الأدوية الحية تُظهر نتائج واعدة ضد أورام المخ التي يصعب علاجها

نشر
9 دقائق قراءة
إلى اليسار، اختفت أورام الدماغ التي أشير إليها بأسهم حمراء وخضراء، بعد يوم من العلاج المناعي لـCAR-T. Credit: From Penn Medicine

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لعقود من الزمن، كان تشخيص الورم الأرومي الدبقي، وهو سرطان عدواني يصعب علاجه في الدماغ، بمثابة حكم بالإعدام على المرضى.

ويبقى فقط بين 3% و5% من الأشخاص الذين لديهم إصابة بهذا النوع من أورام الدماغ على قيد الحياة بعد ثلاث سنوات من تشخيصهم بالمرض. ويعيش المرضى حوالي 14 شهرًا كمعدّل وسطي، بعد التشخيص.

محتوى إعلاني

وحاليًا، يعطي علاج تجريبي يُعيد برمجة الخلايا المناعية لدى الشخص بغية مهاجمة هذه الأورام، بعض الأمل للمرضى.

أبلغت ثلاث دراسات نُشرت الأسبوع الماضي، عن نتائج مذهلة لعلاج يُسمى CAR-T يتم توصيله مباشرة إلى الدماغ. في بعض الحالات، يبدو أن الأورام قد ذابت عند فحص الدماغ، في اليوم التالي.

وقال الدكتور أوتيس براولي، أستاذ علم الأورام في جامعة جونز هوبكنز والمدير الطبي السابق لجمعية السرطان الأمريكية، غير المشارك في البحث: "كان ذلك صادمًا بالنسبة لي. سريع جدًا. أعني، إنه رائع!".

لكنّ الأورام عادت لدى غالبية المرضى، ولم تظهر أي من الدراسات التي أجرتها مراكز عدة بينها مدينة الأمل للسرطان في دوارتي، بكاليفورنيا، وجامعة بنسلفانيا، ومستشفى ماساتشوستس العام، فائدة البقاء على قيد الحياة للمرضى. لكن، يعتقد الباحثون أنه مع بعض التعديلات، سيتمكنون قريبًا من تحقيق ذلك.

ولفت براولي إلى أنه "من الواضح أنهم جعلوا الأورام تتقلّص، الآن، يبدأ الجزء الصعب".

وتابع: "لدينا دواء يتمتع ببعض النشاط. علينا أن نكتشف كيف يمكننا تحقيق أقصى حد من هذا النشاط".

"لقد أعطتني الأمل"

انضمّ توم فرايزر، 72 عامًا، من روتشستر في نيويورك، إلى الدراسة التجريبية لـCAR-T في مركز "Mass General Brigham" الطبي، الصيف الماضي، لعلاج ورم أرومي دبقي في دماغه استمرّ بالنمو رغم خضوعه للعلاج الكيميائي والإشعاعي. ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة نيو انجلاند الطبية، يوم الاربعاء .

وقام الأطباء أولاً، بحصد مقاتلات مناعية تُسمى الخلايا التائية في دمه، ثم قاموا بتعديلها وراثياً في المختبر كي يتمكّنوا من التعرّف إلى بروتينات معينة على سطح خلايا ورم الدماغ والارتباط بها. 

وتُعتبر الأورام مخادعة لأنها تستطيع احتواء الوظيفة المناعية للجسم، فيصعب تحديدها، وفي هذه الحالة تستفيد من نوع مختلف من الخلايا التائية، تُسمى الخلايا التائية الكابتة التي تمنع الاستجابات المناعية. تحتوي خلايا CAR-T التي حصل عليها فريزر على تعديل أعاد برمجة الخلايا التائية الكابتة التي تحمي الورم كي تصبح خلايا تائية قاتلة، يمكنها محاربته عوض ذلك.

وبعد حقنة واحدة بحجم 10 ملليلترات من حوالي 10 ملايين من خلايا CAR-T، بدأ ورم فرايزر بالانكماش. وأظهر فحص التصوير بالرنين المغناطيسي في اليوم التالي، أنّه أصغر بنسبة 20٪ تقريبًا، وفي غضون أسابيع، كان بالكاد يمكن اكتشافه. ولم يشهد أي تطوّر لمرض السرطان منذ ستة أشهر تقريبًا، بحسب أطبائه. وقد خضع للتو لجراحة الدماغ الثالثة.

وقالت الدكتورة مارسيلا ماوس، المؤلفة الرئيسية في الدراسة: "هذا النوع من الاستجابات لا يحدث مع أي أنواع أخرى من علاج الورم الأرومي الدبقي".

وأطلع فرايزر CNN على أنّه يعاني من الآثار الجانبية التي تم تحذيره منها عند خضوعه لـCAR-T، التي شملت الحرارة والتعب الشديد، قائلًا: "لكن مع مرور الوقت، تمكنت من استئناف الحياة ضمنًا دروس التمارين الرياضية، وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء، وتمكّنت من السفر".

وأضاف: "لقد منحني ذلك بعض الأمل، بإمكانية علاجي من هذا المرض". 

وتقلّصت أورام مريضين آخرين بعد علاج واحد، لكن السرطان عاد بعد شهر أو شهرين من الحقن.

