دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- دفع استمرار تراجع الدولار أمام الجنيه المصري، العديد من المواطنين إلى الاتجاه لفروع شركات الصرافة لتبديل مدخراتهم من العملات الأجنبية، وفقًا لبعض رؤساء شركات الصرافة.
يأتي هذا بعد 10 أيام من تطبيق البنك المركزي نظام سعر صرف مرن، واستقبال تدفقات دولارية من الدفعة الأولى من تطوير منطقة رأس الحكمة، في الوقت نفسه، عادت استثمارات الأجانب في الأذون الحكومية مرتفعة العائد، وفقًا لمصرفيين.
وتراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري بنسبة 4% خلال الأسبوع الماضي لينخفض من مستوى 49.34 جنيه للشراء، 49.44 جنيه للبيع مطلع الأسبوع إلى 47.76 جنيه للشراء، 47.90 جنيه للبيع بختام تعاملات الأسبوع، وواصل رحلة الهبوط إلى مستوى 47.18 جنيه للشراء، 47.32 جنيه للبيع، بختام تعاملات، الأحد، وفقًا لمتوسط أسعار الصرف بالبنك المركزي.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي للصرافة، عبدالمجيد محيي الدين، إن حصيلة التنازل عن العملات الأجنبية والعربية لصالح الجنيه المصري بلغت 1.5 مليار جنيه منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه، الأربعاء 6 مارس/ آذار الجاري، وحتى مساء السبت، معظمها من الدولار، والباقي من العملات العربية والأجنبية أبرزها الريال السعودي، والدرهم الإماراتي، واليورو.
وأسس البنك الأهلي المصري، شركة الأهلي للصرافة عام 2017 تزامنًا مع تحرير سعر الصرف وقتها، ويبلغ رأس مال الشركة المرخص به 400 مليون جنيه (8.4 مليون دولار)، وتمتلك 89 فرعًا في كل أنحاء الجمهورية.
وأضاف محيي الدين، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن فروع شركة الأهلي للصرافة شهدت إقبالًا من المواطنين للتنازل عن العملات الأجنبية ليتضاعف عدد العمليات بأكثر من 15 مرة مقارنة بمتوسط عدد العمليات قبل قرار تحرير سعر الصرف، لتقترب من معدلاتها الطبيعية قبل أزمة نقص النقد الأجنبي، مؤكدًا على أهمية قرار تحرير سعر الصرف في تحقيق استقرار في الأسواق، من خلال زيادة حصيلة تحويلات العملات الأجنبية عبر القنوات الرسمية.
وعانت مصر من أزمة نقص في النقد الأجنبي منذ شهر مارس/آذار من عام 2022 في أعقاب اندلاع الحرب الروسية -الأوكرانية وخروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بأكثر من 20 مليار دولار، وتسببت هذه الأزمة في عودة ظهور السوق الموازية للدولار، مما انعكس على تراجع تحويلات المصريين بالخارج، وبطء تدبير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد.
وقال رئيس مجلس إدارة شركة مصر للصرافة، عادل فوزي، إن حصيلة تنازل الأفراد عن العملات الأجنبية خلال الفترة من 6 إلى 16 مارس الجاري تجاوزت 1.1 مليار جنيه في فروع الشركة المختلفة، مضيفًا أن الإقبال على التنازل عن العملات الأجنبية منذ قرار تحرير سعر الصرف وصل لمستويات غير مسبوقة مقارنة بالفترة السابقة لقرار تعويم الجنيه.
وأصدر البنك المركزي المصري، يوم 6 مارس الجاري، قرارًا بزيادة سعر الفائدة 600 نقطة أساس، بهدف السيطرة على معدل التضخم، وفي الوقت نفسه، قرر تطبيق نظام سعر صرف مرن تنفيذًا لبرنامج الإصلاح الهيكلي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض إلى 8 مليارات دولار، واستئناف صرف باقي شرائح القرض.
