القاهرة، مصر (CNN)-- وافقت الحكومة المصرية على تأهيل أول شركتين تابعتين للجيش للطرح بالبورصة، وهما وطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية، والشركة الوطنية للمشروعات الإنتاجية صافي، وذلك ضمن خطة حكومية سبق الكشف عنها لطرح أصول على القطاع الخاص بقيمة 10 مليارات دولار سنويا.
ويرى خبراء أن هذا الإعلان بمثابة رسالة على جدية الحكومة في تسريع وتيرة الطروحات الحكومية بالبورصة، مؤكدين على ضرورة إزالة المعوقات التي تواجه سوق المال في الوقت الحالي وأهمها ضريبة الأرباح الرأسمالية قبل بدء الطروحات.
وسبق أن وجه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، مطلع الشهر الماضي، وزارة المالية بتحديث برنامج الطروحات، مع إدراج شركات التابعة للجيش ضمن البرنامج، فضلا عن إعداد البرنامج الزمني للطروحات الحكومية المتوافق عليها، بالإضافة إلى دراسة القوانين والرسوم التي من شأنها تشجيع الاستثمار بالبورصة، بحسب بيان رسمي.
وقالت رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة، ورئيس مجلس إدارة إحدى شركات السمسرة في الأوراق المالية، إن تأهيل شركتين تابعتين للجيش للطرح بالبورصة رسالة واضحة من الحكومة بتجديد تعهداتها بالتخارج من عددا من الأصول لصالح القطاع الخاص ومنح الأخير فرصة أكبر للمشاركة في الاقتصاد الوطني، مضيفة أن هناك توجهات واضحة من الدولة المصرية لزيادة مشاركة القطاع الخاص بصورة أكبر في الاقتصاد والاهتمام بدور سوق المال.
غير أن يعقوب ترى ضرورة إزالة المعوقات في سوق المال المصري قبل طرح شركتي الجيش "حتى لا تؤثر على شهية المستثمرين للاكتتاب في الطرح، أهمها أولا فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على المتعاملين بالبورصة، والتي أثرت سلبا على المستثمرين، وفي الوقت نفسه لم تحقق أي عائد لحصيلة الموازنة في ظل الخسائر المحققة للمتعاملين مما يتطلب إلغائها، ثانيًا إلغاء عمليات المتلاعبين في البورصة التي أثرت سلبًا على ثقة المستثمرين"، مطالبة بضرورة التوصل لآلية تحافظ على سلامة واستقرار السوق وفي الوقت نفسه لا تؤثر على المتضررين من إلغاء العمليات.
وأكدت رانيا يعقوب، في تصريحات خاصة لـCNNبالعربية، ضرورة وجود محفزات لطرح شركات القطاع الخاص بالبورصة، مقترحة خضم ضريبي للشركات لتشجيع القيد بسوق المال، ومن ثم زيادة عمق البورصة وجذب متعاملين جدد إضافة إلى تنويع القطاعات المطروحة أمام المستثمرين.
وترى عضو مجلس إدارة البورصة صعوبة جذب الطروحات الحكومية في الوقت الحالي استثمارات أجنبية، ولذا سيتم الاعتماد على السيولة المحلية تبحث عن الاستثمارات في عوائد ادخارية أعلى، مجددة التأكيد أن استمرار وجود المعوقات السابق ذكرها هي التي ستحكم نجاح أو فشل الطروحات الحكومية المرتقبة.
وحول تأثير ملكية الجيش على الشركات المطروحة بالبورصة، قالت رانيا يعقوب إن القوات المسلحة تستثمر في عددا من القطاعات الاستراتيجية وذات ربحية مرتفعة، مما يجعلها جذابة أمام الراغبين في الاستثمار بمصر، وهو ما انعكس على رغبة شركات عربية كبرى في شراء حصص بها، خاصة وأن الاقتصاد المصري متنوع يضم قطاعات عدة سواء عقارات أو رعاية صحية أو أغذية أو الخدمات المالية، ولا يعتمد على قطاع بعينه، وهذه ميزة تنافسية تجعله محط أنظار للعديد من المستثمرين.
