"القيمة المضافة" في مصر.. زيادة إيرادات الحكومة وزيادة "أعباء المواطن"

اقتصاد
نشر
8 دقائق قراءة
"القيمة المضافة" في مصر.. زيادة إيرادات الحكومة وزيادة "أعباء المواطن"
Credit: GETTY IMAGES

القاهرة، مصر (CNN)-- في الوقت الذي كانت فيه لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري تواصل اجتماعاتها، يوليو الماضي، لمناقشة مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، الذي أعدته الحكومة لتطبيقه على السلع والخدمات المقدمة للمواطن، خرجت وزارة المالية في البلاد بدراسة تحت إشراف صفاء حلمي السيسي، مدير عام الإدارة العامة للبحوث المالية بالوزارة، أعدها مجموعة من الباحثين تحت عنوان "مدى جدوى تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الوقت الراهن.. إطار مقترح لتطبيقها في مصر".

ورصدت وزارة المالية المصرية مجموعة من الإيجابيات حال تطبيق ضريبة القيمة المضافة تلخصت فيما يلي:

  1. الحاجة الملحة لزيادة الإيرادات لاحتواء العجز المرتفع والمتزايد في الموازنة العامة للدولة.
  2. زيادة الإيرادات نظرا لتراجع حصيلة الضريبة العامة على المبيعات خلال الست سنوات الأخيرة كنسبة من الإيرادات الضريبية، ومن الضرائب على السلع والخدمات.
  3. الحاجة إلى زيادة الإيرادات من خلال توسعة الوعاء الضريبي.

لغة الاقتصاد الجافة، التي لا يعرف كثير من المواطنين العاديين فك طلاسمها عادة إلا عندما تقترب من جيوبهم، تقول إن أبسط تعريف لـ"قانون القيمة المضافة" هو "ضريبة تُفرض على السلع والخدمات في مختلف مراحل إنتاجها أو تقديمها، ويدفع المكلف بها في كل مرحلة ضريبة على القيمة، التي تضيفها تلك المرحلة للقيمة النهائية للسلعة أو الخدمة، وتنعكس الزيادة في النهاية على سعر بيع السلعة أو تأدية الخدمة للمستهلك النهائي، والذي يكون فعليا هو المتحمل لتلك الضريبة بشكل غير مباشر".

أي أنه ببساطة تتحمل جيوب المستهلك المصري، وفقًا لتعريف الضريبة، ثمن السلعة منذ بدايات إنتاجها حتى وصولها إلى يده.

ويتوقع نائب وزير المالية المصري للسياسات الضريبية عمرو المنير أن تكون الحصيلة من تلك الضريبة نحو 32 مليار جنيه خلال سنة مالية كاملة. وقال المنير، في تصريحات صحفية، إن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يحقق عدة أهداف أبرزها، توسيع قاعدة المجتمع الضريبي، وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل أن 90% من السلع الأساسية معفاة من هذه الضريبة، وأن الأكثر استهلاكًا خصوصًا لسلع الرفاهية أو غير الأساسية، يقع عليه العبء الأكبر من الضريبة، لافتًا إلى أن القانون "سوف يعالج التشوهات الموجودة في القانون الحالي"، فضلا عن "تحقيق زيادة في الحصيلة الضريبية تسهم في خفض جزء من عجز الموازنة العامة للدولة".

لكن النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب المصري، الرافض لتطبيق قانون المضافة، يرى أن إقراره "يتسبب في معاناة للمواطن المصري"، مشددًا، في تصريحات لـCNN بالعربية، على ضرورة "الرأفة بالمواطن البسيط".

وطرح الحريري مجموعة من البدائل، التي يمكن أن تستعين بها الدولة المصرية بدلًا من "القيمة المضافة، وكان أولها تطوير آليات العمل في مصلحة الضرائب المصرية، موضحًا: "هناك أكثر من 140 مليار جنيه تهرب من الضرائب، التي تعادل 3 أضعاف العائد المتوقع من تطبيق القيمة المضافة"

ويضيف الحريري أن الحل الثاني يعتمد على تطوير آليات العمل أيضًا في مصلحة الجمارك، قائلًا إن "هناك 40 مليار جنيه تهرب من الجمارك، بما يعادل العائد من إقرار القيمة المضافة في عام واحد".

