مؤشر رئيسي يحدّد مدى سوء موجة المتحور الشبحي BA.2 في أمريكا..ما هو؟

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مع ظهور نسخة جديدة من متحور أوميكرون في أمريكا، نحو 28 مليون من كبار السن سيكونون معرضين لخطر الإصابة بالمرض الشديد جراء "كوفيد-19"، إمّا لأنهم غير ملقحين أو تحصنوا جزئيًا، أو لأنه مرّ أكثر من خمسة أشهر على تلقيهم الجرعة الثانية أو الثالثة من اللقاح، وفقًا لتحليل CNN للبيانات الفيدرالية.

وفيما تراقب أمريكا بحذر الحالات المتزايدة التي يسببها المتحور الفرعي BA.2 في أوروبا، تعتبر الحالة المناعية لدى البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا مؤشرًا رئيسًا لمعرفة كيفية تأثير المتحوّرات المستقبلية على الولايات المتحدة، ذلك أنّ مخاطر تداعيات الإصابة الشديدة تزيد على نحو كبير مع التقدم العمر.

وقال ستيفن كيسلر، الاختصاصي في نمذجة الأمراض المعدية بكلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد إنه ينظر "إلى تلك الفئة العمرية الأكبر سنًا ومدى المناعة الأولية التي يتمتعون بها، سواء اكتسبوها من عدوى سابقة أو من التطعيم، والتي برأيي كانت أفضل مؤشر إلى الآن لمدى شدة المرض لدىى عدد محدد من الحالات التي سينتهي بها المطاف في المستشفى أو في عداد الوفيات".

وأظهر تحليل أجرته وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن المتحور الفرعي BA.2 من أوميكرون أسرع انتشارًا بنحو 80% من BA.1، الفيروس الذي تسبّب بالموجة الأخيرة في الولايات المتحدة خلال فصل الشتاء.

ويرتفع عدد الإصابات والاستشفاء في المملكة المتحدة وفي العديد من الدول الأوروبية الأخرى، حيث أصبح BA.2 السلالة السائدة.

ورغم أنّ المقارنات المباشرة مع BA.1 تشير إلى أنّ BA.2 قد لا يؤدي إلى الاستشفاء على الأرجح، فإن هذا المتحور لديه القدرة على إرباك موارد الرعاية الصحية في الولايات المتحدة مرة أخرى إذا أصاب عددًا كافيًا من الأشخاص المعرضين للخطر.

التخلي عن الجرعات المعزّزة

وتُعد فئة البالغين الذين تفوق أعمارهم 65 عامًا الحلقة الأضعف، خصوصًا أولئك الذين لديهم مناعة قليلة ضد الفيروس.

لهذا السبب، طلبت شركة "فايزر" و"بيو إن تك" من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية هذا الأسبوع إعطاء الضوء الأخضر لجرعة اللقاح الرابعة لكبار السن.

وقال جيفري شامان، الاختصاصي في نمذجة انتشار الأمراض المعدية بكلية ميلمان للصحة العامة في جامعة كولومبيا إنّ "هذه المجموعة هي الأكثر إشكالية عندما يتعلّق الأمر بالمرض الخطير والقاتل. هذا لا يعني أنّ الأشخاص الأصغر سنًا لا ينتهي بهم الأمر في المستشفى أحيانًا، لكن ليس بالوتيرة نفسها".

ولفت شامان إلى مدينة هونغ كونغ، التي تتتخبط بموجة شديدة سبّبها متحوّر BA.2، وسجّلت أعلى معدل وفاة جرّاء "كوفيد-19" في العالم.

لا يتوقع المسؤولون الأمريكيون أن يضرب متحور BA.2 أمريكا بنفس القوة التي ضرب بها هونغ كونغ، حيث اتبعت استراتيجية صفر كوفيد-19، وأبقت هذه السياسة الإصابات والوفيات منخفضة إلى الآن، ما جعلها نموذجًا للسيطرة على كوفيد-19.

لكن أوميكرون وBA.2 تخطى تلك الدفاعات وبدأت بالتفشي بين السكان الذين يندر أن يكونوا تعرضوا للفيروس سابقًا.

كما أنّ هونغ كونغ اعتمدت أيضًا على مزيج لقاحات مختلف قليلاً عن الولايات المتحدة وأوروبا، منها لقاح سينوفاك الصيني الصنع وComirnaty من شركة "فايزر".

