وفاة واختفاء السياح في اليونان..هذا قد يكون السبب بحسب الخبراء

نشر
6 دقائق قراءة
رجل يسير على تل فيلوبابو مقابل موقع الأكروبوليس الأثري بأثينا في 5 مارس/ آذار 2024.Credit: ANGELOS TZORTZINIS/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تتزايد حالات اختفاء ووفاة السياح في اليونان التي تعاني من موجة حارة قوية، مع درجات حرارة تزيد عن 40 درجة مئوية.

وشكلّ العثور على الطبيب والمقدم التلفزيوني المشهور في المملكة المتحدة مايكل موسلي متوفيًا صدمة، في وقت سابق من هذا الشهر، بعد المشي لمسافات طويلة وسط درجات حرارة شديدة في جزيرة سيمي اليونانية.

وعُثر السبت على سائح هولندي متوفيًا في جزيرة ساموس. وفي اليوم التالي، عُثر على جثة سائح أمريكي في جزيرة ماثراكي الصغيرة غرب كورفو. كما فُقد ألبرت كاليبيت، وهو سائح أمريكي آخر، منذ أن انطلق بنزهة في 11 يونيو/ حزيران بجزيرة أمورغوس. واختفت امرأتان فرنسيتان في سيكينوس بعد خروجهما في نزهة مشيًا على الأقدام.

محتوى إعلاني

لا تزال الجثث تحتاج إلى التشريح لتحديد سبب الوفاة، لكن السلطات تحذّر الناس من محاولة الحد من آثار درجات الحرارة الحارقة.

وقال بيتروس فاسيلاكيس، المتحدث باسم الشرطة في منطقة جنوب بحر إيجه، لرويترز: "هناك نمط شائع. لقد ذهبوا جميعَا في نزهة خلال درجات الحرارة المرتفعة".

وأوضح بعض الخبراء أن ما يحدث في اليونان يعطي علامة تحذير حول آثار الحرارة الشديدة على الجسم، لا سيما الدماغ، ما قد يسبّب الارتباك، ويؤثر على قدرات الناس لاتخاذ القرار، وإدراك المخاطر.

وبينما يؤدي تغير المناخ إلى موجات حرارة أطول وأكثر شدة، يحاول العلماء كشف كيفية تعامل أدمغتنا مع تلك الظاهرة.

الدماغ "المفتاح الرئيسي"

سائحان يلجآن إلى الظل في اليونان خوفا من موجة الحرارة التي تضرب البلاد. Credit: SAKIS MITROLIDIS/AFP via Getty Images

وقال داميان بيلي، أستاذ علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية في جامعة ساوث ويلز، لـCNN، إنّ الأبحاث ركزت تقليديًا على أثر الحرارة الشديدة على العضلات، والجلد، والرئتين، والقلب، مضيفًا أن "الدماغ بالنسبة لي هو مفتاح كل ذلك. إنه المفتاح الرئيسي للجسم".

ويتم تنظيم درجة حرارة الجسم في الدماغ، حيث تعمل منطقة ما تحت المهاد، وهي عبارة عن جزء صغير على شكل ماسة، كمنظم الحرارة. وعندما يكون الجو حارا، تقوم منطقة ما تحت المهاد بتنشيط الغدد العرقية، وتوسيع الأوعية الدموية لتبريد الجسم.

وذكر بيلي أن ازدياد الحرارة، يمكن أن يكون له آثار خطيرة، تشمل انخفاض السوائل في الجسم، وتقليل تدفق الدم إلى الدماغ.

وأظهرت الاختبارات التي أجراها على المشاركين بالبحث في غرفة بيئية، حيث رفع درجات الحرارة من 21 إلى 40 درجة مئوية (حوالي 70 إلى 104 فهرنهايت)، انخفاضًا في تدفق الدم إلى الدماغ بنسبة تتراوح بين 9٪ و10٪.

وأكدت كيم ميدنباور، عالمة الأعصاب في جامعة ولاية واشنطن، أن الحرارة الشديدة قد تعطل نشاط الدماغ الطبيعي، لافتة إلى أن شبكات الدماغ التي تسمح عادة للناس بالتفكير بوضوح، والتذكر، وبناء وصياغة الأفكار، يمكن أن "تخرج عن السيطرة".

