دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قدم نواب في البرلمان المصري طلبات لعقد جلسات استماع لوزير المالية، محمد معيط، لمناقشة جدوى تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على المتعاملين بالبورصة من يناير/ كانون الثاني 2021، بعد انتهاء مدة تأجيلها، فيما يرى مسؤولون وخبراء بسوق المال أهمية اتخاذ قرار حاسم بشأنها حتى لا تؤثر سلبًا على برنامج الطروحات الحكومية، مُفضلين استمرار ضريبة الدمغة على التعاملات في الوقت الحالي.
وظهر ملف تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية مرة ثانية، بعدما نشرت الجريدة الرسمية في 3 سبتمبر/ أيلول الماضي، قرار وزارة المالية رقم 428 لسنة 2021 بشأن دليل قواعد المعالجة الضريبية للأرباح الرأسمالية الناتجة عن التصرف في الأوراق المالية والحصص وأذون الخزانة وضريبة الدمغة على التعامل في الأوراق المالية.
آنذاك، تأثر سوق المال سلبًا وحقق تراجعًا في رأس المال السوقي والمؤشرات، قبل أن يتعافى مرة ثانية خلال الأيام الماضية بعد طرح شركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية.
وقال محمد مصطفى السلاب، عضو مجلس النواب، إن البرلمان سيعقد اجتماعًا مع وزير المالية قريبًا، لمناقشة ضريبة الأرباح الرأسمالية على المتعاملين بسوق المال المصري، بما يحقق استقرار في البورصة وفي الوقت نفسه مراعاة مصلحة الدولة، لافتا أن الغرض من تأجيل تطبيق الضريبة في عام 2019 لمدة 3 سنوات، منح سوق المال دفعة على أمل تحقيق نمو اقتصادي، غير أن ظهور جائحة فيروس كورونا، وتأثير تداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي ومصر أثر على هذه الخطط، وفي الوقت نفسه تستعد الدولة لإطلاق برنامج طروحات لشركات كبرى.
وأضاف "السلاب"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية: "البرلمان سيتقدم بطلب لتأجيل الضريبة لمدة 3 سنوات أخرى أو أكثر أو لحين التوصل لحل يضمن استقرار البورصة حتى لا يؤثر عودة تطبيق الضريبة بتداعيات سلبية، خاصة مع استمرار الجائحة ووجود أزمات اقتصادية أخرى وارتفاع أسعار المواد الخام والعمليات التجارية العالمية واتجاه الدولة لتشجيع الاستثمار بشكل كبير.
وتابع :"لسنا ضد فرض ضريبة بقدر ما نستهدف أن يتم تطبيقها في التوقيت الأمثل".
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية، في مارس/ أذار 2018، تنفيذ برنامج طروحات حكومية يضم 23 شركة، لتشجيع الاستثمار بسوق المال، وجمع حصيلة 80 مليار جنيه (حوالي 510 مليون دولار) من حصيلة بيع حصصها في هذه الشركات، وبعدها بعام طرحت نسبة 4.5% من أسهم شركة الشرقية للدخان، وبنهاية الأسبوع الماضي طرحت حصة بشركة إي فاينانس، وحقق صعودًا تجاوز نسبة 50% في أولى جلساته.
وكان أول تطبيق لضريبة الأرباح الرأسمالية على المستثمرين بالبورصة المصرية في عام 2014. وقتها، استقبلت البورصة هذا القرار بتراجع جماعي لمؤشراتها وخروج العديد من المستثمرين الأفراد المصريين والعرب والأجانب، حسب رانيا يعقوب، عضو مجلس إدارة البورصة المصرية.
ورغم محاولات عديدة من ممثلي سوق المال لبحث الأمر مع وزارة المالية كان هناك إصرارًا على تطبيقها آنذاك، حتى جاء قرار المجلس الأعلى للاستثمار بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في 2016 بتأجيل الضريبة 3 سنوات، وتزامن معه إطلاق خطة الإصلاح الاقتصادي مما انعكس على تداولات البورصة التي صعدت في هذا التوقيت.
وأضافت "يعقوب"، في تصريحات خاصة لـ"CNN بالعربية"، أن وزارة المالية عاودت النقاش حول فرض ضرائب على البورصة عام 2017، وقررت فرض ضريبة الدمغة المتدرجة على تداولات البورصة لحين تطبيق ضريبة الأرباح، وذلك بنسبة 1.25 في الألف على البائع والمشتري في العام الأول، وترتفع إلى 1.5 في الألف في العام الثاني، لتصل إلى 1.75 في الألف في مايو/ أيار 2019، إلا أن وزارة المالية عادت مرة أخرى، وأعلنت تقدمها بمشروع قانون آنذاك لتثبيت الضريبة عند 1.50 في الألف.
وعادت وزارة المالية وخفضت ضريبة الدمغة مرة أخرى للمقيمين المتعاملين في البورصة لـنصف في الألف، بدلًا من 1.5 في الألف، و1.25 في الألف لغير المقيمين مع إعفائهم من ضريبة الأرباح الرأسمالية بشكل كامل، مع خفض سعر ضريبة التوزيعات النقدية للشركات المقيدة في البورصة لتصبح 5% بدلًا من 10%، فيما تقرر الإعفاء الكامل لتعاملات البيع والشراء في ذات الجلسة مع تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية إلى يناير/ كانون الثاني 2022.
واستكملت أن سوق المال المصري التقط أنفاسه للمرة الثانية بعد هذه القرارات، وصعد مرة أخرى خلال العامين الماضيين برغم تداعيات الجائحة وآثارها السلبية، حتى عاودت وزارة المالية إصدار تقرير يوضح عودة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية ودخولها حيز التنفيذ اعتبارًا من يناير المقبل.
وأكدت رانيا يعقوب، أن عودة تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة قد يكون له تداعيات سلبية في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة لإجراء طروحات لشركات حكومية ضخمة في سوق المال المصري، مثل شركات العاصمة الإدارية الجديدة والمتحدة للخدمات الإعلامية والعلمين.
ومع فرض ضريبة قد تؤثر على قدرة سوق المال على جذب سيولة بطريقة قد تمثل عائقًا أمام هذه الطروحات، خاصة أنه لا توجد تقديرات للحصيلة المستهدفة من ضريبة الأرباح الرأسمالية، كما حدث عند فرض ضريبة الدمغة التي تصل إلى 840 مليون جنيه (53 مليون دولار) سنويًا. ومن المستهدف زيادتها عند تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية.
وترى "يعقوب" أنه من الأفضل استمرار ضريبة الدمغة، التي لم يكن لها تأثيرات سلبية على المستثمرين، مع إعطاء محفزات ضريبية لطرح الشركات في البورصة.
واتفق معها محمد ماهر، رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية - إيكما، بشأن التداعيات السلبية المحتملة لتطبيق الضريبة على برنامج الطروحات الجديدة في البورصة، وعدم إقبال المستثمرين عليها، مؤيدًا استمرار ضريبة الدمغة ووقف ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وأضاف "ماهر"، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن مصير عودة ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة بيد مجلس النواب، إما دخولها حيز التنفيذ في يناير المقبل أو إلغائها أو استمرار العمل بضريبة الدمغة.
وقال: "الضريبة قرار سيادي، ومن الطبيعي أن يرفض أي مستثمر فرض ضريبة جديدة كونه سيدفع جزءً من الأرباح ولكن في حال تطبيقها يجب تجاوز المشكلات وتوضيح كيفية التطبيق".