القاهرة، مصر (CNN)-- فرضت الحرب الروسية على أوكرانيا تداعياتها على سوق الأسهم في مصر، والذي فقد أكثر من 85 مليار جنيه (5.4 مليار دولار) من رأس المال السوقي منذ بداية العام.
وتراجع المؤشر الرئيسي بنسبة 13% حتى جلسة الثلاثاء، وسجل المستثمرون الأجانب صافي مبيعات بلغت 1.7 مليار جنيه (105 ملايين دولار) حتى نهاية الأسبوع الماضي، في حين يرى محللون أن مبيعات المؤسسات الأجنبية المكثفة خاصة على الأسهم القيادية وراء هذا التراجع الحاد في البورصة المصرية.
وسبق أن أبدى الدكتور محمد فريد رئيس البورصة المصرية، تفاؤله بأداء سوق المال المصري خلال عام 2022، وتوقع في مؤتمر صحفي لعرض حصاد العام الماضي، أن تستقبل البورصة هذا العام قيد 4-5 شركات جديدة، وبالفعل طرحت شركتين وهما نهر الخير للتنمية والاستثمار الزراعي والخدمات البيئية، ماكرو جروب للمستحضرات الطبية (ماكرو كابيتال) خلال أول شهرين في 2022.
وقال الدكتور معتصم الشهيدي نائب رئيس مجلس إدارة إحدى شركات السمسرة، إن البورصة المصرية شهدت مبيعات مكثفة من المستثمرين الأجانب خلال الجلسات الماضية بسبب مخاوف الحرب الروسية على أوكرانيا، وتركزت المبيعات الأجنبية على سهم البنك التجاري الدولي (مصر)- وهو أكبر وزن نسبي بالمؤشر الرئيسي- والذي قاد السوق للتراجع بشكل كبير في آخر الجلسات.
وخلال الأسبوع الماضي، سجل المتعاملون الأجانب بالبورصة صافي بيع بلغ 493 مليون جنيه (31.3 مليون دولار) واستحوذوا على نسبة 19.4% من إجمالي التعاملات بالسوق، فيما سجل المستثمرون العرب صافي شراء بلغ 309 مليون جنيه (19.6 مليون دولار)، بحسب تقرير البورصة المصرية الأسبوعي.
وأضاف الشهيدي، في تصريحات خاصة لـCNNبالعربية، أن المؤسسات المحلية حاولت تعويض خروج المؤسسات الأجنبية من سوق الأسهم المصرية، إلا أن مبيعات الأخيرة كانت قوية بشكل كبير مما أدى إلى تراجع الأسهم لمستويات مغرية مقارنة بأسعار الأسهم في المنطقة، ويأتي ذلك على الرغم من استفادة بعض الأسهم من الحرب مثل أسهم الأسمدة والبتروكيماويات بشكل مباشر وسريع نتيجة ارتفاع أسعار منتجاتها عالميًا، متابعا أن استمرار شراء المؤسسات المحلية سيعيد توازن السوق خلال الفترة المقبلة.
وحول تأثر سوق السندات بالبورصة المصرية خلال الأيام الماضية، قال معتصم الشهيدي إن سوق السندات شهد كذلك مبيعات أجنبية ملحوظة، مضيفا: "أعتقد أن هذا الأمر مرتبط بخروج المؤسسات الأجنبية من الأسواق الناشئة، خاصة في الدول غير المستفيدة من الأزمة بشكل مباشر، بخلاف أسواق المال الخليجية والتي شهدت صعودًا خلال الفترة الماضية؛ لأن اقتصادها يعتمد على إنتاج النفط، والذي ارتفعت أسعاره بنسبة تقترب من 100% خلال الأيام الماضية".
وقالت حنان رمسيس خبير الاقتصاد بشركة الحرية لتداول الأوراق المالية، إن البورصة المصرية تعاني منذ بداية العام من انخفاض وأحجام وقيم التداول ومشاكل إدارية تتعلق بوقف أكواد للمستثمرين وإلغاء عمليات على بعض الأوراق المالية مما أدى إلى عزوف المستثمرين الأفراد عن البورصة- رغم أنهم كانوا يمثلون النسبة العظمى بسوق المال المصري- وعمقت الحرب الروسية على أوكرانيا من خسائر البورصة، متأثرة بهبوط أسواق المال العالمية، في حين انعكس الأداء بأسواق الأسهم الخليجية، والتي ارتفعت نتيجة زيادة أسعار النفط.
وأضافت رمسيس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن انخفاض سعر شهادات الإيداع الدولية لسهم البنك التجاري الدولي في بورصة لندن، أثر سلبا على أدائه في البورصة المصرية، لينخفض بنسبة 10% خلال جلستين، مما أدى إلى تراجع المؤشر الرئيسي بنسبة كبيرة لأن السهم يمثل أعلى وزن نسبي بالمؤشر، منوهة إلى أن الخسائر شملت كافة مؤشرات البورصة المصرية، وليس المؤشر الرئيسي وحده.
وأشارت حنان رمسيس إلى أن المؤسسات المصرية تعمل في الوقت الحالي على الاحتفاظ بالسيولة منتظرة ارتفاع العائد على الشهادات البنكية، نتيجة الارتفاع المتوقع في التضخم خلال الفترة المقبلة متأثرا بزيادة أسعار السلع الأساسية عالميا وزيادة الاستهلاك خلال شهر رمضان، مؤكدة على ضرورة دخول المؤسسات المحلية للشراء لمساندة السوق خلال الفترة الحالية، مثلما حدث خلال فترة ظهور جائحة كورونا.
ونصحت خبيرة أسواق المال، المتعاملين بالبورصة المصرية، بعدم التعامل بسوق المال إلا بأمواله الشخصية وعدم الاقتراض أو التعامل من خلال الشراء بالهامش حتى يتم وضوح الرؤية بشأن الحرب الأوكرانية، مقترحة إنشاء صندوق استثمار عربي للاستثمار في أسهم البورصة المصرية والتي وصلت لأسعار مغرية خلال الفترة الحالية.
واتفق معها محمد كمال عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية، أن تراجع البورصة المصرية نتيجة عوامل خارجية أبرزها الحرب الروسية على أوكرانيا وارتفاع نسب التضخم العالمية وأسعار الشحن وتأثر سلاسل الإمداد، وعوامل داخلية أبزرها فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على المستثمرين منذ مطلع العام الجاري، مضيفًا أن استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا سيواصل التأثير سلبًا على السوق خلال الفترة المقبلة نتيجة تخارج المستثمرين الأجانب.
وأضاف كمال، في تصريحات خاصة لـCNNبالعربية، أن تخارج المؤسسات الأجنبية من سهم البنك التجاري الدولي والذي يمثل الوزن النسبي الأكبر بالمؤشر الرئيسي أدى إلى تراجعه، وكذلك انخفضت البورصة بشكل عام بنسبة كبيرة.