ما سبب إدماننا على تقييمات منصات التواصل الاجتماعي الصامتة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تعرض إيزي سانتولي زجاجة عطر،ثم تميل بجسدها إلى الخلف، وتهز برأسها ممتعضة، وتعبّر بوجه متجهّم في مقطع فيديو صوّرته لنفسها، ثم تقوم صانعة المحتوى المختصة بالجمال والعناية بالبشرة على منصتي "تيك توك" و"إنستغرام" بدفع المنتج جانبًا بنظرة حادة مليئة بالحكم.
وفي مقطع فيديو آخر، تعرض سانتولي أنبوبًا من "الكونسيلر" (خافي العيوب)، وتتظاهر بمسكه، ثم تلوح بيديها أمام وجهها وتأخذ نفسًا عميقًا. وتبتسم وتقبّل المنتج قبل الانتقال إلى المنتج التالي.
منذ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، قام صنّاع المحتوى عبر الإنترنت مثل سانتولي بتصوير هذه "التقييمات الصامتة"، حيث يشاركون آراءهم حول مستحضرات المكياج والعناية بالبشرة والكتب والمنتجات الأخرى من دون النطق بكلمة.
عوض ذلك، يلجأون إلى الإيماءات وتعابير الوجه للإشارة إلى مشاعرهم تجاه المنتجات، ما يكسب بعضهم ملايين المشاهدات والإعجابات على "تيك توك" ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى.
وقالت سانتولي في مقابلة هاتفية: "ليس لدي قدرة كبيرة على التركيز لفترات طويلة. أشعر أن لا أحد لديه ذلك بعد الآن، خصوصًا إذا كنت تشاهد "تيك توك"، هذا النوع من التقييمات الصامتة لفت انتباهي وانتباه كثيرين غيري، لأنه سريع للغاية والناس يريدون معرفة التفاصيل (أو المعلومات السرية) فورًا".
التواصل غير اللفظي ليس جديدًا
قد يبدو عدم وجود كلمات منطوقة في التقييم الصامت الذي يتطلب من الجمهور استنتاج ما إذا كان المقيم يحب المنتج أم لا، أمرًا سخيفًا.
لكنّ النوع ذاته من التواصل غير اللفظي في الإعلانات الأكثر تقليدية يروّج فيه الممثلون لمنتج مع رسم ابتسامة كبيرة على وجوههم.
ونحن قادرون على فهم هذه الإيماءات والتعابير على أنّها تواصل غير لفظي، وهو أي اتصال أو تفاعل من دون كلمات. ويمكن من خلال هذه الطريقة إخبار الآخرين بسرعة بما يشعرون به في أي لحظة معينة من دون التحدّث.
وقالت الدكتورة ديان بول، المديرة الأولى للقضايا السريرية في علم أمراض النطق واللغة في الجمعية الأمريكية لعلم النطق واللغة والسمع، إنه "يلعب دورًا مهمًا للغاية في التفاعلات وجهاً لوجه، وغالبًا ما ينقل معانٍ أكثر من الكلمات المنطوقة.
وأضافت: "من خلال التواصل غير اللفظي، يتم التعبير عن المشاعر".
وتعد المبالغة في هذه الإيماءات التواصلية غير اللفظية وتعابير الوجه بمثابة وسيلة لإضافة الاهتمام والإثارة"، وفقا لبول، مشيرة إلى أنّ هذا الأمر مشابه لاستخدام الناس للرموز التعبيرية.
أنواع مختلفة من الإشارات غير اللفظية
وفقًا لدراسة أجريت عام 2011، فإن القنوات غير اللفظية الثلاثة الشائعة التي يستخدمها الناس للتعبير عن المشاعر هي الجسد، والوجه، واللمس. على سبيل المثال، عندما تستمع إلى شخص ما، قد تدير جسدك لمواجهته، وتبتسم إذا كنت توافق على ما يقوله أو تلمس ذراعه لإظهار الدعم.
ويمكن لأي من هذه الأنواع الثلاثة من الاتصال غير اللفظي أيضًا أن تكون رموزًا، أي إيماءات لها معنى ثقافي متفق عليه، وفقًا لبحث أجري في جامعة "جيمس ماديسون" في ولاية فرجينيا.
على سبيل المثال، تحريك يدك بشكل دائري أمامك بشكل متكرر يشير إلى شخص آخر بالإسراع. والتظاهر بالتوقيع على فاتورة في الهواء، يُعد وسيلة غير لفظية لطلب الفاتورة من النادل.
تنقل التقييمات الصامتة المعنى بالإيماءات
عندما نتحدث إلى شخص ما وجهًا لوجه، نتمكن من إظهار الانتباه والاتصال الشخصي والعواطف لأننا نستطيع أن نتصور الشخص الآخر على أنه حقيقي، لكن من الصعب القيام بذلك خلال التواصل عبر الإنترنت، ما يؤدي إلى محادثة محدودة وصراعات أكثر تكرارًا.
مع ذلك، تعيد التقييمات الصامتة الاتصال غير اللفظي، حتى وإن كان في شكل أكثر مبالغة.
قال الدكتور رون ريجيو، أستاذ علم النفس وخبير في الاتصال غير اللفظي والقيادة بكلية "كليرمونت ماكينا" في ولاية كاليفورنيا: "نحن منجذبون إلى الأشخاص الذين يعبرون عن أنفسهم بشكل غير لفظي (إنه مفتاح الكاريزما)، وهؤلاء الأشخاص في التقييمات الصامتة يستغلون هذا التعبير غير اللفظي من خلال تعابير الوجه المبالغ فيها والإيماءات من أجل جذب الاهتمام ونقل الرسالة".
وفقًا لريجيو، إنها أيضًا تعد لعبة بالنسبة للأجيال التي سئمت من الإعلانات وطرق التقييمات التقليدية. وقال: "من أجل معرفة الرسالة، نصبح أكثر انتباهًا للإشارات غير اللفظية (وقراءة الشفاه) لمحاولة معرفة ما يتم التواصل بشأنه".
وتابع:"كل ذلك يحفز الناس على محاولة الانتباه عن كثب وفك رموز الرسالة (الرسائل)".
طرق ممارسة الإشارات غير اللفظية
وفقًا لبول من الجمعية الأمريكية لعلم الكلام واللغة والسمع، يمكنك ممارسة التواصل غير اللفظي بهذه الخطوات الثلاث، تمامًا كما نفعل مع الأطفال: العرض، والملاحظة، والتعليمات الصريحة.
يمكن أيضًا عرض التقييمات الصامتة على الأشخاص وجعلهم يفسّرون الرسالة التي يحاول صانع المحتوى نقلها، ما يجعلها أداة تعليمية رائعة، وفقًا لبول.
وقالت بول بشأن صناع المحتوى الذين يستخدمون التقييمات الصامتة: "إنهم قادرون حقًا على إجراء تغييرات دقيقة تحدث فرقًا. لذا، فإن الإشارة للأطفال أو البالغين الذين يعانون من مشاكل في التواصل قد تكون طريقة جيدة للمساعدة على تعزيز تطور لغتهم".