هل الاستحمام بمياه باردة مفيد للصحة أم مجرد أوهام؟

نشر
7 دقائق قراءة
هل حمامات الثلج الرائجة مفيدة علميًا؟ Credit: Christopher Lee/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- حمّام الثلج هو أحد أنواع العلاج بالمياه، ويمكن أن يُستخدم لأغراض طبية أو علاجية بطرق متعددة، إمّا بالثلج، أو المياه، أو الهواء، ضمنًا الجراحة البردية للجروح، أو أكياس الثلج للتورّم، أو من خلال حمّامات الثلج لأغراض مختلفة، بينها التعافي من التمارين الرياضية أو تقليل التوتر.

وتعود ممارسة غمر الأشخاص لأجسادهم في الماء البارد من أجل الفوائد الصحية المزعومة، إلى تاريخ اليونان القديمة، وثمة مجموعة أكبر من الأبحاث وُضعت حول هذا النوع من العلاج البارد. 

في العصر الحديث، يتساءل بعض الناس عمّا إذا كان الحمام البارد يُعد شكلًا أكثر سهولة من هذا الاتجاه، يمكن أن يفي بالغرض أيضًا.

محتوى إعلاني
يقول الخبراء إن الاستحمام بالماء البارد قد يكون له فوائد على الصحة العقلية، والقلب والأوعية الدموية.Credit: skynesher/E+/Getty Images

وقال الدكتور كوري سايمون، الأستاذ المساعد بقسم جراحة العظام في جامعة ديوك، وباحث بارز بمركز ديوك للشيخوخة: "إن البحث المتمحور حول الاستحمام البارد بذاته قليل". ولفت سايمون إلى أنّ هناك ما لا يقل عن 100 دراسة أجريت قبل عقود من الزمن، أو تشوبها مشاكل منهجية، ومعظمها شملت أعدادًا قليلة، يكونون عادة من البالغين الأصحاء الأصغر سنًا.

وأضاف أن الخبراء لديهم أفكار حول سبب فعالية الاستحمام البارد، بناءً على الأدلة العلمية والمروية الموجودة.

الصحة النفسية والقلبية

يعتقد سايمون أنّ معظم فوائد الاستحمام بالماء البارد تأتي من العملية النفسية للتكيّف مع الضغوطات والتغلب عليها، في هذه الحالة، الماء البارد.

تتطلب ممارسة الاستحمام بالماء البارد تأقلمًا تدريجيًا، بحسب سايمون، للوصول من صفر  (-17،78 درحة مئوية) إلى 60 (15،55 درجة مئوية). وأكد أن على الأفراد التغلب عليها تدريجيًا. 

وجدت الأبحاث، ضمنًا دراسة نشرت في مجلة Current Psychology في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أنّ المشاركين الذين أخذوا حمامات باردة يوميًا في درجات حرارة تتراوح بين 50 درجة فهرنهايت (10 درجات مئوية) و57.2 درجة فهرنهايت (14 درجة مئوية) لمدة أسبوعين، أبلغوا عن انخفاض بمستويات التوتر، خصوصًا عند دمجها مع تقنيات التنفس العميق.

وأشار سايمون الذي يستحم بالماء البارد مرة أو اثنتين في الأسبوع، إلى أنّ ذلك ساعده على أن يكون حاضرًا ذهنيًا، ويرد السبب إلى أنّ هذه الممارسة تجبره على التغلب على "المعاناة" جراء التعرض للبرد. 

واختبرت الدكتورة راشيل ريد، اختصاصية فيزيولوجيا التمارين الرياضية في أثينا، جورجيا، الاستحمام البارد، ولفتت إلى أنه يمكن أن يعزز الحالة المزاجية والطاقة، ورجّحت أن يكون مردّ ذلك إلى ارتفاع الناقلات العصبية مثل، الإبينفرين والنورإبينفرين والدوبامين، التي تساهم في الشعور بالابتهاج.

إلى ذلك، قد يؤدي التعرّض للبرد إلى استجابة مؤقتة للضغط في نظام القلب والأوعية الدموية، ما يساهم بزيادة معدّل ضربات القلب، وضغط الدم. وهذا يعزّز تدفّق الدم بشكل أفضل لأن الجسم يسعى إلى تكييف نفسه للعودة إلى أدائه الطبيعي. 

بالمجمل، قد تشمل الفوائد النفسي تقليل الألم المرتبط بانخفاض الضيق النفسي، من الأسباب المهمة التي تدفع الأفراد إلى الاستحمام بالماء البارد.

