لندن، بريطانيا (CNN)-- وجهت روسيا أوضح إشارة حتى الآن بأنها قد تتخلف عن سداد ديونها قريبا، وهي ستكون المرة الأولى التي تفشل فيها موسكو في الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون الخارجية، منذ الثورة البلشفية أي منذ أكثر من قرن مضى.
وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، الأحد، إن نصف الاحتياطيات الأجنبية للبلاد- حوالي 315 مليار دولار- تم تجميدها بسبب العقوبات الغربية المفروضة بعد غزو أوكرانيا.
وأضاف سيلوانوف أنه نتيجة لذلك، ستدفع موسكو للدائنين من "الدول غير الصديقة" بالروبل حتى يتم رفع العقوبات.
ومن المحتمل أن تعتبر وكالات التصنيف الائتماني أن روسيا في حالة تخلف عن السداد إذا عجزت موسكو عن سداد ديونها الصادرة بالدولار أو اليورو بعملات أخرى مثل الروبل أو اليوان الصيني.
وقد يؤدي التخلف عن السداد إلى إخراج المستثمرين الأجانب القلائل المتبقين من روسيا وزيادة عزلة الاقتصاد الروسي المنهار.
ووفقا لبنك "جي بي مورغان تشيس" الأمريكي، قد يأتي تخلف روسيا عن السداد في وقت مبكر، يوم الأربعاء، حيث ستحتاج موسكو إلى سداد 117 مليون دولار من مدفوعات الفائدة على السندات الحكومية بالدولار.
وعلى الرغم من أن روسيا أصدرت سندات يمكن سدادها بعملات متعددة منذ عام 2018، إلا أن هذه المدفوعات يجب أن تتم بالدولار الأمريكي.
وقالت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، الأحد ، إن تخلف روسيا عن السداد لم يعد "بعيد الاحتمال".
وأضافت جورجيفا، خلال مقابلة على قناة سي بي إس: "روسيا لديها المال لسداد ديونها، لكنها لا تستطيع الوصول إليه".
كانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خفضت، الأسبوع الماضي، تصنيف الديون الروسية، قائلة إن "رغبة موسكو وقدرتها على سداد ديونها قد تم تقويضها، وأن التخلف عن السداد وشيك"، وحذرت الوكالة أيضًا من أن روسيا قد تحاول السداد بالروبل للدائنين في دول محددة.
وقال محللون في كابيتال إيكونوميكس إن التخلف عن السداد انعكس بالفعل على سعر السندات الدولارية الروسية، والتي انهارت لتتداول عند 20 سنتًا فقط على الدولار.
وتأتي مدفوعات الفائدة المستحقة يوم الأربعاء مع فترة سماح مدتها 30 يومًا لكن وكالات التصنيف الائتماني يمكن أن تعلن تخلف روسيا عن السداد قبل انتهاء تلك الفترة إذا أعلنت موسكو أنها لا تنوي السداد.
وكانت آخر مرة تخلفت فيها روسيا عن سداد ديونها المحلية عندما انزلقت في أزمة مالية بسبب انهيار أسعار السلع الأساسية في عام 1998.
وجاء أحدث عجز عن سداد العملة الأجنبية في عام 1918 عندما تنكر الزعيم البلشفي فلاديمير لينين عن السندات التي أصدرتها الحكومة القيصرية.
ولقد اقترضت الحكومة الروسية القليل نسبيًا، ويقدر بنك جي بي مورغان تشيس الأمريكي أن روسيا لديها حوالي 40 مليار دولار من الديون بالعملات الأجنبية في نهاية العام الماضي، مع حوالي نصف ذلك من قبل المستثمرين الأجانب.
ومن الصعب قياس العواقب المحتملة للتخلف عن السداد.
وأظهرت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 وجائحة فيروس "كورونا" كيف يمكن أن تنتشر الصدمات السلبية عبر النظام المالي والاقتصاد العالمي المترابط، وقالت جورجيفا إن الأزمة المالية من غير المرجح أن تتطور "في الوقت الحالي".
وحتى إذا أوقفت موسكو المدفوعات للمستثمرين الأجانب على جميع الديون السيادية، فإن التخلف عن السداد بنحو 60 مليار دولار، بما في ذلك ديون الروبل المحتفظ بها في الخارج، سيكون مثلما فعلته الأرجنتين في عام 2020، وهو حدث غير مناسب للأسواق.
لكن المحللين في كابيتال إيكونوميكس حذروا من أن إحدى المؤسسات المالية الكبرى قد تكون معتمدة بشكل خاص على الديون الروسية، مما قد يتسبب في اتساع الأزمة المالية، وحذروا من أن الخطر الثاني هو أن التخلف عن السداد قد يؤدي إلى عدم سداد الشركات الروسية للديون.
ودعا فلاديمير بوتانين ، أغنى رجل أعمال في روسيا ، الأسبوع الماضي موسكو إلى تخفيف القيود المفروضة على العملات الأجنبية حتى يمكن دفع الفائدة على السندات والقروض الأجنبية، وبخلاف ذلك، كان هناك خطر من أن تتخلف روسيا عن سداد ديونها الخارجية بالكامل ، والتي قدّرها بحوالي 480 مليار دولار.
وذكر المحللون في كابيتال إيكونوميكس: "بالنسبة لروسيا، فإن التكلفة الرئيسية هي استبعادها من أسواق رأس المال العالمية، أو على الأقل تكاليف اقتراض أعلى لفترة طويلة لكن العقوبات فعلت ذلك على أي حال".