مصر.. البرلمان يقر أضخم موازنة بعجز يزيد عن 26 مليار دولار
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أقر البرلمان المصري موازنة الحكومة العامة للسنة المالية المقبلة 2024/2025، وهي أضخم موازنة في تاريخ البلاد، وذلك بعجز يفوق 26 مليار دولار، وسط انتقادات بسبب انخفاض مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة وتحسين مستويات دخول الفئات الأكثر احتياجًا. في وقت أقيمت دعوى قضائية لوقف تنفيذ قرار زيادة سعر الخبز المدعم بنسبة 300%.
وهذه أول موازنة حكومة عامة يقرها البرلمان المصري بعد قرار دمج إيرادات ومصروفات كل الهيئات العامة الاقتصادية البالغ عددها 59 هيئة بالموازنة العامة للجهاز الإداري للدولة، بهدف تحسين شفافية أنشطة الهيئات الاقتصادية، وزيادة الرقابة على الأداء المالي لأجهزة الدولة، بحسب تصريحات رسمية.
ووفق البيانات الرسمية، يصل إجمالي مصروفات الموازنة العامة للجهاز الإداري للدولة وحدها، للسنة المالية المقبلة والتي تبدأ في 1 يوليو/تموز 2024 حتى 30 يونيو/حزيران 2025، حوالي 3.9 تريليون جنيه (82.1 مليار دولار) بزيادة 879.3 مليار جنيه (18.6 مليار دولار) عن السنة المالية الحالية بنسبة قدرها 29.4%، يخصص منها 3.9 تريليون جنيه (82.1 مليار دولار) على الأجور والدعم والفوائد المحلية والخارجية.
في حين يصل إجمالي الإيرادات العامة للدولة 2.6 تريليون جنيه (55.7 مليار دولار)، يأتي معظمها من الإيرادات الضريبية، والمنح الخارجية والمحلية، وبذلك يقدر عجز الموازنة العامة بـ1.2 تريليون جنيه (26.4 مليار دولار) بنسبة 7.3% من إجمالي الناتج المحلي، وهو أضخم عجز تسجله الموازنة.
وقالت عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، سناء السعيد، إن الحزب رفض قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية المقبلة خلال مناقشتها بالبرلمان، الاثنين، واصفة الموازنة بأنها لا تلبي احتياجات المواطنين المصريين، مضيفة أن حجم المخصص للدعم بالموازنة غير كاف للإنفاق على تطوير التعليم والصحة وتحسين مستويات دخول الفئات الأكثر احتياجًا، في حين تواجه هذه الملفات تحديات أبرزها تكدس الفصول الدراسية وتراجع مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وارتفاع أسعار عددًا من السلع آخرها زيادة سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشًا (0.0042 دولار).
وزاد حجم الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بالموازنة العامة لمصر من 529 مليار جنيه (11.2 مليار دولار) خلال السنة المالية الحالية بنسبة 4.5% من الناتج المحلي إلى 635 مليار جنيه (13.5 مليار دولار) خلال موازنة السنة المالية المقبلة 2024/2025 تمثل نسبة 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق بيانات وزارة المالية.
وأضافت السعيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن مخصصات الإنفاق على التعليم والصحة لا تتناسب مع ما قرره الدستور المصري بتخصيص 3% من الناتج القومي الإجمالي للصحة و4% للتعليم، في حين يعاني قطاع التعليم في مصر من تكدس في الفصول ونقص في أعداد المعلمين بسبب خروج عدد كبير على المعاش مقابل انخفاض أعداد المعينين الجدد، ونفس الأمر لقطاع الرعاية الصحية الذي يواجه تحديات بعدم تعميم نظام التأمين الصحي الشامل إلا في أربع محافظات فقط.
بينما ذكرت بيانات وزارة المالية أن موازنة العام المالي المقبل استوفت الاستحقاق الدستوري للصحة والتعليم، بزيادة مخصصات الصحة بقيمة 99 مليار جنيه (2.1 مليار دولار) لتصل إلى 496 مليار جنيه (10.5 مليار دولار)، وكذلك زيادة مخصصات التعليم بقيمة 267 مليار جنيه (5.7 مليار دولار) لتصل إلى 858 مليار جنيه (18.2 مليار دولار)..
