دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى 32.7% خلال مايو/ أيار، ليلامس أعلى مستوياته في يوليو/ تموز 2017 (32.9%)، فيما سجّل معدل التضخم الأساسي في الشهر الماضي نسبة 40.3%، حسب بيانات البنك المركزي.
جاء ارتفاع معدل التضخم مدفوعًا بزيادة سنوية في أسعار مجموعة الطعام والمشروبات نسبتها 58.9%، ومجموعة الدخان بنسبة 23.2%، وتشهد الأخيرة ارتفاعًا غير مبرر في السوق المحلي، نتيجة تخزين تجار كميات ضخمة من السجائر ترقبًا لتحريك الأسعار خلال الفترة المقبلة بعد تقديرات وزارة المالية زيادة الحصيلة من الضرائب المفروضة عليها، وفقًا لرئيس شعبة الدخان باتحاد الصناعات.
سجّل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين - المعد من قبل البنك المركزي - معدلاً شهريًا بلغ 2.9% في مايو/ أيار، فيما وصل المعدل السنوي للتضخم الأساسي 40.3% الشهر الماضي مقابل 38.6% في أبريل/ نيسان.
قال الخبير المصرفي طارق متولي، إن معدل التضخم عاود مسار الصعود مرة ثانية خلال مايو/ أيار متأثرًا بزيادة أسعار بعض السلع، في المقابل تحاول الدولة تحقيق استقرار في أسعار معظم السلع الأساسية بزيادة حجم المخزون من السلع الاستراتيجية، وتشجيع التصنيع المحلي، ومحاولة السيطرة على السوق الموازي للدولار.
وارتفع مخزون مصر من القمح ليكفي 5.9 أشهر، بعد تلقي الحكومة 3.44 مليون طن قمح من المزارعين خلال موسم الحصاد، الذي يستمر حتى أغسطس/ آب المقبل، وفقًا لبيانات رسمية لوزارة التموين.
أوضح متولي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هناك عدة عوامل تؤثر على مستهدفات معدل التضخم خلال الفترة المقبلة، أهمها تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية وعدم إمكانية تمديد اتفاقية تجارة الحبوب، وانخفاض حجم الإنتاج العالمي من النفط، فضلا عن الأوضاع السياسية بمنطقة الشرق الأوسط، على رأسها الاشتباكات الدائرة في السودان.
وقال متولي إن تحسن العوامل السابقة سينعكس إيجابًا على أداء الاقتصاد المصري بصفة عامة والتضخم بشكل خاص، مما قد يؤدي إلى تهدئة التضخم.
واستبعد متولي حدوث زيادة كبيرة في معدل التضخم السنوي في مصر خلال الشهر الحالي والمقبل، مبررًا وجهة نظره بعودة المصريين في الخارج إلى البلاد لقضاء إجازة الصيف، مما قد يزيد من حجم المعروض من النقد الأجنبي، ويسيطر على الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار، إضافة إلى محاولات الحكومة بزيادة حصيلتها الدولارية من السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر وقناة السويس.
وتوقع أن تتخذ الحكومة قرارًا بتأجيل الزيادة المقررة في أسعار شرائح الكهرباء مطلع يوليو/ تموز المقبل، مما يدعم رؤيته لكبح جماح التضخم، ومراعاة الظروف المعيشية للمواطنين، وتخفيف أعباء آثار الاقتصاد العالمي على الأسعار، وبالتالي لن يتخذ البنك المركزي أي زيادة في سعر الفائدة لتنشيط القطاعات الإنتاجية بهدف زيادة الصادرات المصرية.
ويستهدف البنك المركزي المصري، خفض مستوى التضخم عند مستوى 7%(±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5%(±2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.
من جانبه، قال إبراهيم الإمبابي، رئيس شعبة الدخان والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، إن السوق المحلي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار السجائر عن الأسعار المقررة، مضيفًا أنه لا يمكن تحديد متوسط للزيادة في الأسعار نتيجة التفاوت بين التجار.
أرجع الإمبابي ذلك إلى اتجاه عدد من التجار لتخزين كميات ضخمة من السجائر، ترقبًا لارتفاع أسعارها خلال الفترة المقبلة مع تحريك سعر صرف الجنيه أمام الدولار، أو زيادة قيمة الضرائب السنوية المفروضة.
وقال الإمبابي: "يساعد في هذه الزيادة غير المبررة تباطؤ الحكومة في اتخاذ قرارات رادعة ضد محتكري توزيع السجائر، وعدم وعي المستهلكين بحقوقهم في شراء السجائر بالأسعار المعلنة".
في مارس/ آذار الماضي، رفعت الشركة الشرقية - إيسترن كومباني، وهي أكبر منتج للسجائر في مصر، أسعار السجائر الشعبية بقيمة تتراوح بين جنيهين (0.065 دولار) إلى 3 جنيهات (0.097 دولار) للعلبة الواحدة، وهي المرة الأولى التي تتخذ الشركة هذا القرار خلال العام الحالي، وتراوحت أسعار علب السجائر بين 15 إلى 35 جنيهًا (0.49-1.13 دولار) للعلبة الواحدة، وبررت الشركة سبب ذلك إلى ارتفاع مدخلات الإنتاج والزيادة المستمرة في تكاليف الإنتاج مما دفعها لتحريك الأسعار.
وأضاف الإمبابي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الأجهزة الرقابية الحكومية يمكنها ضبط السوق المحلي، بعد اتفاق الشركات المصنعة مع جهاز حماية المستهلك على وضع أكواد "QR" رمز الاستجابة السريعة على علب السجائر المباعة، ويوضح هذا الكود تاريخ إنتاج السجائر والسعر المعلن لبيعها مما يمكن الأجهزة الرقابية من مراقبة السوق، كما يمكن المستهلكين من معرفة الأسعار الرسمية للسجائر، ومقاطعة شرائها حال بيعها بسعر مبالغ فيه.
وبلغ حجم مبيعات السجائر في مصر 70 مليار سيجارة خلال العام 2021/2022، وفقًا للبيانات الرسمية لشركة الشرقية - إيسترن كومباني، فيما بلغت المبيعات من دخان المعسل 6 آلاف طن.
ويرى إبراهيم الإمبابي أنه كان ينبغي على الحكومة زيادة أسعار السجائر المحلية بقيمة تتراوح بين جنيهن إلى 3 جنيهات (0.065-0.095 دولار) لتفويت الفرصة على بعض تجار السجائر لتخزين كميات ضخمة لاستغلال الزيادة المرتقبة مطلع يوليو/ تموز المقبل مع بدء السنة المالية الجديدة، مضيفًا أن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية الجديدة 2023/2024 تستهدف جمع ضرائب من مبيعات السجائر تتجاوز 88 مليار جنيه (2.847 مليار دولار) مقارنة بمبلغ 87 مليار جنيه (2.815 مليار دولار) مقدر جمعها خلال العام المالي الجاري.
وتستهدف الحكومة المصرية جمع إيرادات ضريبية بقيمة 1.5 تريليون جنيه (48.5 مليار دولار) خلال العام المالي 2023/2024، منها 88.5 مليار جنيه (2.9 مليار دولار) على السجائر والتبغ بزيادة 1.7 مليار جنيه (55 مليون دولار) عن 86.8 مليار جنيه (2.8 مليار دولار) متوقعة خلال العام المالي الحالي.