وأوضحت أنه يصبح من الصعب اتخاذ قرارات معقدة، مثل المسار الذي يجب اتخاذه للتنزه، وهو قرار قد يبدو بسيطًا لكنه يتطلب الموازنة بين عوامل عدة مختلفة.

وأضافت ميدنباور أن هناك أيضًا أدلة تشير إلى أن الناس أكثر عرضة لاتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر، والانخراط في سلوك متهور عندما يتعرضون للحرارة.

قد ينتج عن التصوّر المتغير للمخاطر المقترن بضعف الوظيفة الإدراكية عواقب وخيمة للغاية. وقالت ميدنباور: "لا يرتبط الأمر فقط باحتمالية الشعور بالحرارة الشديد، وربما التعرّض لحروق الشمس. بل يرتبط بمواقف قد تهدد حياتك، مثل اتخاذ قرارات سيئة، أو تشويش تقديرك للأمور".

بدأ العلماء للتو في كشف نطاق تأثيرات الحرارة على الدماغ، ليس فقط من حيث اتخاذ القرار، ولكن أيضًا فيما يتعلق بالمزاج، والعواطف، والصحة العقلية.

ولفتت ميدنباور إلى أنّ "فهمنا ضئيل جدًا، وهو مجال غير معروف في هذه المرحلة".

من الحلقة الأضعف؟

يُعتبر بعض الناس أكثر عرضة للحرارة من غيرهم، مثل كبار السن، لا سيّما من تزيد أعمارهم عن الـ65 عامًا، لأنّ أجسامهم لا تنظّم الحرارة دومًا أيضًا. وكان جميع الأشخاص الذين فقدوا في اليونان في منتصف الخمسينيات من عمرهم وما فوق.

ويواجه الأطفال الصغار جدًا والنساء الحوامل أيضًا مخاطر مرتفعة، كما هي الحال مع الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية موجودة مسبقًا، ضمنًا حالات الصحة العقلية.

في عام 2016، تابع فريق من العلماء 44 طالبًا جامعيًا خلال موجة الحر في مدينة بوسطن الأمريكية، ووجدوا أن أولئك الذين لا يستخدمون مكيفات الهواء شهدوا انخفاضًا كبيرًا في الأداء المعرفي.

وقال خوسيه غييرمو سيدينيو لوران، أحد مؤلفي البحث والأستاذ المساعد بكلية روتجرز للصحة العامة: "لا أحد محصن ضد الآثار الصحية للحرارة"، موضحًا أن "دماغنا عضو حساس للغاية".

كيف تحمي نفسك؟

امرأة تبرّد قدميها في نافورة مياه خلال موجة حارة بسالونيك في 12 يونيو/ حزيران 2024. Credit: SAKIS MITROLIDIS/AFP via Getty Images

أشار الخبراء إلى أن هناك بعض السلوكيات التي يمكن للناس القيام بها لحماية أنفسهم وتقليل المخاطر.

يتضمن ذلك عدم ممارسة الرياضة خلال الأوقات الأكثر حرارة، بل في الأوقات الأكثر برودة من اليوم، والبحث عن الظل عندما يكون ذلك ممكنًا.و يمكن أن يساعد أيضًا ارتداء ملابس فضفاضة ووضع كمادات الثلج على الرأس والرقبة.

وأوضح بيلي أن شرب الماء أمر حيوي وليس فقط عندما تشعر بالعطش الشديد. من المهم عدم الوصول إلى مرحلة يفقد فيها الجسم السوائل بشكل أسرع مما يستطيع تحمله. ويوصي الخبراء أيضًا بمشروبات الإلكتروليت التي يمكن أن تساعد على تعويض بعض السوائل المفقودة بسبب التعرق.

على المدى الطويل، تُعتبر ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أمرًا مهمًا، شرط ألا تُقام في الخارج خلال أوقات اليوم  الأكثر حرارة، لأنها يمكن أن تساعد الجسم على التنظيم الحراري. وقال بيلي: "كلما كنت أكثر لياقة، كلما كنت أكثر مرونة في مواجهة هذه الضغوط البيئية المناخية".

نشر
محتوى إعلاني