تحليل: هل من السهل تطبيق مبادرة السعودية المتعلقة بالكربون؟

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
صورة أرشيفية تظهر مصانع في مدينة الجبيل الصناعية السعودية
صورة أرشيفية تظهر مصانع في مدينة الجبيل الصناعية السعودية Credit: GIUSEPPE CACACE/AFP/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--أعلنت المملكة العربية السعودية عن خطتها لتحقيق الحياد الصفري أي وقف الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحلول عام 2060، هل سيكون من السهل تطبيق هذه المبادرة على أرض الواقع؟

يشكل التغير المناحي تحدياً للإنسانية بشكل عام وللدول التي بنت اقتصادها على الثروة البترولية. وتتجه السعودية، أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم إلى تنويع اقتصادها من خلال اعتماد مزيج جديد من الطاقة وتنشيط قطاعات مثل السياحة والترفيه.

وفيما العالم يتجه نحو التحول إلى طاقة أنظف، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السبت ضمن فعاليات مبادرات السعودية الخضراء أن بلاده تعتزم استثمار 700 مليار ريال سعودي لتنمية الاقتصاد الذي وصفه بالأخضر.

ويأتي هذا الإعلان قبل أيام من انعقاد مؤتمر COP 26 في غلاسكو حيث من المتوقع أن تتفق البلدان على أهداف للحد من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.

وقال إحسان بوحليقة وهو اقتصادي سعودي بارز لـCNN بالعربية: "تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060، ليس بالأمر السهل فهو تحد تطلب ويتطلب إطلاق مبادرات، والعمل المنسق لتحقيقه، فنجاح هذه المبادرة يتطلب مساهمة كل الأنشطة التي تنتج انبعاثات".

وأضاف بوحليقة أن اهتمام السعودية بضبط الانبعاثات ليس وليد الساعة، ولعل الاهتمام المنهجي بدأ مع تأسيس المركز السعودي لكفاءة الطاقة، الذي أنشيء في عام 2010 وأطلق بعد فترة وجيزة من إنشائه برنامجاً وطنياً لكفاءة استخدام الطاقة، شمل رفع كفاءة استخدام الطاقة في عددٍ من الأنشطة مثل المباني والأجهزة كثيفة استهلاك الطاقة مثل أجهزة التكييف، والباعثة للعوادم مثل السيارات على سبيل المثال.

وكانت شركة أرامكو في مقدمة الشركات التي أعلنت عن تحقيق الحياد الصفري في أعمالها بحلول عام 2050.

وأشارت شركة سابك البتروكيماوية، السبت، إلى أنها تعمل على تطوير أول موقع لإنتاج الكيماويات على نطاق واسع في العالم يعمل بطاقة متجددة بنسبة 100% وجددت التزامها بخفض البصمة الكربونية.

وتابع بوحليقة بالقول: "استثمار ٧٠٠ مليار ريال لتحقيق الحياد الكربوني هو استثمار هائل بكل المقاييس، فهو يعادل متوسط تكوين رأس المال الثابت لمدة عامل كامل وفقاً للمتوسط الحالي. وبالطبع انضمام أرامكو السعودية لهذه المبادرة سيعني مساهمة جوهرية في الوصول إلى الهدف، فهي شركة الطاقة الأولى في العالم".

ولأن النفط والغاز والبتروكيماويات قلب الاقتصاد السعودي، يقول يوسف الشمري وهو اقتصادي سعودي إن أرامكو ستمهد الطريق أمام القطاع الصناعي والشركات الخاصة لتحذو حذوها.

وأضاف: "لدينا شركتان هنا ارامكو وسابك واعتقد انهما في ريادة الشركات التي ستخفض البصمة الكربونية للسعودية لانهما اصل الصناعة السعودية والجانب الاخر هو توليد الكهرباء أي شركة الكهرباء السعودية".

ورأى الشمري أن تحقيق الحياد الكربوني في السعودية هو أمر قابل للتطبيق نظراً لملاءتها المالية.

وتابع بالقول: "لدى أرامكو قدرات تمويلية كبيرة لذلك لن يشكل ذلك أي مشكلة لها ولكن الشركات الأخرى ستحتاج إلى دعم الحكومة عبر سياسة للكربون والحوافز".

وتوقع الشمري أن تتجه الحكومة إلى تقديم حوافز للشركات الخاصة كي تقوم بالاستثمارات اللازمة في مجال الكربون وأن تعتمد سياسة لتسعير الكربون وسوق للتداول به وهو أمر أعلن عنه صندوق الاستثمارات العامة بإطلاق سوق طوعية للتداول بالكربون.

من جهته، وفي حديث مع الـCNN بالعربية، قال أحمد سمير البرمبالي المدير العام بمجلس صناعات الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومقره أبوظبي: "الأثر على الأعمال باستثناء أرامكو وسابك سيكون من الصعب على الشركات الأخرى أن تطبق هذه المبادرة وذلك بالطبع يعتمد على الصناعة ولكن بشكل عام سيكون العبء المالي كبير على الشركات للعمل بهذه المبادرة في هذا الإطار الزمني. لم نطلع بعد على خطة التطبيق وما هي الحوافز المالية للمصانع، هل سيتم اعتماد ضرائب على ثاني أكسيد الكربون وما هي الآلية، كلها عوامل تساعد في فهم الخطة بشكل أوضح".

وضمن جهود التنوع الاقتصادي تشهد السعودية بناء أول مدينة في العالم خالية من انبعاثات الكربون "ذا لاين" في نيوم.

وفي هذا الصدد قال بوحليقة: "ما يعزز تحقيق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، أننا نشهد تنوعاً اقتصادياً لا تنحصر محاور ثقله في الاستثمار في الأنشطة الصناعية فقط، بل كذلك في إطلاق مشاريع عملاقة محدودة الانبعاثات مقارنة بما تضيفه للناتج المحلي الإجمالي، وهي مسعى للفصل بين نمو الاقتصاد وزيادة انبعاثات الكربون كنتيجة لذلك، ولذا نجد توجهاً أكبر لقطاع الخدمات مثل السياحة والترفيه".

وتابع: "بداية التطور في المملكة كانت مع استخراج النفط ثم تكريره وبعدئذ صناعة البتروكيماويات. اليوم، نحن نشهد صناعة جديدة تساهم في التنوع الاقتصادي للمملكة مثل نيوم والبحر الأحمر والقدية، وفي صلب اهتماماتها تعزيز الاقتصاد الأخضر والتركيز على الخدمات وتحسين جودة الحياة".

وفي إطار جعل الرياض مدينة مستدامة، سيتم رفع نسبة استخدام السيارات الكهربائية في المدينة إلى 30% بحلول عام 2030، حسبما أفاد رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض، فهد الرشيد، في تصريح له نشرته وكالة الأنباء السعودية.