خبراء: الطفل قد يحتاج إلى مزيد من العناق.. ولكن هناك طرق صحيحة وخاطئة لمنحه ذلك

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ينصح الخبراء بالتوقف عند أثر العناق وانعكاسه الإيجابي على صحتنا النفسية وأهميته في كل مرحلة من حياتنا. وبعد أن يعيش الطفل يومًا صعبًا يشعر خلاله بالوحدة والإجهاد، قد يهدّئ من روعه عناق شخصًا ما يحبه. 

وقالت ليزا دامور، الطبيبة النفسية الاختصاصية بتطوّر نمو المراهقات ومقرّ عيادتها في ولاية أوهايو الأمريكية إنّ "التواصل الجيد يريح النظام العصبي، ويلعب دورًا مهمًا في انتظام العواطف".

وعندما تطرأ تغييرات مفاجئة وتعيش حالة طويلة من عدم اليقين، يشعر العديد من الأطفال والبالغين بالحاجة إلى العناق أكثر من أي وقت مضى. لكن الوصول إلى الهدوء من خلال العاطفة الجسدية تراجعت، مع التزام الناس بالتباعد حفاظًا على سلامتهم من "كوفيد-19".

وقالت دامور، مؤلفة كتاب "تحت الضغط: مواجهة وباء الإجهاد والقلق عند الفتيات" (Under Pressure: Confronting the Epidemic of Stress and Anxiety in Girls) إنّ "التحدي هو أن يشعر الأطفال، والمراهقون خصوصًا، بالكثير من الراحة عبر  الاتصال الجسدي بأترابهم".

وتابعت أنّ "المشادة الجسدية، والتصادم، والجلوس بالقرب من الآخر، لم تتقلّص فحسب جراء الجائحة، بل بسبب رغبتنا بأن يحافظ الأطفال على مسافة آمنة، وحتى أنّه تمّ التشدّد بتنفيذها".

وأضافت دامور مع غياب أوقات اللعب مع أصدقائهم، وممارسة الرياضة، وانتفاء فرص التواصل مع المجتمع، يمكن أن يحصل العديد من الأطفال على الراحة الجسدية التي يحتاجونها من عائلتهم مباشرة. لكن ثمة تباين بالنسبة لثقافة العناق بين أسرة وأخرى، وقد لا ينتبه الأهل إلى مؤشرات تشي بأن أطفالهم يحتاجون إلى مزيد من الحنان والعاطفة في خضم الأمور الكثيرة التي تثير القلق بشأن الجائحة.

العناق في المنزل

وعندما كانت نوبات الغضب تصيب ابن المدرسة السابقة سوزان بارتشرز الصغير جدًا، كانت تستلّ كتابًا وتّجلسه في حضنها لقراءته معًا. ربما لم يكن يعرف بالضبط ماذا يريد، ولا يملك القدرة على التعبير عن ذلك من خلال الكلمات، بيد أنّ الاتصال الجسدي بوالدته ساهم في تلبية احتياجاته العاطفية.

وأوضحت بارتشرز مؤلفة كتب تعليمية للأطفال والعضوة في المجلس الاستشاري التربوي في لينغوكيدس (Lingokids) أنّه "ببلوغه الرابعة من عمره، بات يتوقف ما أن يبدأ بالبكاء ويقول لي، أمي، أعتقد أنني بحاجة إلى كتاب".

وتنعكس ثقافة الأسرة حول العناق، والتفضيلات الشخصية للطفل على كيفية تحقيق المزيد من الراحة في منزلك.

وأشارت شيري ماديغان، الطبيبة النفسية السريرية، والأستاذة المساعدة في نمو الطفل في جامعة كالغراي بكندا، إلى أنّ "بعض الأطفال لديهم سهولة أكثر بالسعي للحصول على العاطفة. بينما ينتظر آخرون أن يلتقط أشخاص الإشارات التي يرسلونها، عندما يشعرون بالحزن أو الإحباط". وأوضحت أن أحد العناصر المهمة لدى الأطفال حتى يشعروا بالسلامة والأمان، أن ينتبه بعض الأشخاص للرسائل التي يبعثونها من خلال هذه الإشارات".

