أمريكا "تبحث عن القلق" بين الأطفال الذين يبلغ عمرهم 8 أعوام وما فوق.. للمرة الأولى
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- للمرة الأولى، توصي فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية بفحص مستوى القلق لدى الأطفال الذين يبلغون ثماني سنوات وما فوق. وهذه الفرقة، عبارة عن مجموعة من الخبراء الطبيين الذين تساهم توصياتهم في توجيه قرارات الأطباء.
وفي توصياتها النهائية، المنشورة بالمجلة الطبية JAMA، الثلاثاء، حثّت فرقة العمل أيضًا على فحص الاكتئاب لدى الأطفال الذين يبلغون من العمر 12 عامًا وما فوق، بما يتوافق مع التوصيات الصادرة عام 2016.
وتسري التوصيتان على الأطفال الذين لا يعانون من حالة صحية عقلية مشخّصة، ولا تظهر عليهم أعراض القلق أو الاكتئاب المعروفة.
ونظر أعضاء الفرقة في التوصيات المتعلّقة بفحص مخاطر الانتحار بين الأطفال والمراهقين، لكنهم رأوا أنّ الأدلة حول أضرارها وفوائدها ما زالت غير كافية.
وأفادت مارثا كوبيك، إحدى أعضاء فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية، والأستاذة بمدرسة التمريض في كلية الصحة والخدمات الإنسانية بجامعة جورج ميسون، ببيان، أنّ المجموعة "استعرضت الأدلة المتعلقة بفحص القلق والاكتئاب ومخاطر الانتحار لتزويد الاختصاصيين في الرعاية الأولية بالإرشادات حول كيفية مساعدتهم في دعم الصحة الأطفال والمراهقين العقلية"، وأضافت أنه "لحسن الحظ، يمكن لفحص الأطفال والمراهقين بحثًا عن القلق والاكتئاب تحديد هذه الحالات بين هذه الفئة ما يمكّنهم من تلقي الرعاية التي يحتاجون إليها".
وبحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، فقد شُخّص نحو 5.8 مليون طفل بالقلق ونحو 2.7 مليون شخص بالاكتئاب بين عامي 2016 و 2019.
وورد في التوصية الجديدة أنّ "المسح الوطني لصحة الأطفال (NSCH) 2018-2019، وجد أنّ 7.8٪ من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 3 أعوام و17 عامًا يعانون حاليًا من اضطراب القلق". وتابعت أنّ "اضطرابات القلق في سنيّ الطفولة والمراهقة ترتبط بزيادة احتمال المعاناة من اضطراب القلق أو الاكتئاب مستقبلًا".
وإلى انتفاء وجود دليل لإجراء فحص مخاطر الانتحار، قالت المجموعة إنها لا تملك أدلة كافية لتقديم توصية بغية فحص القلق لدى الأطفال الذين يبلغون من العمر 7 سنوات وما دون، أو فحص الاكتئاب لدى الأطفال الذين يبلغون من العمر 11 سنة وما دون.
وأفادت لوري ببيرت، إحدى أعضاء المجموعة، واختصاصية علم نفس سريري، وأستاذة بكلية الطب في جامعة ماساتشوستس تشان، في بيان صحفي، أنّ "فرقة العمل تولي صحة جميع الأطفال والمراهقين العقلية اهتمامًا كبيرًا. للأسف، توجد ثغرات في الأدلة الرئيسية المتصلة بفحص القلق والاكتئاب لدى الأطفال الأصغر سنًا، وفحص خطر الانتحار لدى جميع الشباب". وتابعت أنّ المجموعة تدعو "إلى مزيد من البحث في هذه المجالات الحرجة حتى نتمكن من تزويد الاختصاصيين في الرعاية الصحية بطرق مستندة إلى أدلة للحفاظ على المرضى الصغار السن بصحة جيدة".
ولاحظت فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية أيضًا، أنها لم تعثر على دليل يُشير إلى فترات الفحص المناسبة للاكتئاب أو القلق.
وكانت المجموعة نشرت الشهر الماضي، مسودة توصيات جاء فيها أنّ على البالغين تحت سن الـ65 عامًا الخضوع لفحص القلق، وذلك للمرة الأولى.
وكانت ببيرت قالت لـCNN حينها إن توصية فحص القلق كانت ذات أولوية "نظرًا لأهميتها على الصحة العامة، لا سيّما مع التركيز المتزايد على الصحة العقلية في هذا البلد خلال السنوات القليلة الماضية".
وفي مقالة افتتاحية ترافق نشرها وتوصيات الأطفال الجديدة الثلاثاء، أفاد أطباء من مستشفى آن وروبرت إتش لوري للأطفال، وكلية الطب وايل كورنيل، وجامعة سينسيناتي، أنّ تقرير الأدلة المقدّم مع التوصيات، لا يقدّم إرشادات محدّدة أو قابلة للتنفيذ حول كيفية إجراء الفحوص في أماكن الرعاية الأولية، وأن ثمة أسئلة متّصلة بها.
ورغم ذلك أفادوا بأنّه "فيما يوجد حاجة لبذل جهود بحثية مستقبلية لمعالجة الثغرات في قاعدة الأدلة، يبدو أن الأدلة المتاحة تدعم المضي قدمًا بتطبيق الفحص والعلاج لاضطرابات القلق في أماكن الرعاية الأولية للأطفال".
واعتبروا أنّ هذا الأمر يشكّل "خبرًا سارًا جدًا"، ذلك أنّ غالبية الاضطرابات النفسية، ضمنًا اضطرابات القلق، تبدأ خلال مرحلتي الطفولة والمراهقة.
وأضاف الأطباء أنّ "الفحص في بيئة الرعاية الأولية للأطفال مهم للتعرّف المبكر، ويوفّر إمكانية العلاج المبكر والأكثر فعالية، للتخفيف من حدة الاضطراب، والاختلال، والمرض المرتبطة بالتشخيص المتأخر والعلاج".
وفي مقال افتتاحي آخر نُشر في JAMA، الثلاثاء، تناول الدكتور أوسكار بوكشتاين من مستشفى بوسطن للأطفال التوصيات المتعلقة بالاكتئاب ومخاطر الانتحار، وكتب أنّ "السلوك الانتحاري يعتبر بين أكثر حالات الطوارئ الطبية أهمية للمراهقين"، والفحص بحثًا عن الانتحار هو "حجر زاوية للحد من الانتحار".
وكتب أنه "ليس من قبيل الصدفة أن تنظر فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية في الأدلة الخاصة بفحص الانتحار والاكتئاب، في نفس تقرير الأدلة المحدّث، والقيام بالمراجعة المنهجية". وأشار إلى أنه "نظرًا لظهور الاكتئاب كعامل خطر يؤدي للسلوك الانتحاري، وأهمية إجراء فحص الاكتئاب على النحو الذي تدعمه توصية المجموعة، فإن فحص الانتحار تحت مظلة فحص الاكتئاب يمكن أن ينجز مهمتي الفحص في الوقت ذاته".
ولفت بوكشتاين أيضًا إلى أنّ التوصيات الصادرة عن فرقة العمل تشير إلى أن هناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها بشكل أكبر، ولا يمكن الإجابة عليه بالأدلة المتوافرة حاليًا.