القاهرة، مصر (CNN) -- عاد صندوق النقد الدولي، لتصدر المشهد الاقتصادي في مصر مرة ثانية، بعد إعلان الحكومة، تقدمها بطلب حزمة مالية من الصندوق، طبقًا لبرنامج أداة التمويل السريع "RFI" وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني "SBA" لتعزيز قدراتها على مواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأكدت الحكومة أن لجوئها للاقتراض مرة ثانية من الصندوق، يهدف للاستمرار في الحفاظ على استقرار مؤشرات الاقتصاد المصري، وتحوطا من تأثيرات سلبية محتملة قد تعوق قدرته على التعافي وعودة النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى دعم ثقة السوق والحفاظ على المكتسبات والنتائج الإيجابية التي تحققت في السنوات الأخيرة من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي، والتي تستند عليه في طلبها من الصندوق.
وحدد خبراء سبب حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي، لاحتياجها مساندة مالية لمواجهة تأثير الصدمة الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا لدعم الموازنة العامة وميزان المدفوعات بالسلع الأساسية والآثار السلبية للعائدات "الدولارية"، وتوقعوا أن تتراوح قيمة القرض ما بين 3 إلى 5 مليار دولار، على أن يتم صرفه خلال شهر يونيو/حزيران القادم.
وليست هذه المرة الأولى التي تقترض مصر من صندوق النقد الدولي خلال آخر 5 سنوات، إذ سبق أن حصلت على موافقة الصندوق في نوفمبر/تشرين ثاني 2016 في الحصول على مساعدة مالية لمصر من خلال اتفاق للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF) بقيمة 12 مليار دولار أمريكي.
ونفذت مصر برنامجا للإصلاح الاقتصادي، أشادت به جميع المؤسسات الدولية، وحقق نجاحات عدة منها تحقيق فائض أولي بنسبة 2% من الناتج المحلي وهو ما وفَّر للحكومة مساحة مالية تمكنها من التعامل مع الأزمات والصدمات الاستثنائية، كما تم تخفيض عجز الموازنة وتخفيض الدين العام وتكوين احتياطيات دولية كافية من النقد الأجنبي قادرة على الدفاع عن استقرار الأوضاع النقدية والمالية في البلاد من خلال امتصاص الصدمات الخارجية واضطرابات الأسواق العالمية التي يمر بها العالم أجمع.
واقترضت دول عدة من صندوق النقد الدولي، لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد، من خلال "أداة التمويل السريع"، وهى مساعدات مالية عاجلة لكل البلدان الأعضاء التي تواجه موازين مدفوعاتها احتياجات ماسة، وقد أنشئت هذه الأداة في سياق عملية إصلاح أوسع نطاقا تهدف إلى زيادة مرونة الدعم المالي الذي يقدمه الصندوق لتلبية الاحتياجات المتنوعة للبلدان الأعضاء، وتحل "أداة التمويل السريع" محل سياسة المساعدة الطارئة التي كان الصندوق يطبقها في مجموعة واسعة من الظروف.
ترى الخبير الاقتصادي، ريهام الدسوقى، أن لجوء الحكومة المصرية للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي لاحتياجها مساندة لمواجهة تأثير الصدمة الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا من خلال أداة التمويل السريع FRI، لدعم الموازنة العامة وميزان المدفوعات لتمويل استيراد السلع الاساسية والآثار السلبية للانخفاض المتوقع للموارد الدولارية.
وأشارت الدسوقى في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى تأثر عائدات العملة الصعبة في مصر سواء من السياحة وقناة السويس بالإضافة إلى توقعات بتأثير سلبي لتحويلات المصريين بالخارج ممن تأثر عملهم بالجائحة الحالية و تأثر الدول البترولية بانخفاض اسعار البترول العالمية.
وتوقعت الدسوقي أن تتراوح قيمة القرض بين 3 إلى 5 مليارات دولار على المدى القصير، ليتم تغطية احتياجات الفترة الحالية والعام المقبل، أما إذا استمرت الجائحة لأكثر من ذلك فقد ترتفع قيمة القرض.
فيما ارجع محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، سبب توجه مصر للاقتراض من صندوق النقد الدولي، إلى أنه في إطار سياسة دعم الاقتصاد المصري وزيادة مساحة الأدوار التي تلعبها في توفير السيولة المالية وسياج حمائي وزيادة مرونة الاقتصاد على المديين المتوسط والطويل.
وتوقع عادل في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تتراوح قيمة القرض بين 3 إلى 4 مليارات دولار، مشيرا إلى أن أغلب دول العالم والاقتصاديات الناشئة قد طلبت قروضا شبيهة وفقا لهذه الآلية، وهو أمر يساهم بشكل كبير في تعزيز المرونة المالية بالنسبة إليها بالإضافة إلى أنه واحد من العوامل المهمة بمعالجة التحديات التي تنتج عن فيروس كورونا، منوها إلى أن قيمة القرض لن تكون كبيرة وأن التسهيل سوف تصل مدته ما يقرب من العام تقريبا، حيث أن هذا النوع من التسهيلات تصل مدته القصوى إلى 24 شهر ولكن مصر تسعى للحصول عليه لمدة عام كامل.
وأشار عادل إلى أن هذا التسهيل يتم صرفه بشكل عاجل بعد موافقة، مجلس مديرين الصندوق، الذي من المنتظر بعد إتمام المفاوضات المصرية معه خلال الأسابيع القليلة القادمة أن يتم صرفه خلال شهر يونيو القادم، متوقعا أن تشهد الفترة القادمة اتخاذ مصر العديد من الإجراءات لتنشيط الاقتصاد المصري لمواجهة تداعيات كورونا على المديين المتوسط والطويل.