الرئيس الإيراني يدافع عن تخصيب اليورانيوم.. ويربطه بهذا السبب

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة

تقرير من إعداد نادين إبراهيم، ضمن نشرة الشرق الأوسط البريدية من CNN. للاشتراك في النشرة (اضغط هنا)

أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- دافع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن تخصيب بلاده لليورانيوم إلى مستويات تقترب من مستويات صنع الأسلحة، مدعيا أن ذلك كان ردًا على عدم التزام الدول الأوروبية بالتزاماتها في الاتفاق النووي لعام 2015.

وقال رئيسي لمذيع شبكة CNN فريد زكريا في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: "في البداية، لم نكن نسعى إلى مستويات تخصيب تصل إلى 60%. لقد داسوا (الدول الأوروبية) على التزاماتهم. ما فعلته الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان ردا على خرق التزام الموقعين على اتفاق (2015)".

أعلنت إيران أنها ستقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في عام 2021، في أعقاب الهجوم على منشأتها النووية في الجزء الذي يقع فوق الأرض في نطنز، والذي ألقت طهران باللوم فيه على إسرائيل.

وقد أثار هذا التحرك انزعاج الغرب، لأنه أدى إلى تقصير إيران ما يسمى بـ "زمن الاختراق" لبناء سلاح نووي، وهو الأمر الذي يتطلب اليورانيوم المخصب بنسبة تتجاوز 90%. وفي وقت سابق من الشهر الجاري قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن إيران الدولة الوحيدة التي لا تمتلك سلاحًا نوويًا وتقوم بتخصيب اليورانيوم إلى نسبة نقاء 60%، وأعلنت الوكالة في مارس أنه تم العثور في مصنع "فوردو" الإيراني على جزيئات اليورانيوم مخصبة إلى نسبة 84%.

ونشرت رويترز الشهر الجاري استنادا إلى تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء تصل إلى 60% مستمر في النمو، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كان عليه في الربع السابق.

وتتطلب الطاقة النووية، التي تقول إيران إنها الهدف من برنامجها النووي، تخصيب اليورانيوم إلى نسبة تتراوح بين 3 و5%.

وهناك أيضاً مخاوف من أنه إذا لم تتم السيطرة على البرنامج النووي الإيراني، فقد يؤدي ذلك إلى المزيد من الانتشار النووي في الشرق الأوسط، إذ قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إنه إذا امتلكت إيران قنبلة نووية، "علينا أن نحصل على واحدة".

ورفض رئيسي الاتهامات القائلة إن إيران عززت التخصيب بسبب سعيها لصنع قنبلة نووية، وقال لشبكة CNN: "تم الإعلان رسميًا عن أن الإجراء الذي نعتزم اتخاذه لا يهدف للوصول إلى أسلحة نووية أو بعد عسكري من أي نوع، لكنه… رد على عدم الالتزام الذي أظهره الأوروبيون".
كما كرر ادعاء طهران القديم بأنها لا تخطط لامتلاك قنبلة نووية.

تم توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، أو ما تعرف بالاتفاق النووي عام 2015 للحد من برنامج طهران النووي، بين إيران والقوى العالمية بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وحدد الاتفاق تخصيب اليورانيوم الإيراني بنسبة 3.67% مقابل تخفيف العقوبات.

انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة في عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ثم أطلقت موجة من العقوبات صممت لشل الاقتصاد الإيراني. وحاول الموقعون على خطة العمل الشاملة المشتركة منذ عام 2021 إعادة واشنطن وطهران إلى طاولة المفاوضات. وأجرت الأطراف محادثات متقطعة لكنها فشلت حتى الآن في العودة إلى الاتفاق.

وقال علي فايز، مدير "مشروع إيران" في "مجموعة الأزمات الدولية"، إنه رغم أن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي انسحبت من الاتفاق، إلا أن هذا الانسحاب أثر على التجارة الأوروبية مع إيران.

وقال فايز لشبكة CNN: "ونتيجة لذلك... تبخر حوالي 80% من تجارة أوروبا مع إيران بين عشية وضحاها تقريباً. وقدم الأوروبيون الكثير من الوعود النبيلة للإيرانيين في عام 2018... ولم يتحقق أي منها".