ويتطلع مسؤولو الصحة الأمريكيون إلى المملكة المتحدة للحصول على أدلة حول كيفية أداء BA.2 في الولايات المتحدة، إلا أنّهم ليسوا متشابهين من جميع النواحي؛ لا سيّما أنّه نسبة تلقي اللقاح في المملكة المتحدة أكبر.

بشكل عام، في المملكة المتحدة، حصلت نسبة 82% من البالغين على جرعة ثالثة من لقاح كوفيد-19، وهو أمر مهم لتفادي الإصابة بالعدوى والاستشفاء من أوميكرون بسبب مدى "التآكل المناعي" الشديد لهذه المتحورات، وفقًا لشامان. فيما هذه النسبة تصل إلى 36% فقط في الولايات المتحدة.

بين الأمريكيين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، والمؤهلين للحصول على جرعة معززة، تظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها أن 1من كل 3 لم يختر الحصول على جرعة ثالثة، تاركًا حوالي 15 مليون أمريكي من كبار السن من دون تلك الحماية الإضافية الحرجة.

تتضاءل الحماية مع مرور الوقت

تظهر الدراسات الحديثة أن توقيت اللقاح مهم أيضًا، وتُظهر البيانات التي جمعتها وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أن فعالية اللقاح ضد أوميكرون انخفضت إلى 10% بالنسبة للإصابة بالعدوى، و35% بالنسبة لحالات الاستشفاء، و70% بالنسبة للوفيات، بعد مرور 6 أشهر أو أكثر على تلقي الجرعة الثانية.

وأعادت الجرعات المعززة الكثير من تلك الحماية، بيد أنّ فوائدها تلاشت أيضًا. وبعد مرور بين 4 و6 أشهر على تلقي الجرعة الثالثة، كانت الجرعات المعززة فعالة بنسبة تتراوح بين 40 و50% للوقاية من عدوى أوميكرون وبين 75 و85% لتفادي الاستشفاء لجميع البالغين.

في المملكة المتحدة، حصل حوالي ثلثي كبار السن على جرعة ثانية، أو ثالثة، أو رابعة من لقاح كوفيد-19 خلال الأشهر الخمسة الماضية، لكن نصف كبار السن في الولايات المتحدة فقط تلقوا جرعة اللقاح الثانية أو الثالثة خلال تلك المدة.

وتتصدر المملكة المتحدة أيضًا لجهة الحماية الممنوحة من الأجسام المضادة الناتحة عن إصابة سابقة بـ"كوفيد-19" أو تلقي التطعيم.

بحلول نهاية فبراير/ شباط الماضي، أظهر 98% من البالغين في المملكة المتحدة نتائج إيجابية للأجسام المضادة لكوفيد-19، وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني.

وفي الولايات المتحدة، تقدر مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها منها أن نسبة 43% من الأمريكيين لديهم أجسام مضادة من عدوى سابقة لمحاربة كوفيد-19.

كبار السن هم الأقل احتمالًا للحصول على هذه الحماية، مع ذلك، تبيّن أن 23% من البالغين الذين تفوق أعمارهم 65 عامًا، وجود أجسام مضادة من عدوى سابقة فقط.

وقال كيسلر لـCNN: "ما زلت أعتقد أنه سبب محتمل للقلق من أننا قد نشهد معدل وفاة أعلى وعدد استشفاء أعلى جراء كوفيد-19 في الولايات المتحدة مقارنة مع المملكة المتحدة بسبب الاختلافات الأساسية لجهة المناعة".

لذا، في حين أن موجة BA.2 في الولايات المتحدة قد لا تكون شديدة كما هي الحال في هونغ كونغ، قد تختلف أيضًا عن تلك التي تمر بها المملكة المتحدة أيضًا.

وقالت كيري ألتهوف، عالمة الأوبئة في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة "ما يحدث في المملكة المتحدة سيكون ربما سيناريو أفضل مما ينبغي أن نتوقعه هنا".

ورأى كل من كيسلر وشامان، أن الاستعداد لبضعة أسابيع حرجة، يفترض أن يبدأ من التلقيح والجرعات المعززة لكبار السن.

وأضاف كيسلر: "كل حماية إضافية نحصل عليها تساعد، لذا أوصي بشدة، خصوصًا الشخص المسن الذي لم يتلقّ اللقاح إلى الآن يتوجب عليه أخذه، لأنه علينا قطع شوط طويل قبل أن نتمكن من منحكم الحصانة الدائمة والقوية".