القاهرة، مصر (CNN)-- قررت الحكومة المصرية مد خفض إنتاج بعض شركات الأسمنت لمدة عام إضافي مع زيادة الطاقة الإنتاجية للبيع في السوق المحلي شهريا بنسبة 8% لجميع الشركات.
وتباينت ردود الأفعال تجاه القرار، حيث رحب اتحاد الصناعات بالقرار لحل أزمة فائض الإنتاج لدى الشركات، في حين حذرت شعبة مواد البناء من تأثير خفض الإنتاج على ارتفاع أسعار الأسمنت، وطالبت الشركات الراغبة في التخفيض بتوجيه الفائض منها للتصدير.
ووفقا للموقع الرسمي لشعبة منتجي الأسمنت في مصر، يبلغ إجمالي عدد الشركات العاملة 19 شركة بحجم استثمارات أكثر من 225 مليار جنيه (11.8 مليار دولار)، وتبلغ الطاقة الإنتاجية 82.5 مليون طن في عام 2020، في حين بلغ حجم الاستهلاك 44.9 مليون طن عام 2020 منخفضًا من 48.7 مليون طن عام 2019.
وقال الدكتور كمال الدسوقي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إن قرار الحكومة بمد خفض الطاقة الإنتاجية لبعض شركات الأسمنت، يرجع إلى وجود فائض في الإنتاج المحلي، وهو ما دفع بعض الشركات إلى البيع بأسعار متدنية للغاية مما عرضها لخسائر، ولذا جاء القرار في صالح المنظومة ككل سواء كان المستهلك أو المنتج، حيث يسهم خفض الإنتاج في استمرار تشغيل مصانع شركات الأسمنت كافة، وفي الوقت نفسه إتاحة الأسمنت بسعر مناسب.
وأوضح الدسوقي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أزمة فائض الإنتاج لدى شركات الأسمنت، حيث تزيد الطاقات الإنتاجية لمصانع الأسمنت بنسبة 60% عن حجم الطلب، حيث يبلغ حجم الإنتاج الكلي لشركات الأسمنت 77 مليون طن في حين يصل حجم الاستهلاك المحلي إلى 55 مليون طن سنويا، مما ينعكس سلبا على أداء الشركات نتيجة وجود فائض، مشيرا إلى أن شركات الأسمنت حاولت تصدير جزء من الفائض للخارج، وبالفعل زادت صدرتها بنسبة تفوق 90% خلال أول 5 أشهر من العام الجاري.
وحول قدرة شركات الأسمنت على تلبية الطلب المحلي، قال الدسوقي إن هناك نموا ملحوظا في حجم الطلب على الأسمنت سنويا بسبب المشروعات القومية الجاري تنفيذها، إلا أن شركات الأسمنت لديها من الطاقة الإنتاجية لتلبية هذا الطلب، مضيفا أن شركات الأسمنت ترفع من طاقتها الإنتاجية وفقا للطلب المحلي، ومن مصلحتها زيادته لرفع طاقتها.
وحول خفض الانبعاثات قبل استضافة مصر مؤتمر تغير المناخ، قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إن كل شركات الأسمنت لديها استشاري بيئي يعمل منذ فترة طويلة حتى قبل الإعلان عن استضافة المؤتمر، على خفض الانبعاثات وتطوير طرق استهلاك الطاقة وتدوير طرق الفلترة الموجودة طبقا للنظم العالمية الجديدة الموجودة حاليا، ولديهم خطة لحل المشاكل وتوفير الحلول والاقتراحات.
وحول توقعاته بزيادة سعر الأسمنت عقب خفض الإنتاج، أكد كمال الدسوقي أنه ليست هناك مطالبات من شركات الأسمنت بتحريك الأسعار، بالعكس الأسعار تراجعت في الـ3 أشهر الأخيرة، مضيفا أنه حال حدوث تراجع في أسعار الطاقة، سينعكس بشكل فوري على أسعار الأسمنت؛ لأنها تمثل جزء كبير للغاية من تكلفة الإنتاج، كذلك يسهم حل مشكلة الحرب الروسية الأوكرانية وإنهاء أزمة سلاسل الإمداد في مزيد من خفض تكلفة الإنتاج.