العين بالعين

لطالما زعمت إيران أن الموقعين الآخرين على خطة العمل الشاملة المشتركة فشلوا بالالتزام بأجزائهم من الصفقة بعد انسحاب الولايات المتحدة، واستمروا بدلاً من ذلك بفرض عقوبات على طهران.

وقال الرئيس الإيراني لشبكة CNN إنه إذا عاد الأوروبيون في أي وقت للوفاء بالتزاماتهم، فليكونوا مطمئنين، ودون شك في أن الجمهورية الإسلامية، سوف تلتزم بالتزاماتها بالكامل كما فعلت في الماضي.

وقد أعربت طهران مؤخراً عن إحباطها إزاء العقوبات الغربية المتزايدة ضدها، فضلاً عن رفض المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا (مجموعة الثلاث الكبرى) رفع عدد من العقوبات المفروضة على الأفراد والكيانات المشاركة في برامج إيران الصاروخية والنووية وغيرها من برامج الأسلحة، والتي كان من المقرر رفعها الشهر المقبل بموجب الاتفاق النووي المبرم في عام 2015.

أعلنت الدول الأوروبية الثلاث الشهر الجاري أنها لن ترفع العقوبات المفروضة على برامج الصواريخ الإيرانية كما هو مقرر، ولكنها بدلاً من ذلك ستحولها إلى قوانين محلية "رداً على استمرار عدم امتثال إيران لالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة والتصعيد النووي المستمر".

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن وزارة الخارجية الإيرانية وصفت القرار بأنه "غير قانوني"، وأنه "يرقى إلى مستوى إجراء لزيادة التوتر تم اتخاذه بسوء نية".

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران منعت العديد من مفتشي الأمم المتحدة هذا الشهر من إجراء أنشطة التحقق من برنامجها النووي، مضيفة أن طهران "قامت فعليا بإزالة حوالي ثلث المجموعة الأساسية من مفتشي الوكالة الأكثر خبرة والمخصصين لإيران".

وقال رئيسي لشبكة CNN إن نية إيران ليست منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إجراء عمليات التفتيش، لكن طهران سحبت تعيينات المفتشين من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وهي الدول التي اتهمتها إيران بعدم الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق عام 2015، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

وأضاف رئيسي: “لم تقل إيران إننا لا نرغب في وجود أي مفتشين هنا”. وأوضح: "لقد قلنا ما قالته هذه الدول الثلاث، وما قالته الوكالة الدولية للطاقة الذرية هو أن لدينا اعتبارات معينة تجاه أفراد من هذه الدول الثلاث"، مضيفا أن "ثقتهم تحت ظلال الشك".

وفي بيان مشترك، طالبت الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة يوم الاثنين إيران بالتراجع عن قرارها على الفور "والتعاون الكامل مع الوكالة".

وقال فايز، الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية"، إن الموقعين الأوروبيين على خطة العمل الشاملة المشتركة قد فقدوا الكثير من مصداقيتهم في نظر الإيرانيين، مضيفاً أن الإيرانيين يعتبرونهم "قد بالغوا في وعودهم ولم يفوا بها". وأضاف أن هذا الرأي يتبناه السياسيون المتشددون مثل رئيسي، فضلاً عن السياسيين الأكثر اعتدالاً.

وقال فايز: "ترى الآن أن الإيرانيين والأمريكيين قد توصلوا إلى تفاهم خفف من حدة البرنامج النووي الإيراني، ولم تلعب أوروبا أي دور فيه".

وفي علامة على حدوث انفراجة دبلوماسية، أطلقت إيران سراح 5 سجناء أمريكيين في اتفاق توسطت فيه قطر، والذي تضمن أيضًا إلغاء تجميد حوالي 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية والإفراج عن خمس سجناء إيرانيين في الولايات المتحدة.

وكان الاتفاق علامة على ما وصفه المحللون بأنه أسلوب ترتيبات غير مكتوبة بين واشنطن وطهران، مع تنازلات متبادلة أصغر بدلاً من اتفاق رسمي أوسع.

نشر