خلال جلستين فقط.
وأكد خبراء بسوق المال أن الصعود القياسي لمؤشرات البورصة خلال جلستين منذ قرارات البنك المركزي ، يأتي نتيجة للانخفاض في قيمة أصول الشركات المقيدة بعد التعويم الجزئي للجنيه، متوقعين عودة المؤسسات الأجنبية للشراء مرة أخرى بسوق المال المصري، في ظل تدني أسعار الأسهم، وتحقيق الاقتصاد معدلات نمو إيجابية.
وأعلن البنك المركزي بشكل مفاجئ، الاثنين الماضي، رفع سعر الفائدة بنسبة 1% في اجتماع استثنائي قبل الاجتماع المقرر للجنة السياسة النقدية يوم الخميس من هذا الأسبوع، وتلاه تخفيض في سعر صرف الجنيه أمام الدولار والذي سجل متوسط 18.43 جنيه للشراء، و18.56 للبيع طبقًا لأسعار صرف البنك المركزي.
وقال محمد ماهر رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية-إيكما، إن تحريك سعر صرف الجنيه، أدى إلى زيادة إقبال المستثمرين الأجانب على شراء أسهم في البورصة، باعتباره أسرع وسيلة لشراء الأصول، وهو أمر معتاد بعد أي تخفيض في سعر الصرف، مضيفا أن البورصة المصرية حققت صعود قوي خلال جلسة الاثنين، وفي بداية جلسة الثلاثاء قبل أن يتم تقليص هذه الأرباح في آخر الجلسة.
وذكر ماهر، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن البورصة بجانب ما استفادته من قرارات البنك المركزي، مازالت تنتظر حزمة حوافز جديدة من الحكومة، غالبا ما سوف تتضمن حوافز سواء على جانب العرض بإعلان مواعيد طروحات الشركات الحكومية، أو على جانب الطلب بزيادة استثمارات صناديق المعاشات والبريد وعددا من البنوك الحكومية بالبورصة.
وحول تأثير انعكاس قرارات البنك المركزي على شركات البورصة، يرى محمد ماهر، أن هناك تباينا في تأثير قرارات على أداء شركات البورصة، حيث تتأثر الشركات التي تركز على التصدير للخارج إيجابا بعد تخفيض سعر صرف الجنيه مما يزيد من تنافسية منتجاتها، والعكس بالنسبة للشركات التي تستورد المواد الأولية، والتي ستضطر لرفع الأسعار مما يؤثر على مستوى مبيعاتها.
وأرجعت رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة، صعود سوق المال المصري خلال الجلستين الماضيتين تعويضا للانخفاض في قيمة أصول الشركات المقيدة بعد التعويم الجزئي للجنيه، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأصول لمستويات مغرية شجعت عودة المؤسسات المصرية والعربية مرة أخرى، غير أن يعقوب أشارت إلى أن قرار البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة بنسبة 1% يرفع من تكلفة الاقتراض ويحد من قدرة الشركات على تمويل توسعاتها المستقبلية.
وأشارت يعقوب، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إلى إعلان صندوق أبو ظبي السيادي استثمار 2 مليار دولار في 5 أسهم مقيدة بالبورصة ومنها حصة بنسبة 18% من البنك التجاري الدولي وشركة فوري للبنوك والمدفوعات الإلكترونية و3 شركات أخرى لم تعلن عنها بعد، وتأتي هذه الأنباء بعد استحواذات إماراتية تم وجاري التفاوض بشأنها على شركات مصرية، أبرزها استحواذ الدار الإماراتية على شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار-سوديك خلال الربع الأخير من العام الماضي، وعرض بنك أبو ظبي الأول على شركة المجموعة المالية هيرميس.
وأعلنت شركة المجموعة المالية هيرميس القابضة، خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، تلقيها عرض شراء مبدئي غير ملزم من بنك أبو ظبي الأول لاستحواذ نقدي محتمل على حصة أغلبية بنسبة لا تقل عن 51% من أسهم رأس مال الشركة بسعر شراء تقديري 19 جنيها للسهم، وحددت إتمام الصفقة وتحديد السعر النهائي مشروطا بإجراء عملية الفحص النافي للجهالة على الشركة والحصول على الموافقات الرقابية المطلوبة.
وتابعت رانيا يعقوب: "عروض الاستحواذ الإماراتية تؤكد أن الأصول المصرية رخيصة ومغرية وجاذبة للاستثمارات الأجنبية، بعدما نجحت الحكومة في تطبيق برنامجًا للإصلاح الاقتصادي حصل على إشادة من أغلب المؤسسات الدولية، مما دعم المؤسسات العربية والأجنبية للبحث عن فرص استثمارية في السوق المصري".
وتوقعت يعقوب عودة تدريجية للمستثمرين الأجانب لأسواق الدين في مصر، ثم سوق الأسهم في ظل استقرار الاقتصاد المصري، ومن أهم الاقتصاديات في الشرق الأوسط القادرة على جذب استثمارات أجنبية.
وقال محمد كمال عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية، إن البورصة شهدت أداء إيجابيا خلال الجلستين الماضيتين واقترب المؤشر الرئيسي من مستوى 12 ألف نقطة، مرتفعا بإجمالي 690 نقطة بفعل 3 عوامل على رأسها قرار البنك المركزي بتخفيض سعر صرف الجنيه، مما أثر على إعادة تقييم أسعار الأسهم المقيدة بناءً على السعر الجديد للدولار، مشيرا إلى سهم البنك التجاري الدولي، والذي يمثل الوزن النسبي الأكبر بالمؤشر الرئيسي، فقد تم إعادة تسعيره مرة ثانية، وفقا للسعر الجديد للدولار.
وأضاف كمال، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن العامل الثاني وهو حزمة القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة التداعيات العالمية وتضمنت التعديلات على مشروع قانون الضريبة على الدخل لتنشيط البورصة المصرية مما ساهم في طمأنة المستثمرين المحليين والأجانب بعزم الدولة تطبيق التعديلات المتفق عليها في الضريبة والتيسير على المستثمرين في السداد، ومنح حوافز لصناديق الاستثمار من خلال إعفاء صناديق الاستثمار في الأسهم المقيدة بالبورصة من ضريبة الدخل، متابعًا أن العامل الثالث هو ظهور أنباء عن دخول صندوق استثمار سيادي عربي، لشراء أصول مصرية في أسهم قيادية.
وسبق أن أعلن وزير المالية المصري الدكتور محمد معيط، إصدار تعديلات على مشروع قانون الضريبة على الدخل، تتضمن وضع آلية تسمح بخصم الضريبة على التوزيعات ضمن الهياكل الضريبية المركبة تشجيعا للاستثمارات في مصر بشرط ألا تُستخدم لتجنب الضريبة، وتم تعديل المعاملة الضريبية لصناديق الاستثمار، لتشجيع الاستثمار المؤسسي، الذى يدعم الاقتصاد والشركات الناشئة مع وضع ضوابط تضمن سلامة التنفيذ بما يتوافق مع التطبيقات الدولية، وإعفاء صناديق الاستثمار في أدوات الدين، وصناديق الاستثمار في الأسهم المقيدة بالبورصة، وصناديق وشركات رأس مال المخاطر، بحسب بيان رسمي.
وحول استمرار مبيعات الأجانب بالبورصة المصرية، قال محمد كمال، إن المستثمرين الأجانب اتجهوا للبيع في كل الأسواق الناشئة وليس مصر فقط، متخوفين من تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، متوقعا عودة الاستثمارات الأجنبية لسوق المال المصري خلال الفترة المقبلة مع خفض الجنيه ورفع سعر الفائدة.