عمّال بتغلّبون على العبودية ويزرعون "طعاماً عادلاً"
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تغطي أليخاندرا كاريرا جسدها بالكامل بالملابس وقطع القماش، لتقي نفسها من حرارة الشمس الحارقة في ولاية فلوريدا الأمريكية، بينما تمارس عملها كمزارعة في حقل الطماطم.
اليوم، ما من شيء يؤرّق أليخاندرا سوى الحرارة المرتفعة، لكن، هذا لم يكن الحال عندما قدمت إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ 20 عاماً، للعمل بين المزارعين المهاجرين، إذ كانت وحيدة تماماً، ولم يكن عمرها قد تجاوز الـ 14 عاماً.
تذكر كريرا أنه بعد وقت قصير من بداية عملها في المزرعة، حاول المشرف عليها استغلالها جنسياً، ووعدها بعمل أسهل داخل أحد المستودعات. لكن، ما إن دخلت إلى سيارته، أخذها إلى مكان بعيد وحاول اغتصابها.
تتذكر كاريرا بامتنان شديد المزارع الذي سمع صراخها وأنقذها قبل أن يتمكن الخاطف من اغتصابها، وتتذكر كيف طردت هي وذاك المزارع من العمل في اليوم التالي.
قد يهمك أيضاً: متعة بلا ذنب.. بهذه الشوكولاتة الخالية من العبودية
وفي تسعينيات القرن الماضي، لم تُوجد أي قوانين في الولايات المتحدة تحمي المزارعين المهاجرين من الإساءات الموجهة إليهم. وتقول كاريرا: "لم يعلم أحد منا شيئاً عن الحقوق. لم نتمكن من تنفيذ حقوقنا كعمال. كنا نقبل بكل شيء يخبروننا به، ونقوم بعملنا."
وفي العام 1993، قررت مجموعة من الناشطين الأمريكيين والعمال المهاجرين تأسيس ائتلاف عمال إيموكالي، وهي مؤسسة غير ربحية تسعى إلى تحسين الدخل وأجواء العمل للعمال المهاجرين في المزارع. ويحمل الائتلاف اسم بلدة إيموكالي الأمريكية في ولاية فلوريدا الأمريكية، والتي تعتبر مركزاً لزراعة الطماطم الأمريكية، بالإضافة إلى كونها أساس عبودية العصر الحديث في الولايات المتحدة.
قد يهمك أيضاً: كيف تغلبت هذه الفتاة على “تجار الجنس؟”
وبحسب لورا جيرمينو، التي شاركت في تأسيس الائتلاف، كانت حالات إجبار العمال واحتجازهم رغماً عنهم بقوة السلاح تنتشر بشكل كبير، ما أدى إلى تعرّض العديد من العمال إلى اعتداءات الضرب بالسوط، أو الاعتداءات الجنسية.
وتمكنت المؤسسة من نقل الكثير من حالات الاعتداء تلك إلى المحاكم الفدرالية، ووصل عدد القضايا التي رفعتها ضد الإتجار بالعمالة إلى ثماني حالات.
برنامج الطعام العادل
اليوم، لم يعد تركيز ائتلاف عمال إيموكالي يتمثل بالكشف عن حالات عبودية العصر الحديث، بل دفع مبادرة "برنامج الطعام العادل،" والتي تراقب مزارع الطماطم وتقوم بحملات تفتيش بشكل دوري، لتقصي حالات العمالة القسرية أو العبودية، بالإضافة إلى تنظيم الدروس الإجبارية للمزارعين لتعيمهم المعرفة بحقوقهم، وتدريبهم على أسس التصرف الأفضل في حال وقوعهم ضحايا للعبودية.
قد يهمك أيضاً: "أعين على الطرق".. بناء "جيش" من سائقي الشاحنات لمكافحة الاتجار بالبشر
وفي حالة عدم تعاون أحد أصحاب الأراضي مع قوانين الائتلاف، سيُقاطع من قبل 14 منفذاً للبيع، بينها علامات شهيرة مثل مطعم "ماكدونالدز" و"تاكو بيل" و"وول مارت." ووافقت منافذ البيع على دفع بنساً إضافياً لكل رطل من الطماطم تقوم بشرائه، ويذهب مباشرة للمزارعين.
اليوم، تعمل أليخاندرا كاريرا في إحدى مزارع إيموكالي، وتحلم بمستقبل باهر لأولادها الثلاثة، الذين يكملون تعليمهم المدرسي، ويطمحون إلى دخول الجامعات بعد التخرّج.