لماذا يجب التخلص من ساعة اليدّ لدى ممارسة الرياضة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لطالما يحرص الأشخاص على جلب احتياجاتهم الأساسية من ساعة يدّ إلى انتعال حذاء رياضي قبل الخروج لممارسة رياضة الجري. ويقوم هؤلاء بتعقّب الوقت الذي يحتاجونه لاجتياز مسافة محدّدة، من خلال ساعتهم.
وأشارت بعض الأبحاث إلى أنّ عدم ارتداء ساعة خلال الجري، خصوصًا إذا كانت ذكيّة أو تتعقّب نمو اللياقة البدنية، يحسّن التمارين، ويخفّف من مستوى الإجهاد، ويزيد من المتعة المتأتية من هذه الرياضة.
تمارين خالية من البيانات
وأشارت الدراسات الأخيرة إلى أنّ الهوس بتعقّب أنظمة قياس اللياقة البدنية، قد يُنتج عنه طريقة تفكير ونتائج سلبية.
وقال إيون ويلان، وهو محاضر أول في نظم المعلومات التجارية، في الجامعة الوطنية في أيرلندا، ويتناول بحثه علم النفس الكامن وراء التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات تتبع اللياقة البدنية، أنّ "هناك دلالات تشير إلى أنّ الناس الذين كان لديهم اهتمامًا برياضة ما تمنحهم الفرح، باتوا يشعرون بالهوس بفكرة التعقب هذه وتحليل البيانات".
وقال ويلان لـCNN:"يكون الناس أكثر سعادة عندما يتخلّون عن تجميع البيانات، وتحليلها، ومشاركتها مع أشخاص آخرين"، مضيفًا أنّ من يستخدمون تطبيقات تتبّع اللياقة البدنية، يُولون عنصر المقارنة الاجتماعية أهميّة أكبر.
وأوضح ويلان أن الناس "سيقارنون أنفسهم بأشخاص أفضل منهم، وأسرع منهم في الركض، أو يركضون لفترة أطول. وفي النهاية نعلم، أنّ هذا سيشعرهم بالسوء".
وأشار ويلان أيضًا إلى أنّ الأشخاص الذين يعتمدون بشدّة على الساعات الذكية، أو أجهزة تتبّع اللياقة البدنية، أو تطبيقات اللياقة البدنية هم أكثر عرضة للتغيّب عن تمارينهم في حال نفذت بطاريات جهاز التتبع الخاص بهم، مضيفًا: "يبدو الأمر كما لو أنه لا يمكننا تأويل إشارات أجسامنا. أصبحنا نعتمد بشدة على التكنولوجيا لتقوم بذلك عنّا"، ولافتًا إلى أنه "إذا طرحتُ على بعض الرياضيين الذين أدرّبهم سؤالًا بسيطًا مثل، كيف نمت الليلة الماضية؟، لا يمكنهم الإجابة ما لم ينظروا إلى بياناتهم".
ومع ذلك، ثمة إيجابيات لاستخدام هذه الأنظمة. إذ يُظهر بحث ويلان، أن هذه الأجهزة تحفّز في الواقع بعض العدائين من خلال مقارنة أنفسهم بآخرين، أو تفتح لهم المجال للانضمام إلى مجتمعات عبر الإنترنت تساعدهم في تحقيق أهدافهم. لذلك قد لا يكون التخلي عن هذه البيانات هو الحل الأفضل للجميع.
إطالة الوقت أمام الشاشة
وبشكل عام، تظهر الأبحاث أنّ قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشة، وضمنًا النظر إلى الساعة الذكية أو تطبيقات اللياقة البدنية، له آثار سلبية على الصحة العقلية. كما يؤدي الاستخدام المفرط للهواتف الذكية أيضًا إلى الصداع الشديد، وأنماط نوم متقطعة، وزيادة في الاندفاع.
كما يمكن أن تتسبب المعلومات التي يجمعها الناس من الساعات الذكية وتطبيقات تتبع التمارين، بمشاكل "فائض المعلومات"، وفقًا لعالم النفس لاري روزن، أستاذ علم النفس الفخري في جامعة ولاية كاليفورنيا دومينجيز هيلز الأمريكية. وقد بيّنت أبحاثه أن التدفق المستمر للمعلومات جرّاء التكنولوجيا يمكن أن يتسبّب بـ"التوتر، والقلق، ونقص في النوم، والاكتئاب وغيرها".
وقال روزن لـCNN: "عندما تكون شاشاتنا مثبتة على أيدينا أو زنودنا، فإنها غالبًا ما تكون مجرد امتداد لتطبيقات الاتصال التي نستخدمها على هواتفنا". وتابع: "كلما سمحنا للإشعارات والتنبيهات بلفت انتباهنا، كلما فرزنا المزيد من المواد الكيميائية المرتبطة بالإجهاد والقلق، ما يمكن أن يُفقدنا صوابنا وتجتاح أنظمتنا العقلية والعاطفية رسالة مفادها: "تحقّق مني الآن".
ويشجّع روزن على اعتماد مناطق خالية من الشاشة أو "مسافة من التكنولوجيا" لمدة 15 إلى 30 دقيقة. ويعطي هذا الوقت برأيه إشارات للدماغ بأنّك ستلقي نظرة على هاتفك قريبًا ويقلّل "الشعور بالقلق الذي ينتابك ويدفعك للنطر إلى هاتفك". والركض من دون ساعة قد يساهم في ذلك أيضًا.
المحترفون يتجاهلون السرعة
ويُعتبر الجري من دون ساعة مفيدًا، ليس فقط لمن يحب ممارسة هذه الرياضة يوميًا أو خلال عطلة نهاية الأسبوع. إذ أن بعض العدائين المحترفين حقّقوا فوزًا رغم تركهم ساعاتهم في المنزل.
وقد اشتهر العداء الويلزي ستيف جونز بتسجيل رقم قياسي عالمي في ماراثون شيكاغو عام 1984، من دون وضع ساعة. وأخبر الصحفيين في ما بعد أنه لم يكن يعرف حتى أنه يسير وفقًا لوتيرة قياسية عالمية، حتى تجاوز خط النهاية.
وفي الآونة الأخيرة، تصدّر عداء الماراثون الأولمبي تريفور هوفباور عناوين الصحف لفوزه ببطولة ماراثون كندا 2019 من دون ساعة. وقال لـCNN إنه توقّف عن تتبع وتيرته منذ سنوات، وتعتمد تمارينه على جهوده ووقت جريه الإجمالي.
وأوضح: "اعتدت على استخدام أجهزة التعقب هذه"، مضيفًا أن التخلص من تتبع السرعة على ساعته، بالإضافة إلى إيقاف تشغيل التقنيات الأخرى أثناء الجري، ساعده على "التناغم" بشكل أكبر مع جسده.
وأضاف هوفباور: "تخليت عن الموسيقى أيضًا ووجدت الكثير من المتعة لمجرد الإصغاء إلى الطبيعة والجري في سكون وعزلة وإلقاء التحيّة على أشخاص ألتقيهم على الطريق".