وتتمثل إحدى أساليب البدء بملاحظة هذه الإشارات والاستجابة لها من خلال طرح الأسئلة.

ولفتت دامور إلى أنّ "الأمر بسيط كأن تقول لطفلك الأصغر سنًا، هل تريد أن تُحتضن؟ وكن واضحًا بأنك ستتقبّل إجابته الرافضة، وأنك لن تحزن". وتابعت: "بالنسبة إلى المراهقين، لا سيما إذا كانوا يعانون، أعتقد أنه من الجيد القول لهم، هل تسمح لي بحضنك"؟

وعلى غرار تباين الأطفال في كيفية التعبير عن حاجتهم للعاطفة، فهم يختلفون أيضًا في نوع العاطفة التي يريدونها، وفي وسع البالغين المناسبين تلبية احتياجاتهم العاطفية بطرق إبداعية.

وقالت بارتشرز إنها قد تكون رسالة حب صغيرة تُوضع داخل علبة طعامهم، أو اللعب معهم على الأريكة، أو الوقوف على عدد من البطانيات معًا.

العناق لهم وليس للآخرين..

وأوضحت دامور أن أحد أهم عناصر العاطفة الجسدية الجيدة والمفيدة، يتمثل بالتأكد من أن الطفل هو دافعها وليست مجرد عناق، لأنّ أحد الأهل أو مقدم الرعاية يرغب بذلك. وأشارت إلى "أنّه سيكون لذلك أثر عكسي لما نريده للأطفال"، موضحة أنّه "عوضًا من أن يكون التودّد الجسدي مريحًا ومطمئنًا، يُصبح مثيرًا للقلق".

ولفتت ماديغان إلى أنه "هنا يتوجب على البالغين قراءة الإشارات المرسلة من الطفل. إذا شعرت أنه متوتر أو منزعج، ربما قد يكون قد حان الوقت لتكوين مفرداته العاطفية، وعرض منحه العاطفة عوضًا عن فرضها عليه".

وأوضحت ماديغان أنّ ذلك يتم من خلال "التواصل بالنظر والقول له: مرحبا، كيف حالك؟ هل في وسعي مساعدتك بأي شيء"؟

ورأت بارتشرز أنّ تمكين الاستقلالية الجسدية لدى الأطفال مهم حتى يكون العناق الذي تقدمه لهم فعّالًا ومهدّئًا، وحتى يشجّع قدرتهم على التنبّه من العاطفة غير المناسبة وغير المرغوب بها مستقبلًا.

وأشارت بارتشرز إلى أنها تعتقد "أن هذا الحوار يجب أن يتم في مكان مريح، حيث يطرح أحد الوالدين، سؤالًا على الطفل بحسب عمره مثل: "ما الذي يشعرك بالراحة"؟ وتابعت: "لا نريد إخافة الأطفال، لكن من المهم شرح الفرق بين العناق الجيد والسيئ"؟

احترام جسم الآخر

وعند تلقين الأطفال أنه يتوجّب على الآخرين احترام أجسامهم، فإنّ إجراء حوارات حول العناق قد يساعدهم على احترام أجسام رفاقهم أيضًا.

وقبل الجائحة، كان الأطفال يتلهفون للقاء الأصدقاء في ملعب المدرسة، ويشدونهم نحوهم لمعانقتهم. وقد تشعر بعض العائلات براحة أكبر في احتضان الاصدقاء، لكن عليهم الانتباه إلى أنّ الآخرين قد يرغبون بتوخي الحذر، أو يعانون من ظروف صحية أكثر خطورة.

وأوضحت بارتشرز أنّه مع ارتداء الكمامات على نطاق واسع في العديد من الأماكن، لم تعد تعابير الوجه واضحة، والتي ربما كانت تشير سابقًا إلى أن العناق مرحب به.

وأوصت الأهل ومقدمي الرعاية بتنمية الإشارات اللفظية لدى الأطفال بدلاً من تلك المرئية، وتطبيع السؤال حول ما إذا كان العناق مقبولًا، والاستعاضة عنه في حالة الرفض بعاطفة الكلام.