دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد تأجيل دام قربة عام، يزور وفد من صندوق النقد الدولي، مصر هذا الأسبوع؛ لمناقشة المراجعتين الأولى والثانية من برنامج قرض مصر البالغ قيمته 3 مليارات دولار. ومن المقرر أن يناقش الوفد مع مسؤولي الحكومة الإطار الزمني الجديد لبرنامج القرض، وكذلك تفاصيل برنامج الإصلاح الهيكلي وأداء المؤشرات الاقتصادية الأخرى.
في الوقت نفسه خفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية مع تثبيت التصنيف الائتماني عند "Caa1"، مبدية تخوفها من أن دعم صندوق النقد قد لا يكون كافيًا للتغلب على تحديات الاقتصاد.
ويرى خبراء أن صندوق النقد الدولي قد يصرف الشريحتين الثانية والثالثة من قرض مصر المؤجلة منذ عام، كما توقعوا زيادة قيمة القرض لمساندة الاقتصاد المصري في مواجهة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة.
وسبق أن وافق صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022 على إقراض مصر مبلغ 3 مليارات دولار مقابل تطبيقها برنامج للإصلاح الهيكلي قائم على تعهدات، أبرزها تطبيق نظام سعر صرف مرن بشكل دائم، وخفض الإنفاق على المشروعات القومية، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، والتوقف عن دعم المبادرات التمويلية منخفضة العائد، وبالفعل صرف الصندوق الشريحة الأولى بقيمة 347 مليون دولار في ديسمبر/ كانون الأول من نفس العام، وأوقفت صرف الشرائح المتبقية بسبب عدم تطبيق بعض التعهدات.
قالت رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، آية زهير، إن وفد صندوق النقد الدولي يزور مصر لمناقشة تطبيق تعهدات برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، مع زيادة قيمة القرض بأكثر من 3 مليارات دولار في ظل الظروف الجيوسياسية التي تواجهها البلاد، متوقعة أن يتجه صندوق النقد لزيادة قيمة القرض لرغبة الصندوق في مساندة الاقتصاد المصري.
وسبق زيارة وفد صندوق النقد الدولي، لقاء وفد حكومي مصري يضم محافظ البنك المركزي ووزيري المالية والتعاون الدولي يوم 10 من الشهر الحالي مع وزيرة الخزانة الأمريكية، ومدير عام صندوق النقد الدولي، وبعده بأسبوع زار وفد برئاسة جهاد أذعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا في صندوق النقد الدولي، البلاد والتقى بمسؤولين حكوميين ورجال أعمال.
واعتبرت زهير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن محاربة التضخم تعد ذات أولوية في برنامج الإصلاح الذي سيتم الاتفاق عليه بين صندوق النقد والحكومة المصرية، إضافة إلى تحقيق استقرار في سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، مضيفة أن الحكومة تحاول خفض مسار معدل التضخم في ظل استمرار زيادة سعر الدولار في السوق الموازية.
وانخفض معدل التضخم في مصر للشهر الثالث على التوالي خلال ديسمبر/ كانون الأول عام 2023 ليصل إلى 33.7%، إلا أنه مازال في مستويات قياسية غير مسبوقة، ومن المتوقع أن يعاود التضخم مساره الصعودي هذا الشهر بعد زيادة أسعار العديد من الخدمات والمرافق مطلع الشهر الحالي، خاصة الكهرباء، ومترو الأنفاق، والسكك الحديدية، وكذلك أسعار اشتراكات الإنترنت.
واستبعدت آية زهير تأثير قرار وكالة موديز خفض النظرة المستقبلية لمصر إلى سلبية، على مفاوضات صندوق النقد الدولي مع مصر، "في ظل إيمان الصندوق بأهمية زيادة قرض مصر بسبب تحديات عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، إلا أنه قد أثر على زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق الموازية"، حسب قولها.
وفي أول تعليق لوزارة المالية، قالت الوزارة إن مؤسسة "موديز" لم تأخذ في اعتبارها الجهود الحالية للحكومة عند تغيير النظرة المستقبلية إلى سلبية، وأضافت الوزارة أن برنامج الطروحات الحكومية، وإمكانية الحصول على 5 مليارات دولار سنويًا بشروط ميسرة من البنوك التنموية متعددة الأطراف يُعزز قدرة البلاد على تلبية الاحتياجات التمويلية خلال العامين المقبلين، ويحد من الاحتياج للتمويل الخارجي.
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة برايم القابضة، حسن سمير فريد، إنه يأمل أن تنجح المفاوضات بين صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية في صرف باقي شرائح قرض مصر في القريب العاجل، والموافقة على منحها تمويلا إضافيًا لمساندة الاقتصاد المصري، وتلبية جزء من احتياجاته الخارجية، وكذلك تخفيف الآثار السلبية للمواطنين من برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وفي تصريحات رسمية لوزير المالية المصري محمد معيط، أكد أن الحكومة تعمل على مد مظلة الحماية الاجتماعية لتخفيف حدة الأعباء التضخمية، خاصة على الفئات الأكثر احتياجًا وتضررًا من الآثار الصعبة الناتجة عن الأزمات العالمية الاستثنائية، منها توسيع قاعدة المستفيدين من برنامج الدعم النقدي ليغطي 5.2 مليون أسرة مع زيادة قيمة المنحة لهم بنسبة 25%.
أشار سمير، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن الحكومة المصرية حققت تقدمًا في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لصرف الشريحتين الثانية والثالثة من قرض الصندوق خلال الشهور القليلة الماضية، ووضع أولويات في خطة الإصلاح الاقتصادي مرتكزة على السيطرة على معدل التضخم، ومراعاة التحديات التي تواجه البلاد، والتوصل لحل وسط بشأن أزمة تطبيق سعر صرف مرن.
وتستهدف مصر خفض معدل الدين للناتج المحلي لأقل من 85% بنهاية يونيو/ حزيران 2028، وإطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليصل إلى 4 سنوات في المدى المتوسط؛ لتقليل الحاجة إلى التمويلات السريعة.