واعتبر الحريري أن "الحكومة الحالية في مصر (تستسهل) وضع يدها في جيب المواطن البسيط، بدلًا من تحقيق العدالة الاجتماعية، فعلى سبيل المثال ضريبة الدخل كانت قيمتها 40% في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، ثم قلت قيمتها لـ30% حتى أصبحت الآن 22.5%، كما أن الضريبة على أرباح البورصة تم تأجيل العمل بها لمدة عامين، وهذا انحياز للأغنياء على حساب الفقراء".

كما يرى الحريري أن "الحكومة عاجزة عن تطبيق الرقابة على الأسواق"، في إشارة منه لارتفاع الأسعار تبعًا لتطبيق "القيمة المضافة"، قائلًا إن "المواطن البسيط لا يحتمل أي أعباء مالية جديدة".

وأعلن صندوق النقد الدولي في 11 أغسطس الماضي توصله إلى اتفاق مع الحكومة المصرية كي تحصل على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات لـ"دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة المصرية"، فيما أقر البرلمان المصري بعدها بأيام قانون ضريبة القيمة المضافة، الذي يفتح الباب أمام حصول القاهرة على ذلك القرض.

وسيطبق القانون بقيمة 13% للعام المالي الجاري 2016/ 2017، بينما سيشهد العام المقبل ارتفاعًا في النسبة إلى 14%.

ورد رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، في تصريحات صحفية، على المعارضين للقانون، بقوله: "البرلمان يدافع عن محدودي الدخل ونجح في انتزاع قائمة سلع معفاة من الضريبة، وهو ما يعد انتصارا للإرادة الشعبية".

وتشمل قائمة الإعفاءات سلعا غذائية أساسية من بينها الخبز. وستحل ضريبة القيمة المضافة محل ضريبة المبيعات التي كانت نسبتها 10%، وكانت تطبق في التسعينيات من القرن الماضي.

ودخل المحامون أو ما يعرف بـ"القضاء الواقف" على خط الأزمة، بالتعبير عن رفضهم لمواد القانون فيما يتعلق بالإقرارات التي يجب عليهم تقديمها بشأن دخولهم، بينما سيتضح مدى تأثير "القيمة المضافة" على المصريين فيما يتعلق بأسعار السلع الخدمات خلال الأيام المقبلة.

من جانبها، رأت الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تطبيق قانون القيمة المضافة "قرار جيد"، لأنه سيوفر من وجهة نظرها 30 مليار جنيه للدولة المصرية، موضحة أن "القانون يماثل ضريبة المبيعات".

وقالت المهدي لـ"CNN" إن "الحكومة لن تستطيع فرض رقابة على الأسواق مع تطبيق قانون القيمة المضافة، لأنه هناك نحو 3 ملايين من التجار في القرى والمدن، وهو أمر يصعب تحقيقه".

ويبدو أن ضريبة القيمة المضافة قد تنتقل إلى بعض دول المنطقة، ومن بينها الإمارات، التي أكدت حكومتها أنها تقوم  بـ"تقديم العديد من الخدمات العامة المختلفة لمواطنيها وللمقيمين فيها - بما في ذلك المستشفيات والطرقات والمدارس الحكومية والمنتزهات وإدارة النفايات وخدمات الشرطة، وتتم تغطية تكاليف جميع هذه الخدمات من الميزانيات الحكومية"، وفقا لما نشرته وزارة المالية الإمارتية على موقعها الإلكتروني، ورأت أن "ضريبة القيمة المضافة ستمثل مصدر دخل جديد للدولة مما يساهم في ضمان استمرارية توفير الخدمات الحكومية العالية الجودة في المستقبل، وسوف يساعد مصدر الدخل هذا الحكومة على المضيّ قدماً نحو تحقيق رؤيتها المتمثلة في خفض الاعتماد على النفط وغيره من المنتجات الهيدروكربونية كمصادر أساسية للإيرادات"، وتوقعت الوزارة أن يبدأ تطبيقها في بداية عام 2018.