وأكد محمد كمال عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية بالاتحاد العام للغرف التجارية، على أهمية تسريع وتيرة برنامج الطروحات الحكومية بالبورصة، لتحقيق عمق بسوق المال وزيادة حجم التداول وجذب مستثمرين جدد، مضيفا أن خطوة إعلان الحكومة تأهيل شركتين تابعتين للجيش بداية لانطلاق برنامج الطروحات، خاصة وأن شركتي وطنية وصافي تتميزان بربحية مرتفعة.
وسبق أن أعلنت الحكومة، تأسيس صندوق مصر السيادي، لصندوق فرعي لإدارة عملية الطرح لبعض الشركات المملوكة للدولة بالبورصة المصرية، أو على مستثمر استراتيجي، وحددت أهداف الصندوق في جذب استثمارات أجنبية في فترة زمنية قصيرة، والإسراع بتنفيذ برنامج الطروحات وذلك في ضوء سرعة اتخاذ القرارات من قبل الصندوق، واستهداف مستثمرين استراتيجيين مما يساعد في قياس مدى الاهتمام المؤسسي قبل الانتقال إلى مرحلة الاكتتاب العام.
وأشار كمال، في تصريحات خاصة لـCNNبالعربية، إلى دور برنامج الطروحات الحكومية في مواجهة التضخم من خلال طرح الشركات التي تتميز بربحية مرتفعة بسعر سهم تنافسي للاكتتاب بسوق المال مما يؤدي إلى سحب جزء من السيولة من الأسواق، مما يعد إحدى آليات السيطرة على التضخم، لافتا إلى أن الربع الأخير من العام الجاري يعتبر توقيتا مناسبا لطرح الشركات عقب تحسن أداء سوق المال.
ولفت محمد كمال إلى تميز شركتي وطنية وصافي التابعتين للجيش، سواء في الأنشطة التي تعمل بها الشركتين وهما توزيع المنتجات البترولية والأغذية، وتحقيقهما أداء مالي إيجابي، كما يتوقع أن يكون لهما خطط مستقبلية واسعة، ولذا قد يسهمان في جذب المزيد من المستثمرين.
وقال محمد رضا عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية-إيكما، إن الأهداف من إعلان تأهيل شركتي وطنية وصافي بالبورصة، هي أولا التأكيد على جدية الحكومة في تنفيذ توجهها في منح الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة بصورة أكبر في الاقتصاد الوطني، وثانيا إتاحة المشاركة المجتمعية في الاستثمار بالشركات والاستفادة من العوائد الضخمة التي تحققها، وثالثا تطبيق قواعد الحوكمة والشفافية على شركات البورصة مما يوفر رقابة مجتمعية على أدائها.
وتستهدف الحكومة المصرية تعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وزيادة نسبة مساهمته من 30% لتصل إلى 65% من إجمالي الاستثمارات خلال السنوات الثلاث المقبلة.
ويرى رضا، في تصريحات خاصة لـCNNبالعربية، أن التوقيت المناسب لطرح شركتي الجيش، يرتبط بأداء سوق المال، والذي يشهد تراجعا في السيولة خلال الوقت الحالي، مفضلا أن يتم الطرح في الربع الأخير من هذا العام أو بداية العام المقبل، عقب تراجع موجة التضخم العالمية، والتي أثرت سلبا على الاقتصاد العالمي عقب توجه البنوك المركزية في العالم لرفع أسعار الفائدة مما يؤثر سلبا على أداء أسواق المال.
وقال محمد رضا إن هناك مثلث لنجاح الطروحات بصفة عامة، وهو أولا تسعير السهم، ويجب أن يكون التسعير عادل للجميع، ثانيا اختيار التوقيت المناسب، مفضلا الابتعاد عن توقيت الإجازات الدينية، والفترة من أول مايو/ أيار حتى شهر سبتمبر/ أيلول والتي تتزامن مع إجازة الصيف، ثالثا الترويج للطرح خارجيًا لجذب استثمارات أجنبية للاستثمار في السوق المصري، مشيرا إلى أن تبعية الشركتين للجيش يمنحها ثقة في أدائها المالي وخطتها المستقبلية.