ومع ذلك، أشار الخبراء إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب والأوعية الدموية، ومشاكل في الدورة الدموية، ومشاكل في الإحساس، مثل مرض رينود أو الاعتلال العصبي، أو مرض السكري، يجب ألا يحاولوا الاستحمام بالماء البارد من دون استشارة الطبيب أولاً. وقالت ريد إنّ الأمر نفسه ينطبق على النساء الحوامل أو اللواتي خضعن لعملية جراحية أخيرًا، أو تحت تأثير الكحول أو المخدرات.

وأكد سايمون أن الناس ماتوا بسبب تجربة العلاج بالبرد، لذا فإن هذا التنبيه مهم ولا ينبغي تجاهله.

دعم المناعة

وكانت دراسة أجريت في مايو / أيار 2014، شملت مجموعة صغيرة من الرجال الهولنديين، توصّلت إلى أن الاستحمام البارد يلعب دورًا في تعزيز وظيفة المناعة. 

وأظهر المشاركون الذين تمّ حقنهم بعدوى بكتيرية وشاركوا في ممارسات التنفس العميق والاستحمام البارد على مدى عشرة أيام، أعراضًا أقل بالتوازي مع زيادة إنتاج المواد الكيميائية المضادة للالتهابات، وانخفاض بروتينات التنفس الالتهابية.

رغم ذلك أعرب سايمون عن حذره بشأن هذه النتائج، مشيرًا إلى أنّ الأبحاث الحديثة تشير إلى أن تقليل الالتهاب استجابةً للمرض الحاد قد يعيق التعافي. 

وأكد أنّ الالتهاب المزمن يشكل مصدر القلق الأكثر أهمية. ولفت إلى أنّ الدراسة الهولندية لم تتناول التأثيرات المحددة للتأمل، أو التنفس العميق، أو الاستحمام البارد بشكل فردي، ما يجعل من الصعب تحديد التقنية الأكثر فعالية.

وكانت دراسة أجريت بهولندا في سبتمبر/ أيلول 2016، أشارت إلى أنّ الأفراد الذين أخذوا حمامًا باردًا لمدة تتراوح بين  30 و90 ثانية شهدوا انخفاضًا بنسبة 29٪ لجهة التغيب عن العمل بسبب المرض. وتلفت الأدلة المتناقلة أيضًا إلى أن الاستحمام بالماء البارد بانتظام قد يؤدي إلى حالات أقل من المرض.

في ما يتعلق باللياقة البدنية، يمكن أن يساعد الاستحمام البارد على تخفيف آلام العضلات، لكن تنصح ريد بالانتظار حتى أيام الراحة من رفع الأثقال، لأن تعطيل عملية الالتهاب الطبيعي بعد التمرين أمر ضروري لنمو العضلات وكفاءتها. في حين أن التعرض للبرد قد يعزز عملية التمثيل الغذائي بشكل مؤقت، إلا أنه لم يتم ربطه بشكل مباشر بفقدان الوزن.

أخذ حمام بارد

بالنسبة لمن يفكرون في الاستحمام بالماء البارد، يوصي الخبراء ببدء ممارسة ذلك تدريجيًا. 

في حين أن الدراسات تستخدم عادةً درجات حرارة الماء بين 50 و60 درجة فهرنهايت (10 درجات مئوية إلى 15.5 درجة مئوية)، يشير سايمون إلى أن القياس الدقيق ليس ضروريًا؛ فهو شخصياً يستفيد من الاستحمام البارد من دون استخدام مقياس الحرارة، رغم أن هذا أمرًا غير مؤكد.

لتجنب الصدمة، يُنصح بالانتقال تدريجيًا من الماء الدافئ إلى البارد، كما اقترح سايمون. يعد البدء بالتعرض للبرد لمدة 15 إلى 30 ثانية طريقة جيدة، مع إمكانية زيادة المدة بحوالي 15 ثانية كل بضعة أسابيع.

للمساعدة على الحفاظ على الهدوء أثناء هذه العملية، توصي ريد باستخدام التنفس الصندوقي: شهيق لأربع عدات، وحبس النفس لأربع عدات، وزفير لأربع عدات، وثبات لأربع عدات أخرى. ومن المهم أيضًا الانتباه إلى إشارات جسمك والخروج من الحمام البارد إذا شعرت بأي إزعاج.

نشر
محتوى إعلاني