القاهرة، مصر (CNN)-- توقع محللون واقتصاديون أن تتخذ الحكومة المصرية إجراءات تتعلق بتعويم الجنيه ليصبح رهن العرض والطلب أو خفض جزئي للعملة المحلية، وذلك قبل اجتماع مرتقب للمديرين التنفيذين لصندوق النقد الدولي لمناقشة إقراض مصر نحو 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات.
يأتي ذلك في حين ارتفع الاحتياطي من النقد الأجنبي بمصر إلى 19.582 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر، بعد أن كان 16.564 مليار دولار في نهاية أغسطس الماضي حيث يصل سعر الدولار في السوق الرسمي إلى 8.88 جنيه.
لكن المحلل المالي إيهاب سعيد، أكد أن هذا الرقم لا يكفي لتعويم العملة المحلية والتي قد تفقد جزءا كبيرا من قيمتها إذ قد يصل سعر الدولار بين 14 إلى 15 جنيها، حيث تحتاج الحكومة لما يزيد عن 25 مليار دولار لتحرير سعر الصرف وليس تعويما كاملا، إذ يصعب على الدول الناشئة اتخاذ إجراء كهذا.
وأوضح، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن البنك المركزي يمكنه تدبير هذه التمويلات والقروض عند الحصول على الدفعة المبدئية من قرض الصندوق وتصل إلى 2.5 مليار دولار إضافة إلى اتجاه الحكومة لإصدار سندات دولية.
وتحتاج مصر لتدبير تمويل قدره 6 مليارات دولار قبل اجتماعات المجلس التنفيذي لصندوق النقد للتصويت على القرض. كما تعود مصر إلى سوق السندات بالأسواق الدولية حيث تتجه لطرح سندات بقيمة 3 مليارات دولار لسد جزء من الفجوة التمويلية.
ونقلت وسائل إعلام مصرية أن صندوق النقد لن يبحث قرض بقيمة 12 مليار دولار لمصر خلال الاجتماعات السنوية التي ستبدأ الخميس، لكن الأمر سيحسم خلال اجتماعات أخرى للمديرين التنفيذين سيحدد في وقت لاحق، ذلك على الرغم من حضور وفد رفيع المستوى لاجتماعات السنوية للصندوق.
وحصلت مصر على وديعة إماراتية تقدر بمليار دولار في أغسطس الماضي، كما حصلت على مليار دولار من البنك الدولي لأغراض سياسة التنمية، في سبتمبر الماضي، إضافة إلى قرض بقيمة نصف مليار دولار من المملكة العربية السعودية ونصف مليار دولار من بنك التنمية الأفريقي.
من جهة أخرى فقد أكد سعيد، على وجود مؤشرات خاصة باتجاه الحكومة لتعويم الجنيه أو تحرير سعر الصرف على مراحل، أهمها الإعلان عن وجود برنامج للإصلاح الاقتصادي، والتأكيدات الحكومية على أهمية إزالة الفجوة بين سعري الصرف في السوقين الرسمي والموازي، إضافة إلى تصريحات سابقة للرئيس عبد الفتاح السيسي أكد خلالها أهمية ضبط الأسعار مهما كان سعر الصرف، وهي إشارة استقى منها البعض بأن التعويم قد اقترب.
كما أشار المحلل المالي أن صندوق النقد لن يوافق على القرض من دون إزالة الفجوة بين سعري الصرف، لافتا إلى أن الكثيرين من المراقبين والمحللين كانوا يتوقعون إصدار قرار لتعويم الجنيه من جانب البنك المركزي في عطائه للبنوك أمس الثلاثاء ولكن ذلك لم يحدث.
لكنه رجح أن يقوم المركزي باتخاذ إجراءات حيال العملة المحلية قبل اجتماعات المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، موضحا بشأن التخفيض السابق للعملة في مارس الماضي كان غير كاف إذ أنها لم تنخفض أكثر من 14 إلى 16% وهو ما لا يتناسب مع الاضرابات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها مصر خلال الخمس سنوات الماضية.
كما أكد على أهمية وضع ضمانات حتى لا تنخفض العملة المحلية لأكثر من السعر العادل أمام الدولار الأمريكي، لافتا إلى أن وصول سعر الصرف إلى قيمته العادلة قد يكون جاذبا لدى المستثمرين والمصدرين، ولكنه قد يؤثر على الاستيراد من الخارج لفترة معينة.
وأشار إلى أن تحرير سعر الصرف مع موافقة صندوق النقد على القرض المصري، سيضع مزيدا من الضغوط على محلات الصرافة، متوقعا أن يفقد الجنيه نحو 35 إلى 40% من قيمته ليزيد إلى ما بين 11 و12 في البنوك وأكثر من 14 و15 جنيها في السوق الموازية والتي عادة ما تكون الأسعار لها متذبذبة من تاجر لآخر.
واستبعد المحلل المالي محمد بهاء الدين، أن تقدم الحكومة على ما تعويم الجنيه في الوقت الحالي، مرجحا أن يتم ذلك خلال شهرين أو بداية العام المقبل لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، ذلك على الرغم من أنها خطوة يجب أن تحدث عاجلا أم آجلا.
وأكد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، على عدم وجود غطاء وضمان حماية للفئات المهمشة والفقيرة نتيجة ارتفاع سعر الصرف والذى يعتمد عليه العديد من السلع والخدمات في مصر، إضافة إلى عدم وجود مخزون للعملة الصعبة من الدولار تتيح للدولة القدرة على استعاضة الفرق بين السعر الحالي والسعر بعد تعويم العملة حيث يحتاج الأمر لزيادة الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية ما بين 25 الى 30 مليار دولار.
وأشار إلى عدم وجود تشريعات وقوانين اقتصادية جيدة لجذب المستثمرين الذين سيتم استهدافهم مع تعويم العملة المحلية، كما توقع أن يرتفع الدولار في السوق الموازية لأعلى من سعره العادل ليكون 15 إلى 16 جنيها، والذي قد يستغرق عدة أشهر حتى يعود لسعره الطبيعي ما يشير إلى أن الجنيه قد يفقد نحو 50% من قيمته.