"النشاط البدني يعزّز الصحة المثالية".. هل هذا هو المؤشر الصحي الجديد؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل سألك طبيبك عن مستوى نشاطك البدني؟ إذا كان الأمر كذلك، فربما عليك التوجه بالشكر لمبادرة "التمارين الرياضية هي علاج" (Exercise is Medicine أو EIM) الصحية العالمية التي تديرها الكلية الأمريكية للطب الرياضي (Amercan College of Sports Medicine).
أُنشئت عام 2007. تشجّع هذه المبادرة مقدمي الرعاية الصحية على تقييم النشاط البدني للمرضى أثناء الزيارات، وتضمين خطط الرعاية الخاصة بكل منهم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، على أن تعتمد كمية وأنواع التمارين الموصى بها من قبل الاختصاصيين الطبيين على الصحة والقدرة الحالية التي يتمتع بها كل شخص.
والفلسفة الكامنة وراء هذه المبادرة بسيطة: النشاط البدني يعزّز الصحة المثالية. ذلك أنّ الحركة المنتظمة تساعد على الوقاية من الحالات الطبية المختلفة وحتى علاجها. إذ ربطت دراسة نشرت في المجلة الأمريكية لطب نمط الحياة عام 2020، بين الخمول البدني وسوء الحالة الصحية وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. وخلصت الدراسة إلى ضرورة دمج برامج الرعاية الصحية واللياقة البدنية.
إلى ذلك، فإنّ الأشخاص الذين كانوا نشيطين بشكل معتدل إلى قوي مدة 150 دقيقة أسبوعيًا بالحد الأدنى، استفادوا بمعدل النصف من الرعاية الصحية، مقارنة بمن فضلوا الخمول، وفق دراسة أجراها نظام الرعاية الصحية Intermountain Health الذي يأخذ من سولت ليك سيتي مقرًا له، وعُرضت في الاجتماع السنوي لعام 2019 للكلية الأمريكية للطب الرياضي وتمت الموافقة عليها للنشر.
وقالت الدكتورة إليزابيث جوي، كبيرة المسؤولين الطبيين لدى شركة التكنولوجيا الصحية لور هيلث (Lore Health) ورئيسة مجلس إدارة "التمارين الرياضية هي علاج" (EIM)، إن الدراسة وجدت أيضًا أن الأشخاص النشيطين يحمّلون الرعاية الصحية نصف التكلفة الإجمالية مقارنة بالأشخاص الخمولين، الذين يتم تعريفهم بأنهم من شاركوا في دقيقة واحدة أسبوعيًا من النشاط المعتدل إلى القوي.
وأشارت جوي إلى المسح الصحي الوطني الأمريكي لعام 2022، أنّ اختصاصيي الرعاية الصحية نصحوا 22،9% فقط من النساء البالغات و17.8% من الرجال البالغين بزيادة مستويات نشاطهم البدني.
بيد أنها لم تستغرب النتيجة ذلك أنّ متوسط زيارة الرعاية الأولية تستغرق أقل من 20 دقيقة، ومع حاجة مقدمي الرعاية الصحية إلى تغطية العديد من المشاكل، قد لا يتسنّى لهم الوقت لتناول النشاط البدني.
لكنّ جوي لفتت إلى أنّ "كتابة وصفة طبية يستغرق القليل من الوقت بخلاف تقديم استشارات تغيير السلوك القائمة على الأدلة".
رغم كل شيء.. يتم إحراز تقدم
رغم عدم إحراز مبادرة EIM تقدمًا في عيادة الطبيب، فقد أنشأت العديد من البرامج والمبادرات والوصفات الطبية لمساعدة الأشخاص خارج نطاقها.
تُضمّن مبادرة EIM التمارين الرياضية في الحرم الجامعي الآن، من خلال برنامج يساعد الكليات والجامعات على تعزيز وتقييم النشاط البدني بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين. وشارك في البرنامج إلى الآن، أكثر من 200 مدرسة أمريكية وأكثر من عشرين مؤسسة تعليمية دولية.
هناك أيضًا مبادرة "التحرك خلال مرض السرطان"، وهي أول مبادرة متصلة بمرض محدد ضمن مبادرة EIM. تساعد المبادرة في برامج التمارين وإعادة التأهيل لأولئك الذين يعانون من السرطان، وفي المرحلة التي تلي العلاج. وأظهرت الأبحاث أن معظم الأشخاص الذين يمارسون النشاط البدني أثناء علاج السرطان لديهم آثار جانبية أقل حدة، ويشعرون بالتحسن بسرعة أكبر بعد العلاج، وفي بعض الحالات، يكون لديهم خطر أقل لعودة السرطان.
أنشأت EIM أيضًا سلسلة Rx for Health، التي توفر وصفات طبية للأشخاص الذين يعانون من مجموعة واسعة من الحالات المزمنة الشائعة، مثل مرض الزهايمر، والاكتئاب، والقلق، والتها، المفاصل العظمي، وفشل القلب.
المجتمعات تشجع على اللياقة البدنية أيضًا
في حين ستواصل EIM تثقيف مقدمي الرعاية الصحية والطلاب في مجالات الرعاية الصحية حول أهمية تقييم مستويات نشاط المرض، وتحرير وصفات للنشاط البدني، فإنها تبحث أيضًا عن خيارات أخرى.
قالت جوي: "لا يستجيب الناس بشكل جيد عندما يُطلب منهم القيام بأمر ما. عوض ذلك، يرجح أن يشارك الناس في تغييرات السلوك الصحي ويحافظون عليها عندما يتم ذلك داخل مجتمعهم. إذا كانت عائلة شخص ما، أو حي، أو مجتمع ديني، أو حتى بيئة عمل تدعم النشاط البدني المنتظم، فيرجح أن يكونوا أكثر نشاطًا.
وأكّد غيرين لايلز، المدرب الشخصي المعتمد ومالك شركة Gerren Liles Vision Fitness في نيويورك، على أن العديد من الشركات في مدينة نيويورك تواصلت معه لإعطاء دروس اللياقة البدنية لموظفيها، وكانت الفائدة ملموسة.
وأضاف: "من الجيد دومًا توحيد الناس لممارسة التمارين الرياضية. يمكن أن يلهم هذا الأمر الناس لتولّي مسؤولية لياقتهم البدنية. سيكون أمرًا رائعًا لو استثمرت الشركات في اللياقة البدنية، وأنشأت المدارس برامج وفعاليات للطلاب وحتى لأولياء الأمور، وروّجت وسائل الإعلام والأفلام للنشاط البدني".
وخلصت جوي إلى أنّ "السلوكيات الصحية معدية. لدينا أيضًا بعض المسؤولية الشخصية في ما يتعلق بالنشاط البدني، للتفكير حقًا في كيفية تأثيرنا على الأشخاص من حولنا. لذا في المرة التالية التي تخرج فيها للنزهة، قم بدعوة صديق أو جار ليرافقك".