دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من القدس إلى الخليل وحتى غزة وجنين، كلها مدن فلسطينية اشتهرت وصنعت عنها الكثير من الأفلام السينمائية. ولكن هناك مدنًا أخرى لا تحكي عنها السينما كثيرا، كمدينة اللد، التي يقدمها فيلم يحمل اسم المدينة، ويحكي عنها على لسان مجموعة من سكانها ومن هُجروا منها عام 1948.
يحكي الفيلم قصة المدينة التي كانت عاصمة لفلسطين القديمة في يوم من الأيام، وشكلت حلقة الوصل بين فلسطين والعالم كله. في الفيلم، المدينة هي فتاة تتحدث عن نفسها وعن تاريخها، وعن شعورها وماضيها، وتقدم صوتها الفنانة ميساء عبدالهادي، ليجد المشاهد نفسه يستمع إلى مدينة على هيئة فتاة عانت الأمرين في التهجير والقتل والحرب.
في الفيلم مثلث فريد: نستمع بداية إلى شهادات من فلسطينيين هُجِروا من المدينة وعاشوا في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية، وتحدثوا عن التنكيل الذي حصل لهم وبعائلاتهم حينها، كما نستمع إلى شهادات من جنود من مجموعة البلماح الإسرائيلية وهم يروون تفاصيل استهدافهم مسجدًا في اللد. أما الجانب الثالث والأكثر إثارة فهو الصورة المتخيلة (على شكل رسوم متحركة) للمدينة وهي تعيش حياة طبيعية، لا احتلال ولا حرب فيها.
وعن سبب اختيار مدينة اللد بالتحديد، يقول مخرج الفيلم رامي يونس: "قصة اللد هي قصة فلسطين. في عام 2015، قرأت سارة إيما فايردلاند، المخرجة المشاركة للفيلم، مقالا عما حدث في اللد، فقررت البحث في القصة أكثر. ومن خلال صديق مشترك تعرفت عليها، ولكوني أصلا من اللد ولدي اهتمام بصناعة الأفلام، وافقت على العمل مع سارة".
ويضيف رامي: "اخترنا مدينة اللد بالتحديد لأن ما حدث فيها يختلف عما حدث في المدن الفلسطينية الأخرى التي عانت أيضًا من التطهير العرقي في عام 1948. إذ تم تدمير المدينة بشكل شبه كامل. وحاليًا، لا توجد أفلام كافية عن المدن الفلسطينية، لذلك قررنا أن تكون اللد موضوعًا لفيلمنا، وجعلناها تمثل فلسطين بأكملها".
لم يكتف رامي وسارة باستعراض شهادات الأشخاص الذين عايشوا التهجير والإبادة في المدينة، بل أضافوا جانبا جديدا ومبتكرا، فقام الفريق بإضافة الجانب المتخيل لواقع المدينة على هيئة رسوم متحركة، تقدم الشخصيات الفلسطينية في الفيلم ولكن في واقع جديد.
يقول رامي: "الفيلم مقسم إلى ثلاثة فصول: الماضي، والنفي، والحاضر. المشاهد المتحركة في الفيلم تصور واقعًا موازيا خياليا لم يحدث فيه احتلال 1948، ليس فقط اللد، بل في كل فلسطين التاريخية. الفكرة وراء خلق هذا الواقع البديل هي إظهار كيف كان لحياتنا أن تكون أكثر بساطة ومساواة لو لم يكن هناك صهيونية وأيديولوجيات استعمارية عنصرية".
يضيف رامي: "في واقعنا الخيالي، اللد لا تزال فلسطينية، ورغم أنها ليست يوتوبيا - يعيش اليهود، الذين هربوا إلى فلسطين من معاداة السامية الحقيقية في أوروبا، جنبًا إلى جنب مع العرب في فلسطين التاريخية. وبالنسبة للفلسطينيين، وخاصة اللاجئين وأحفادهم من اللد، رؤية هذا المكان الذي يحلمون بالعودة إليه بدون الفظائع والمجازر التي حدثت لعائلاتهم في عام 1948 يعتبر تحررًا بحد ذاته - وهذا أيضًا يعد تمرينًا في التخيل كحق أساسي من حقوق الإنسان لأن هناك شيئًا واحدًا لا يمكن للاحتلال أن يأخذه منك وهو قدرتك على التخيل".
وعن قرار تقديم اللد كشخصية أنثى، يقول رامي: "بينما كنا نبني هيكل الفيلم، أدركنا أننا قررنا أشكالًا عديدة من السرد القصصي. قررنا أننا بحاجة إلى عمود فقري سردي يأخذ المشاهد خلال الفيلم. ومن أفضل من يقوم بذلك إلا المدينة نفسها؟ فالمدن لها أرواح، وهذا ينطبق على كل مدينة على وجه الأرض. أثناء بحثنا في تاريخ اللد، وجدنا الكثير من الألم في تاريخها، إذ كانت مهمة جدًا للفلسطينيين ولكن حتى قبل ذلك، اللد مدينة قديمة ذات ماض مجيد، فقررنا أن تحكي قصتها بصوتها. وعندما بنينا شخصيتها، تصورناها كنجمة قديمة تحمل الكثير من الألم الذي يبدو أن العالم قد نسيه. اخترنا ميساء عبد الهادي لتجسد دور اللد وقد قامت بعمل رائع".
أما عن تحديات تصوير الفيلم، فلم يتكن هناك تحديات في التصوير إذا أن رامي يونس من فلسطينيي 48، وبالتالي وجوده في اللد كان سهلا. التحدي الحقيقي كان في تمويل المشروع، إلا أن الفريق كان محظوظا بوجود منتجين مثل سوسن الأصفري وروجر ووترز وغيرهم ممن ساعدونا في أ٫ تيحول هذا الفيلم إلى حقيقة.