القاهرة، مصر (CNN)-- تعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، الخميس، أول اجتماع لها في عام 2022 لبحث أسعار الفائدة، في ظل الإبقاء على الأسعار دون تغيير لـ9 مرات متتالية، وارتفاع التضخم السنوي في مصر إلى 6.5% خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويتوقع خبراء استمرار استقرار أسعار الفائدة في مصر دون تغيير لعدم وجود دوافع لتحريك الأسعار في ظل استقرار معدلات التضخم عند المستوى المستهدف البالغ 7% (+/- 2%)، وتقديم مصر عائد حقيقي مغري لسندات الخزانة الحكومية، وعدم زيادة البنك الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة.
وعقد البنك المركزي، أخر اجتماع لتحديد أسعار الفائدة يوم 16 ديسمبر الماضي، وقرر تثبيت العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عند 8.25% و 9.25% على التوالي، بينما ما يزال سعر العملية الرئيسية وسعر الخصم والائتمان عند 8.75%، لتحافظ مصر على صدارة أعلى معدل فائدة حقيقي في العالم، لزيادة جاذبية تجارة الفائدة بالجنيه المصري للمستثمرين الأجانب.
وتوقع أحمد حافظ رئيس وحدة بحوث الشرق الأوسط ببنك الاستثمار رينيسانس كابيتال، أن تثبت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري أسعار الفائدة لعدم وجود الحاجة لتحريك الفائدة في ظل استقرار معدل التضخم في الوقت الحالي عند مستهدف البنك المركزي البالغ 7% (+/- 2%).
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 6.5% خلال ديسمبر مقارنة بنسبة 6% لنفس الشهر من العام السابق، وجاءت هذه الزيادة نتيجة 3 أسباب، أولًا سنة الأساس، إذ انخفض معدل التضخم خلال الشهر ذاته من العام الماضي بنسبة كبيرة، ثانيًا ارتفاع موجة التضخم العالمية التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية المستوردة من الخارج، ثالثًا القرارات الحكومية المتعلقة بتحريك أسعار دعم السلع التموينية، بحسب خبراء.
واستبعد حافظ، في تصريحات لـCNN بالعربية، تأثير الارتفاع المرتقب في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية على الفائدة في مصر، وذلك في ظل تقديم مصر عائد حقيقي على سندات الخزانة الحكومية مرتفع يعوض الزيادة في أمريكا، مضيفًا: "مازال سعر الفائدة الحقيقي في مصر مرتفع وقادر على امتصاص أي زيادة في أمريكا، ولذا ليس هناك احتياج للبنك المركزي المصري لزيادة الأسعار".
وتقدم سندات الخزانة المصرية عائدًا حقيقيًا بنسبة 4%، حيث تصل نسبة عائد أذون الخزانة أجل 12 شهر عند 13.2% وباحتساب 15% ضرائب على أذون الخزانة المفروضة على المستثمرين الأمريكيين والأوروبيين لتصبح أسعار الفائدة في مصر من أقوى المعدلات المتوافرة في الأسواق الناشئة، بحسب بنك الاستثمار إتش سي.
وحول توقعات معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، يرى أحمد حافظ أنه ليست هناك ضغوط تضخمية صعبة تواجه السوق المصري في الوقت الحالي، مرجحًا أن يستقر معدل التضخم في نطاق مستهدف البنك المركزي، دون أن تؤثر زيادة تطبيق الحد الأدنى للأجور على التضخم، حيث سبق أن طبقت على العاملين بشركات قطاع الأعمال العام ولم تحدث أي تأثير.
وطبقت مصر الحد الأدنى للأجور للعاملين بشركات القطاع الخاص منذ مطلع العام الجاري، بقيمة 2400 جنيه (152.4 دولار) شهريًا، ويشمل هذا القرار نحو 20 مليون عامل في القطاع الخاص.
ورجحت الخبيرة المصرفية سهر الدماطي استقرار أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري الأول في عام 2022، لتحقيق ميزتين الأول استقرار عجز الموازنة المصرية، حيث تؤدي أي زيادة في أسعار الفائدة إلى زيادة بند مدفوعات الفائدة التي تستحوذ على جزء كبير من إجمالي المصروفات، ومن ثم تؤثر سلبًا على عجز الموازنة.
وأضافت أن الميزة الثانية لتثبيت الفائدة وهي دعم الاستثمارات الخاصة محليًا، في ظل التحديات الضخمة التي تواجهها سواء بارتفاع تكلفة الشحن عالميًا، وأزمة نقص سلاسل الإمداد، والاجتماع المرتقب لمنظمة أوبك بلس لتحديد كميات إنتاج النفط، وبالتالي أي زيادة سترفع من التكلفة على القطاعات الاقتصادية.
وأشارت الدماطي، في تصريحات لـCNN بالعربية، إلى أهمية تثبيت أسعار الفائدة لتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي ليزيد عن 5%، وهي نفس المستويات المتوقعة بصندوق النقد والبنك الدوليين، وكذلك توقعات مؤسسات التصنيف الدولية الإيجابية عن الاقتصاد المصري.
وتعد مصر الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط وأفريقيا التي احتفظت بثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة: "ستاندرد آند بورز" و"موديز" و"فيتش" خلال فترة من أصعب الفترات التي شهدها الاقتصاد العالمي في ظل جائحة فيروس كورونا، بحسب بيان رسمي.
وقالت سهر الدماطي، إن زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية سيؤدي إلى سحب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين الحكومية في الأسواق الناشئة نحو أمريكا، باعتبارها أكبر قوة اقتصادية في العالم، ولكن ليس هناك داعٍ لاتخاذ قرار برفع الفائدة في مصر في الوقت الحالي طالما لم ترفع الولايات المتحدة حاليًا، وذلك للتأثير السلبي لزيادة أسعار الفائدة محليًا على رفع تكلفة الاقتراض على الاستثمار الأجنبي وكذلك زيادة عجز الموازنة.
وخفضت مصر العجز الكلي للموازنة بنسبة 50% خلال الخمس سنوات الماضية، وتستهدف الوصول إلى6.7% في يونيو/ حزيران المقبل، مقابل 7.4% في يونيو الماضي، وتستهدف أقل من 6% العام المالي المقبل، وفي سبيل ذلك نجحت في تحقيق فائض أولي 3.2 مليار جنيه (203.6 مليون دولار) خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، وتستهدف تحقيق فائض أولي بنسبة 1.2% من الناتج المحلى الإجمالي بنهاية العام المالي الحالي، بحسب بيان رسمي لوزارة المالية.