وقالت ماوس، مديرة برنامج العلاج المناعي الخلوي بمركز "ماس جنرال للسرطان" في بوسطن، إنهم  يفكرون بإعطاء العلاج الكيميائي قبل علاج CAR-T، على سبيل المثال، لمحاولة تحسين بروتوكول العلاج.

تم استخدام إصدارات من هذا العلاج الذي أطلق عليه اسم CAR-Tv3-TEAM-E، لعلاج سرطانات الدم مثل سرطان الدم، وسرطان الغدد الليمفاوية منذ عام 2017.

والآن، يتعلم الباحثون كيفية تطبيق التكنولوجيا عينها على الأورام الصلبة، وتبدو النتائج واعدة، لكنها ليست دائمة. وهذا ليس علاجًا.

وقالت الدكتورة كريستين براون، نائب مدير مختبر أبحاث علاجات الخلايا التائية في مركز "سيتي أوف هوب" للسرطان: "ما زلنا في المراحل المبكرة. هناك مرضى يظهرون استجابات إيجابية للغاية، لكن ما برح عدد كبير جدًا من المرضى يتحسنون بواسطة العلاج".

الأورام التي "ذابت"

في الآونة الأخيرة، نشرت براون وفريقها نتائج أكبر دراسة حتى الآن حول استخدام CAR-T في أورام الدماغ الدبقية المتقدمة، والتي شملت 65 مريضًا. خضعوا جميعًا للعلاجات القياسية مثل العلاج الكيميائي، والإشعاعي، والجراحة. وكان ثلاثة أرباع عدد المشاركين أصيبوا بأورام في الدماغ مرتين بالحد الأدنى.

بعد علاج CAR-T، حصل اثنان من المشاركين على استجابات كاملة، ما يعني اختفاء أورامهم.

وكان قد قيل لأحد الأشخاص، الذي أُبلِغ عن حالته لأول مرة في عام 2016، إنّ أمامه أسابيع كي يعيشها. لكن بعد حصوله على ست دفعات من علاج CAR-T مباشرة في السائل الشوكي الذي يغمر الدماغ، "ذابت" أورامه، على حد قول براون. وأضافت: "لقد وضع هذا الأساس بالنسبة لنا لمحاولة فهم سبب استجابته القوية ونجاح العلاج بشكل جيد".

يختلف علاج CAR-T الذي يتم اختباره في مركز "City of Hope" الطبي قليلاً عن العلاج المستخدم في مركز "Mass General" الطبي لمساعدة الخلايا التائية في العثور على ورم الدماغ وقتله. يستهدف CAR-T بروتينًا تصنعه أورام تُسمى مستقبل إنترلوكين-13 ألفا 2.

نتائج مشجعة

يتبع الباحثون من جامعة بنسلفانيا مقاربة تجمع بين كل من البروتين المستهدف المستخدم في تجارب "سيتي أوف هوب"، ومستقبل إنترلوكين -13 ألفا 2، والبروتين الذي تستهدفه الدراسة العامة، مستقبل عامل نمو البشرة أو EGFR.

في دراستهم التي نُشرت في مجلة "Nature Medicine" الأربعاء، قام فريق بنسلفانيا، بقيادة الدكتور دونالد أورورك، بحصد الخلايا التائية، وهندستها للتعرّف إلى هذين الموقعين في الورم، ثم حقنها مباشرة في أدمغة المرضى.

وقال أورورك، مدير مركز التميز التحويلي للورم الأرومي الدبقي متعدّد الأشكال بكلية الطب في جامعة بنسلفانيا إنهما "أساسًا مثل مخلبين صغيرين. هذه مقاربة استهداف مزدوجة أكثر تقدمًا".

وأوضح أورورك أنه كما هي الحال مع نتائج "Mass General"، فقد لاحظوا انخفاضًا سريعًا في أورام الدماغ خلال أيام بعد حقن جرعة واحدة من خلايا CAR-T لدى المشاركين الستة الأوائل، وقد استمر هذا التراجع (بالأورام) لأشهر عدة. 

وأشار أورورك إلى "أن رؤية الاستجابات لدى هذه الفئة من المرضى الصعبة أعطتنا الكثير من التشجيع".

حصل المشاركون في التجربة على جرعتين مختلفتين من خلايا CAR-T. كان لدى المجموعتين آثار جانبية كبيرة من العلاج، شملت تورم الدماغ، والحرارة، والصداع.

ولفت أورورك إلى أنّه سيتعيّن على الباحثين معرفة كيفية جعل هذا الأمر أكثر أمانًا وأسهل للمرضى، ربما من خلال محاولة علاج البعض منهم في وقت مبكر من مسار مرضهم.

وتابع: "عندما يخضع مريض لهذا العلاج القوي في الدماغ لأنه يعاني من أورام كثيرة، يلتهب الدماغ بشكل كبير، ويعاني بشكل أساسي من نوع طويل ومنخفض الدرجة من متلازمة الضعف المزمن". 

وأوضح أورورك أنّ "هذه النتيجة أشبه بالتهاب السحايا المشتعل منخفض الدرجة، لأنك تضع خلايا مناعية في السائل الشوكي، وهي نشطة، وليس من المفترض أن تكون هناك". 

ورغم من أنّ الأورام قد تختفي، إلا أنه يقول إن المرضى لا يستطيعون أن يكونوا في أفضل حالاتهم. وأشار إلى أن الأشخاص الذين عولجوا في بداية تشخيصهم كان وضعهم أفضل".

نشر
محتوى إعلاني