وأوصى تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، الحكومة بضرورة السيطرة على تكلفة طباعة الكتاب المدرسي مقترحًا استخدام الكتاب المدرسي لأكثر من عام دراسي بنظام التداول بين التلاميذ، وإعادة النظر في منظومة الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية مع حوكمة منظومة الدعم الخاصة بالسلع التموينية والخبز.
من جانبه، قال عضو مجلس النواب، أشرف أبو الفضل، إن تزايد أعداد اللاجئين في مصر، الذين قدرهم بحوالي 20 مليون لاجئ بنسبة تصل إلى 10% من سكان مصر يمثلون عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة للسنة المالية المقبلة، نتيجة إنفاق الموازنة على استفادة اللاجئين من استخدام مختلف الخدمات والسلع المدعمة بنفس أسعار المواطنين، مطالبًا الدولة بضرورة تقنين أوضاع اللاجئين الحاليين في مصر، والذين يشكلون عبء إضافي على استخدام مرافق الدولة.
وسبق أن قدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي تكلفة استضافة اللاجئين في مصر أكثر من 10 مليارات دولار سنويًا، وأن عددهم قوامه 9 ملايين لاجئ من دول عربية وإفريقية.
وأضاف أبو الفضل، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الحكومة ركزت في موازنة السنة المالية المقبلة على الإيرادات الضريبية بشكل أكبر في حين أهملت تنمية الإيرادات غير الضريبية من قناة السويس ومناجم الذهب والتعدين الواقعة على ساحل البحر الأحمر، مما يتطلب ضرورة تنمية حجم الإيرادات غير الضريبية لتغطية العجز، وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، واستكمال تنفيذ مشروعات تنموية.
وتستهدف الموازنة العامة للعام المالي المقبل جمع ضرائب بقيمة 2.2 تريليون جنيه (42.9 مليار دولار) بنسبة زيادة 32% عن المستهدفة هذا العام، وتعتمد وزارة المالية في زيادة حصيلة الضرائب على زيادة معدلات الحصر الضريبي وضم الاقتصاد غير الرسمي للمنظومة، وحجم التجارة الإليكترونية والتي تزداد بمعدلات مضطردة ومحاربة التهرب الضريبي، وفق بيان الموازنة.
في نفس السياق، قال المحامي عمرو عبد السلام، إنه أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري للمطالبة بوقف تنفيذ قرار زيادة سعر رغيف الخبز التمويني إلى 20 قرشًا (0.0042 دولار) بنسبة 300%، وإعادته إلى سعر 5 قروش للرغيف، وتم تحديد جلسة مستعجلة لنظرها في 9 يونيو/حزيران الجاري.
وأضاف عبد السلام، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن قرار زيادة سعر رغيف الخبز يخالف الدستور المصري الذي ينص في مادته 79 على حق كل مواطن في الحصول على غذاء صحي وكاف، وكذلك المادة 124 من الدستور التي تحظر على الحكومة إضافة أية أعباء مالية جديدة على المواطنين خلال إعداد مشروع الموازنة، كما يخالف القرار لقانون المصري أيضًا لصدور قرار زيادة سعر رغيف الخبز بعد تقدم الحكومة بالموازنة العامة للدولة للبرلمان.
وقال عبدالسلام إن "رغيف الخبز المدعم من الاحتياجات الأساسية للمواطن المصري، الذي يعاني من انخفاض الدخل بسبب الأوضاع الاقتصادية على مدار السنوات الماضية، ولذا من حقه الحصول على رغيف خبز بسعر مناسب مهما ارتفعت تكلفة إنتاجه، خاصة أن نسبة تتجاوز 80% من إيرادات الموازنة العامة من الإيرادات الضريبية التي يسددها المواطن".
وتنص المادة 79 من الدستور المصري على أن لكل مواطن الحق في غذاء صحي وكاف، وماء نظيف، وتلتزم الدولة بتأمين الموارد الغذائية للمواطنين كافة.