تقرير من إعداد عباس اللواتي، محرر نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)
أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ثمة مفارقة كبيرة في تفاوت وصف الرئيس الأمريكي جو بايدين للمملكة العربية السعودية من "بلا قيمة اجتماعية تذكر" إلى اعتبارها "شريك استراتيجي" للولايات المتحدة، وذلك منذ أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في 8 سنوات.
فمنذ أن حل بايدن محل دونالد ترامب في المكتب البيضاوي، تدهورت العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة بشكل كبير، لكن الأمر قد تغير الآن.. حيث يقوم بايدن بأول زيارة له إلى المملكة كرئيس، اليوم الجمعة، ومن المرجح أن يتعامل مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكان الرئيسان السابقان باراك أوباما ودونالد ترامب قد تعرضا للسخرية لانحنائهما للعاهل السعودي خلال رحلاتهما إلى المملكة، حتى أن ترامب صنع التاريخ باختياره الذهاب إلى السعودية في أول زيارة رئاسية له، والتي تميزت برقصات السيف (رقصة "العرضة" السعودية الشهيرة) والأجرام السماوية المتوهجة والبذخ.
ويتوقع أن يكون بايدن حريصا على حفظ ماء الوجه، والتناقض مع أسلافه، حيث أنه لن يذهب حتى إلى العاصمة السعودية، الرياض، بل اختار عوضا عن ذلك عقد قمة متعددة الأطراف مع القادة الإقليميين في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، لتكون الرسالة واضحة: بأن هذه ليست زيارة دولة.
وسيقوم كلا الجانبين بإدارة الرحلة من أجل مصلحتهما السياسية الخاصة، لكن لغة الجسد والمصافحات والبيانات العامة ستكون أكثر دلالة.
للحصول على فكرة حقيقية عن حقيقة العلاقات، إليك ما يجب الانتباه إليه:
• دعوة السعودية إلى ضخ المزيد من النفط
في مواجهة أسعار الوقود المرتفعة والتضخم الذي يزداد بأسرع وتيرة منذ عام 1981، يحتاج بايدن إلى ترويج رحلته محليًا على أنها تصب في مصلحة الشعب الأمريكي، وعليه وصف البيت الأبيض الزيارة بأنها "ستحقق نتائج للشعب الأمريكي".
لكن الإدارة الأمريكية حريصة أيضا على تبديد الفكرة القائلة بأن بايدن يذهب إلى المملكة للحصول على المزيد من النفط.
وقال البيت الأبيض إنه ستتم مناقشة قضية الطاقة بالنظر إلى أن السعودية هي رئيسة منظمة أوبك وأكبر مصدر للنفط، لكن هذا لن يكون الغرض الأساسي من الرحلة.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، الاثنين، إن الإدارة ستنقل "وجهة نظرها بأن هناك حاجة إلى توفير إمدادات كافية في السوق العالمية".
ويصر منتجو النفط الخليجيون، بقيادة السعودية، على عدم وجود نقص في إمدادات النفط بالسوق العالمية، وقد اختاروا التمسك بتحالف أوبك مع روسيا للسيطرة على الإنتاج.
وعليه ننصحك أن تنتبه إلى دعوة بايدن بشكل علني لإنتاج المزيد من النفط، وتصريحات السعوديون بأن السوق بحاجة لمزيد من النفط، والتعليقات السعودية عن مستقبل تحالف أوبك مع روسيا.
• توجيه الشكر لقيادة محمد بن سلمان
بعد أقل من شهر من رئاسته، قال البيت الأبيض إن بايدن سيتعامل مع المملكة العربية السعودية على مستوى رأس الدولة، حيث سيتم "إعادة ضبط" العلاقة مع المملكة.
وكانت الرسالة مفادها بأن محمد بن سلمان سيتم تجنبه وأن التعامل سيكون مع الملك فقط.
وفي الشهر الماضي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن موقف الرئيس الأمريكي بشأن المملكة "لا يزال ثابتا"، وذلك ردا على سؤال أحد المراسلين حول ما إذا كان بايدن يعتبر السعودية "منبوذة".
لكن هذا قد يكون على وشك التغيير.
حيث إن إدارة بايدن تقول إنها تخطط لـ"إعادة ضبط" علاقتها مع الرياض، وأن اجتماعات الرئيس الأمريكي مع المسؤولين السعوديين "ستضم" محمد بن سلمان لكن البيت الأبيض كان غامضا بشأن ما إذا كان بايدن ومحمد بن سلمان سيعقدان اجتماعًا فرديا، أو حتى إذا كانا سيتصافحان.