وربط فوزي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، بين زيادة الإقبال للتنازل عن العملات الأجنبية وتراجع سعر صرف الدولار في البنوك، خاصة المحتفظين بسيولة ضخمة من العملات الأجنبية، الذين يتسابقون على استبدالها بالجنيه المصري مع كل تراجع في الأسعار، مضيفًا أن زيادة الإقبال مؤشر إيجابي على نجاح سياسة البنك المركزي في تطبيق نظام سعر صرف مرن.
وتابع أن متوسط حصيلة فروع شركة مصر للصرافة ارتفع من 10 آلاف دولار يوميًا إلى حوالي 3 ملايين دولار بعد قرار تحرير سعر الصرف، لتقترب بنسبة كبيرة من ذات المعدلات الطبيعية قبل أزمة نقص النقد الأجنبي، مشيرًا إلى أن هناك إقبالًا على التنازل سواء من خلال تحويلات المصريين بالخارج أو من حائزي الدولار.
وفي بيان رسمي، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن هناك مؤشرات إيجابية بشأن حجم التدفقات الدولارية حاليًا، سواء من تحويلات المصريين بالخارج، أو التنازل عن الدولار في فروع البنوك ومكاتب الصرافة، كما أن الطلب على الدولار، بدأ في الانخفاض في ظل الإتاحة الواسعة التي وفرها البنك المركزي، والإسراع في الإفراج عن البضائع من الجمارك في الأيام الأخيرة.
وأكد رئيس شركة مصر للصرافة، انتهاء السوق الموازية للدولار تمامًا بعد تحرير سعر صرف الجنيه، وعدم وجود أية تعاملات في هذا السوق خلال الفترة الحالية، كما أكد توفير الشركة لطلبات الشركات والأفراد لتدبير الدولار وفق الضوابط المنصوص عليها.
وسبق أن وجه رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، وزارة الداخلية لشن حملات على المتاجرين بالعملة، والتي أسفرت عن ضبط العديد من الوقائع خلال الأيام الأخيرة، وفقًا لبيان رسمي.
في نفس السياق، قال رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لبنك التنمية الصناعية السابق، ماجد فهمي، إن المستثمرين الأجانب عاودوا الاستثمار في أذون الخزانة الحكومية مرة ثانية في أعقاب تحرير سعر صرف الجنيه، نتيجة عدة عوامل أبرزها: ارتفاع العائد على الاستثمار في الأذون، وعودة ثقة المستثمرين الأجانب تدريجيًا في الاقتصاد المصري بعد تنفيذ صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة، وتداول أنباء عن تنفيذ صفقات مماثلة خلال الفترة المقبلة، بما يسهم في القضاء على أزمة سيولة نقص النقد الأجنبي، وإصدار مؤسسات التصنيف الدولية تقارير إيجابية عن مستقبل الاقتصاد المصري.
وأصدرت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني، الأسبوع الماضي، تقريرًا عدلت فيه من نظرتها لمستقبل الاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية، بما يمهد الطريق لتحسين تصنيف مصر الائتماني خلال الفترة المقبلة، وفقًا لبيان رسمي.
وأضاف فهمي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن عودة الاستثمار الأجنبي في أدوات الدين الحكومية يسهم في توفير سيولة نقدية دولارية، ما يسهم في تحقيق استقرار في سعر الصرف عبر التوازن بين العرض والطلب، إلا أنه لا يجب الاعتماد عليها بشكل رئيسي في توفير النقد الأجنبي اللازم لتمويل مشروعات بنية تحتية طويلة الأجل، مشيرًا في هذا الصدد إلى الأزمة التي واجهتها مصر بعد خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أعقاب ارتفاع أسعار الفائدة عالميًا في عام 2022.
ووفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، تلقى البنك عروضًا تجاوزت 13 ضعف قيمة الأذون المطروحة للبيع، البالغ قيمتها 217.9 مليار جنيه لأجل عام، كما تلقى عروضًا تجاوزت 4 أضعاف قيمة الأذون المبيعة البالغ قيمتها 46.8 مليار جنيه لأجل 6 أشهر.