هل أثرت جائحة كورونا على شخصياتنا؟ هذا ما تقوله دراسة أمريكية

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا شك بأنّ جائحة "كوفيد-19" قد غيرت العديد من نواحي حياتنا، من كيفية تواصلنا اجتماعيًا إلى كيفية ممارسة أعمالنا.

وأظهرت دراسة جديدة أنّ الجائحة ربما غيّرت شخصياتنا أيضًا.

ولطالما اعتقد علماء النفس أنّ سمات الشخص تبقى كما هي إلى حد كبير، حتى في مرحلة ما بعد الأحداث المرهقة نفسيًا.

ولكن بالنظر إلى مستويات ما قبل الجائحة ومنها الصفات الشخصية مثل العُصابِيَّة، والانبساط، والانفتاح، والوفاق، ويقظة الضمير، ومقارنتها بالبيانات التي جُمعت خلال عامي 2021 و2022، وجد الباحثون تغيرات ملحوظة في الشخصية بين سكان الولايات المتحدة، وفقًا للدراسة.

وأوضحت مؤلفة الدراسة الرئيسية، أنجلينا سوتين، وهي أستاذة الطب بجامعة ولاية فلوريدا الأمريكية، أنّ الجائحة كانت بمثابة "فرصة غير مسبوقة لمعرفة كيف يمكن لحدث جماعي مرهق أنّ يؤثر على الشخصية".

وأظهرت الدراسة، التي نُشرت الأربعاء، في مجلة "PLOS One"، أنّ صفات الانبساط، والوفاق، ويقظة الضمير، قد تراجعت جميعها لدى سكان الولايات المتحدة خلال السنتين اللتين أعقبتا بداية الجائحة، خاصة بين الشباب.

أما عن سبب كون الشباب أكثر تأثرًا، فقد أجابت سوتين بأنّه لا يمكن معرفة السبب على وجه اليقين، إلا أنّ هناك نظريات.

وتُعد الشخصية أقل استقرارًا لدى فئة الشباب، لكن في الوقت ذاته، تسببت الجائحة في تعطيل ما يفترض أنّ يفعله الشباب، مثل الذهاب إلى المدرسة أو بدء حياتهم المهنية، وفقًا لما ذكرته سوتين.

ورأت سوتين أنّ النتائج لا تُعد دقيقة بالنسبة لكل شخص، بل كانت بمثابة نظرة على الاتجاه السكاني، لذلك ليس من المستغرب إذا كنت لا ترى التغيير ذاته في نفسك أو في أقرب الأشخاص إليك.

من جهته، قال برنت روبرتس، أستاذ علم النفس بجامعة إلينوي في إربانا-شامبين في ولاية إلينوي الأمريكية، والذي لم يشارك في الدراسة، إنّ هناك بعض المحاذير على البيانات أيضًا.

ونظرًا لعدم وجود مجموعة مرجعّية وعدم البحث في التفسيرات المحتملة الأخرى، اعتبر روبرتس أنّه من الصعب الجزم فيما إذا كانت الجائحة قد تسبب هذه التغييرات.

ما وراء النتائج

وجمع الباحثون البيانات من أكثر من 7 آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و109 شاركوا عبر الإنترنت في دراسة بعنوان "Understanding America"، وقارن الباحثون كيفية إجابة المشاركين على الأسئلة قبل فبراير/ شباط 2020 مقابل في وقت لاحق من العام ذاته، ثم مرة أخرى في عام 2021 أو 2022، وفقًا للدراسة.

وقاموا بفحص البيانات من خلال نموذج العوامل الخمسة، والذي يفترض أن سمات الشخصية المختلفة يمكن أن تُعزى إلى واحدة من خمس صفات شاملة هي العُصابِيَّة، والانبساط، والانفتاح، والوفاق، ويقظة الضمير.

ووجد الباحثون اتجاهاً متراجعاً في العُصابِيَّة في عام 2020، على مستوى جميع السكان المشاركين، لكن التغييرات كانت طفيفة، وفقاً لسوتين.

وبمجرد أخذ بيانات عامي 2021 و2022 في الحسبان، لاحظ الباحثون انخفاضًا أكثر أهمية في كل من الانبساط، والانفتاح، والوفاق، ويقظة الضمير.

وكان التغيير كبيرًا بما يكفي ليعادل حوالي عقد من التغيير، وفقًا لما ذكرته الدراسة.

وأشارت سوتين إلى أنّ يقظة الضمير تُعد مهمة للنتائج الأكاديمية والعمل، وكذلك العلاقات والصحة البدنية.

وأوضح روبرتس أنّ "زيادة العُصابية وانخفاض يقظة الضمير سيعني أنّ هذه المجموعة ستكون أكثر عرضة لمشاكل الصحة النفسية والبدنية".

تبقى الأسئلة

وقد لا يبدو المجتمع الأقل انفتاحًا ووفاقًا وضميرًا بمثابة مجتمع واعد، لكن الخبراء يقولون إنّه لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به لتحديد كيفية تأثير هذه النتائج على المستقبل.

وقالت سوتين إنّه رغم ملاحظة الباحثين للتغييرات، إلا أنّهم لا يستطيعون تحديد المدة التي قد يستمر فيها الاختلاف بالشخصية، أو ما إذا كانت ستعود لسابق عهدها.

وما يمكن استخلاصه من الدراسة هو أنّ "الشخصية، رغم كونها متينة، إلا أنها ليست ثابتة ويمكنها الاستجابة لتغيرات البيئة المحيطة"، وفقًا لما أوضحه روبرتس.

وأضاف أنه نظرًا لوجود تغييرات في المجتمع وفي الوسائل التي يتعامل بها الأفراد، فمن الواضح أنّ الجائحة كانت صعبة على الجميع.

وتابع: "بعبارة أخرى، (الناس) ليسوا مجانين، لقد كانت بضع سنوات صعبة علينا جميعًا، لدرجة أنّ تأثيرًا بسيطًا طرأ على شخصياتنا".