وعليه انتبه إلى حدوث مصافحة عامة بين بايدن ومحمد بن سلمان، أو التقاط صورة لبايدن وهو يخاطب محمد بن سلمان مباشرة كقائد للسعودية، أو لقاء منفرد بين الاثنين.
• الالتزام بأمن السعودية
أصيبت المملكة العربية السعودية بالإحباط بسبب ما تعتبره تراجع في اهتمام الولايات المتحدة بأمنها، لكن هذا الرأي يسبق رئاسة بايدن.
فعندما تم قصف منشآت النفط السعودية في هجوم عام 2019 ألقت إدارة ترامب باللوم فيه على إيران، واختارت الولايات المتحدة عدم التصرف، رغم ان الهجوم أدى إلى أكبر قفزة في أسعار النفط على الإطلاق.
كما بدأت المملكة العربية السعودية في تعزيز علاقاتها العسكرية مع الصين، خصم واشنطن، وهي خطوة أثارت دهشة الكونغرس.
ورغم أن الولايات المتحدة صعدت من خطابها الداعم لأمن الخليج في الآونة الأخيرة، إلا أنها أبقت على حظر بيع الأسلحة الهجومية للمملكة منذ فبراير/ شباط من العام الماضي بسبب حربها في اليمن، لكن هناك هدنة سارية في اليمن الآن، إذ أشادت الولايات المتحدة بالجهود السعودية لتحقيق ذلك.
وقال مسؤولون أمريكيون، لشبكة CNN، إن المملكة تسعى إلى استراتيجية قابلة للتطبيق للتعامل مع إيران، بالإضافة إلى الالتزامات الأمنية الأمريكية في حالة فشل المحادثات النووية مع طهران.
وقالت إسرائيل إنها تعمل مع شركاء إقليميين لبناء تحالف دفاع جوي للشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة، وليس من الواضح ما هي الدول الأخرى التي ستشارك.
وقال سوليفان، الاثنين، إنه من المتوقع أيضا أن يدلي بايدن بـ"تصريح مهم" بشأن استراتيجية الإدارة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.
وعليه انتبه إلى إلغاء الولايات المتحدة الحظر على بيع الأسلحة الهجومية، ووجود استراتيجية جديدة لحماية دول الخليج من إيران، وإعلان رسمي عن تحالف دفاع جوي للشرق الأوسط بقيادة الولايات المتحدة.
• العلاقات السعودية - الإسرائيلية
قال مسؤولون أمريكيون، لشبكة CNN، إن العلاقات بين إسرائيل والسعودية، اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية، تتحسن باطراد، وأن المناقشات جارية لتوسيع وصول الطائرات التجارية الإسرائيلية إلى المجال الجوي السعودي.
وفي الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يائير لابيد، في مؤتمر صحفي، إن إسرائيل تتوقع أن تحقق زيارة بايدن بعض الخطوات الصغيرة نحو توثيق العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
بايدن نفسه جعل إدارته تعمل على "تعميق وتوسيع" التطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
ومحمد بن سلمان أوضح أنه لا ينظر إلى إسرائيل على أنها عدو، بل "حليف محتمل، له العديد من المصالح التي يمكننا متابعتها معا"، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية.
وعليه انتبه إلى تصريحات بايدن أو المملكة العربية السعودية بشأن العلاقات المحتملة مع إسرائيل أو تحليق الطائرات الإسرائيلية أو التعاون الاقتصادي بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
• حقوق الإنسان وحرب اليمن
قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى، لشبكة CNN، إن الإدارة الأمريكية بحاجة إلى "تجاوز مقتل جمال خاشقجي من أجل تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
وأوضحت مصادر أمريكية، لشبكة CNN، أن الرئيس الأمريكي يخطط مع ذلك لإثارة قضية مقتل خاشقجي مباشرة مع محمد بن سلمان.
وقال سوليفان، الاثنين، إن أجندة حقوق الإنسان لبايدن "سيتم طرحها" خلال رحلته.
وكانت إدارة بايدن قد عبرت عن احباطها بسبب عدم إحراز تقدم كبير في حرب اليمن والكارثة الإنسانية التي تسببت فيها، وبنفس الوقت فهي تعمل مع السعودية لتمديد وقف إطلاق النار في اليمن.
وعليه انتبه إلى إشارة عامة من بايدن لخاشقجي أو سجل حقوق الإنسان في السعودية أو جهود أو التزامات جديدة لإنهاء حرب اليمن.