وقال أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن قرار مد خفض إنتاج بعض شركات الأسمنت لمدة عام، لا يتماشى مع توجهات الدولة بزيادة الإنتاج لزيادة الناتج القومي وتشغيل العمالة، كما أنه لا يحل مشكلة شركات الأسمنت من جهة فائض المعروض، حيث يجب على هذه الشركات أن تعمل على تصدير حجم الفائض للأسواق الخارجية، خاصة وأن الدولة تدعم التصدير للدول الأفريقية بتحمل نسبة 80% من تكلفة النقل البحري مما يزيد من تنافسية تصدير الأسمنت المصري.
وبلغت صادرات مصر الأسمنت 272 مليون دولار خلال أول 5 شهور من عام 2022 مقابل 140 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بنسبة نمو سنوي 94%، وجاءت الدول الأفريقية غانا والكاميرون وساحل العاج في المراكز الثلاثة الأولى على الترتيب.
وأضاف الزيني، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن شركات الأسمنت الأجنبية لا تعمل على تصدير الفائض من إنتاجها للخارج لزيادة النقد الأجنبي في البلاد، في حين أنها ترفع سعر الأسمنت المحلي عن السعر العالمي بفارق 20 دولار، وتقوم بتحويل أرباحها بالدولار للخارج، إضافة إلى استيراد الفحم للمصانع بالدولار، متسائلًا: لماذا تحجم هذه الشركات عن البحث عن فرص تصديرية لفائض الإنتاج، في حين تركز على الخفض وتستهلك موارد مصر من النقد الأجنبي.
وتابع أن إلغاء قرار خفض إنتاج بعض شركات الأسمنت، سيحقق مصلحة كل الأطراف، حيث سيؤدي إلى زيادة في حجم المعروض من الأسمنت في السوق، وبالتالي طرحه بسعر مناسب للمستهلك، كما يسهم في زيادة إنتاجية الشركات مما يرفع من الناتج القومي للبلاد، وفي الوقت نفسه يحقق مصلحة الشركات من خلال تصدير الفائض منها للخارج وفتح أسواق جديدة وتشغيل العمالة وأسطول النقل المحلي.
وحذر أحمد الزيني من تداعيات تطبيق قرار خفض إنتاج الأسمنت، حيث سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، مستشهدا بارتفاع سعر الأسمنت عقب تطبيق القرار خلال العام الماضي من 800 جنيه (41.8 دولار) إلى 1400 جنيهًا (73.11 دولار) للطن، موضحًا في الوقت نفسه أن الشركات الأجنبية تضغط بوجود فائض من الأسمنت في السوق، دون أن تبحث عن بدائل لتصدير هذا الفائض للخارج.
ويتراوح سعر طن الأسمنت تسليم أرض المصنع بين 1200 و1300 جنيه، ويباع في الأسواق بسعر يتراوح بين 1400 و1500 جنيه، حسب تكلفة النقل.
وأوضح رئيس شعبة مواد البناء أن حجم إنتاج الأسمنت في مصر يأتي وفقًا للطلب المحلي، إلا أن هناك طاقات إنتاجية غير مستغلة لدى شركات الأسمنت خاصة الأجنبية لا تعمل على استخدامها لزيادة إنتاجها وتوجيه هذا الفائض للتصدير لأن لديها مصانع بدول أخرى تصدر من خلالها للأسواق الأفريقية، ولا تريد التصدير من مصانعها في مصر، ولذا تقوم بالضغط على جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بوجود فائض لخفض الإنتاج.
وقال أحمد الزيني إن شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، ستقوم بمراقبة حجم إنتاج شركات الأسمنت ومدى توافره في الأسواق، وحال وجود نقص في المعروض بهدف رفع السعر، سيتم إبلاغ الجهات الرقابية والتقدم بمذكرة رسمية لجهاز حماية المنافسة لمطالبة شركات الأسمنت بزيادة الإنتاج، منوها إلى أن جهاز حماية المنافسة طالب الشركات بزيادة الإنتاج بنسبة 8% شهريًا، وسيتم مراقبة تنفيذ هذه النسبة من عدمه، وهل تتماشى مع الطلب المحلي، وحال وجود نقص في المعروض سيتم المطالبة بزيادتها.