دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- حذر صندوق النقد الدولي المملكة المتحدة من مغبة الخروج من الاتحاد الأوروبي، بريكست، "دون اتفاق"، وهو ما سيكلفها خسارة تصل إلى 8% من ناتجها المحلي الإجمالي مقارنة بخروج سلس قائم على اتفاق.
وقال الصندوق في بيان، مساء الأربعاء، إنه من المقرر أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار من العام المقبل 2019، وهي الآن تتفاوض حول علاقاتها المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، وسط تراجع في معدلات النمو الاقتصادي منذ استفتاء عام 2016.
ورصد الصندوق تراجعا للاستهلاك الخاص بسبب بطء النمو في معدلات الدخل الحقيقي للسكان، في حين تراجع الاستثمار في الأعمال التجارية - تاثرا بتوقعات ارتفاع تكاليف التجارة وعدم اليقين بشأن شروط الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ولكنه تراجع بمعدلات أقل مما كان متوقعاً نظراً للنمو العالمي القوي وظروف التمويل المواتية.
نمو معتدل في حال الاتفاق وخسارة كبيرة بدونه
وتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد البريطاني بشكل معتدل يزيد عن 1% حلال السنوات المقبلة، بشرط الوصول إلى اتفاقية تجارة حرة واسعة مع الاتحاد الأوروبي وعملية انفصال سلسة.
وحدد صندوق النقد الدولي إيجابيات حدوث اتفاق بين الجانبين على الاقتصاد البريطاني، حيث يمكن للاتفاق مع وجود معوقات أقل للتجارة أن "يعزز من الثقة ويؤدي إلى معدلات نمو أعلى"، بينما يتمثل الجانب السلبي في عودة بريطانيا للعمل وفقا لقواعد التجارة في منظمة التجارة العالمية حتى بطريقة منظمة ما سيتسبب في "خسائر على المدى الطويل" للمملكة المتحدة تبلغ حوالي 5 إلى 8% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بسيناريو خروج سلس لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، نظرا لارتفاع الحواجز الجمركية وغير الجمركية، وانخفاض الهجرة، والاستثمار الأجنبي المباشر.
الخروج غير المنظم وخيارات صعبة للشعب البريطاني
أما السيناريو الأسوأ، من وجهة نظر الصندوق، فيتمثل في الخروج غير المنظم من الاتحاد الأوروبي دون فترة انتقالية، ومن شأنه أن يؤدي لانخفاض حاد في الثقة وانعكاس تدفقات رأس المال، مما يؤثر سلبا على أسعار الأصول وقيمة الجنيه الاسترليني.
وحذر الصندوق بريطانيا من ارتفاع الدين العام حاليا، كما أن الموقف المالي حساس للصدمات السلبية للنمو، حيث سيؤدي ارتفاع معدلات أعمار السكان إلى ضغوط كبيرة على الإنفاق على المدى الطويل، مما يعرض الشعب البريطاني لخيارات صعبة، فإما زيادة الضرائب والرسوم، أو تأثر مستوى أو نوعية الخدمات الصحية والمعاشات التقاعدية.
وسيتطلب خروج بريطانيا بدون شروط تقشفًا أكبر على المدى الطويل بسبب آثاره السلبية على النمو، حيث أن تراجع مستويات الإنتاج سيقلل من عائدات الضرائب، وهذا سيتطلب المزيد من التعديلات للحفاظ على الاستدامة المالية.
مصاعب منتظرة في سوق العمل
ورغم اعتدال نمو الاقتصاد، ووصول معدلات التوظيف إلى ارتفاعات تاريخية، ستقل قدرة الاقتصاد على الاستمرار في النمو دون توليد تضخم مع انخفاض استثمارات الشركات، وعدد المهاجرين الأوروبيين القادمين إلى المملكة المتحدة بسبب انخفاض العمل، وستنخفض معدلات نمو الناتج لكل عامل.
ورجح الصندوق أن تزيد الأجور المحلية وتكاليف الأعمال الأخرى، وأن تكون هناك حاجة لرفع أسعار الفائدة على مدى العامين القادمين لضمان أن يتقارب التضخم بشكل مستدام مع هدف الحكومة البالغ 2%.
سيساعد التركيز المستمر على الإشراف التحوطي القوي على ضمان الاستقرار المالي في سياق الظروف المالية السهلة نسبياً والمخاطر المرتبطة بخروج بريطانيا.
ضعف مستوى الطلاب البريطانيين وزيادة الانتاجية
وفيما ربط الصندوق مستويات المعيشة المستقبلية للمقيمين في المملكة المتحدة بزيادة الإنتاجية، وهي الكمية التي ينتجها كل عامل في الساعة الواحدة، فإنه دعا لوضع هدف تعزيز رأس المال البشري من الأولويات الرئيسية في هذا السياق، حيث يصنف طلاب المملكة المتحدة في مرتبة متدنية في اختبارات الحساب الأساسي ومحو الأمية رغم ارتفاع متوسط الإنفاق على التعليم نسبياً.
كما ستساعد جهود الحكومة للاستثمار في البنية التحتية، وزيادة المعروض من المساكن، وزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة ، في دعم نمو أكثر استدامة وشمولا.
ورجح الصندوق أن يتسبب بريكست في إعادة تشكيل اقتصاد المملكة المتحدة وأن تتأثر القطاعات الاقتصادية المختلفة بشكل مختلف بعد الانفصال عن الاتحاد الأوربي، افي ظل العوائق الجديدة التي تواجهها، ورأى أن زيادة استخدام سياسات سوق العمل النشطة يمكن أن يساعد في التكيف مع العمال ذوي المهارات المتدنية والمتخصصين على حد سواء، ودعا إلى تطوير سياسات تدعم العمال وليس الوظائف أو قطاعات معينة.