عمان، الأردن (CNN)-- أعلنت الحكومة الأردنية، الاثنين في خطوة مفاجئة، جملة من التعديلات المقترحة على الدستور الأردني لسنة 2016، من أبرزها إقرار صلاحيات منفردة للملك بتعيين ولي العهد ونائب الملك ورئيس وأعضاء مجلس الأعيان رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية، وقائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الدرك، دون توقيع رئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
وبحسب مجلس الوزراء الأردني نقلا عن وكالة الأنباء الأردنية "بترا"، فإن التعديلات أقرت "لتعزيز مبدأ الفصل بين السلطات وتعزيز استقلالية المحكمة الدستورية والسلطة القضائية وتعزيز حياد قوات الدرك وعدم تأثرها وتأثيرها بالسياسة."
ويعتبر التعديل هو الثالث منذ بداية الربيع العربي في 2011، حيث أجريت تعديلات دستورية موسعة، لحقتها تعديلات محدودة في 2014 منح بموجبها الملك حق تعيين قائد الجيش ومدير دائرة المخابرات العامة وإقالتهما، بعد أن كان لرئيس الحكومة صلاحيات مشتركة بالتنسيب.
ونص التعديل حرفيا، على عبارة يمارس الملك صلاحيات منفردا بتعيين الجهات التي وردت في مشروع التعديل.
وتتركز أبرز التعديلات المقترحة في المادة 40 من الدستور والتي تنص على، أن الملك يمارس صلاحياته بإرادة ملكية وتكون الإرادة الملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير أو الوزراء المختصين، ويبدي الملك موافقته بتثبيت توقيعه فوق التواقيع المذكورة.
وأضيف إلى تعديل المادة 127 من الدستور، تعيين مدير الدرك إضافة إلى قائد الجيش ومدير دائرة المخابرات العامة.
وتفاوتت قراءات قانونيين ومحللين لضرورة إجراء تلك التعديلات، وسط تساؤلات لأوساط سياسية عن تزامنها مع تكهنات برحيل وشيك للحكومة التي استنفذت مسوغات بقائها، وكتوطئة تسبق موسم الانتخابات النيابية المرتقبة قبل نهاية العام الجاري.
في الأثناء، قال رئيس اللجنة القانونية السابق في البرلمان الأردني مبارك أبو يامين، إن أغلبية تلك التعديلات جاءت لتصحيح "اعتوار" في بعض المواد في الدستور، حيث عززت التعديلات المقترحة جملة من مهام وصلاحيات الملك، من شأنها أن توقف ما وصفه "بالطيش السياسي" الذي مارسه بعض رؤساء الوزراء السابقين والنواب، على حد تعبيره.
ورأى أبو يامين العضو السابق في لجنة الحوار الوطني، أن تعديل تعيين رئيس المحكمة الدستورية وأعضائها، "هو تصويب في محله لتعزيز استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية."
وبشأن تعيينات مجلس الأعيان، أشار أبو يامين إلى أن المجلس "هو مجلس الملك بكل الأحوال"، وأن التعديل أيضا جاء متوائما مع مهام الملك في تعيين رئيس وأعضاء الغرفة الثانية في مجلس الأمة.
وقال لموقع CNN بالعربية: "تبدو هذه التعديلات وقياسا على التجارب السابقة استعداد لمرحلة جديدة في الحياة السياسية الأردنية، وهي الانتقال لمرحلة الحكومات البرلمانية وهذه التعديلات جاءت كاشفة ومقرة بصلاحيات الملك أساسا."
التعديلات التي طرحت في وقت سابق في لجنة الحوار الوطني 2011، دعت إلى تمديد رئاسة رئيس مجلس النواب إلى عامين بدلا من عام واحد وفقا لأبو يامين، مشيرا الى أن هذا التعديل "من شأنه أن يوقف تعطيل عمل رئاسة المجلس التي كانت تخضع أحيانا" لأهواء أعضاء البرلمان."
كما يرى أبو يامين في السياق ذاته، أن انفراد الملك بتعيين ولي العهد ونائبه، دون توقيع مجلس الوزراء، أمر ملكي يتعلق بالعائلة المالكة، ويقر بعدم تدخل "أي من السلطات الأخرى، وأضاف: "القضية هنا ليست حكما جديدا بل أصبحت كاشفة وتقرير لأمر واضح لا ينازع الملك فيه."
وعن تعيين الملك لمدير الدرك على غرار قائد الجيش والمخابرات العامة، اعتبرها أبو يامين خطوة متممة، رغم تنميه لترك التعيين بإرادة ملكية مقابل أن تحصر الإقالة بيد الملك.
وأوضح بالقول: "تمنيت هنا أن نعيد للدستور فلسفته وروحه، بأن يكون أمر التعيين بقراءة النص الدستوري القديم بتعيين مدير المخابرات والجيش والدرك بإرادة ملكية وأن تكون الإقالة بيد للملك لمنع تغوّل رئيس الوزراء بسلطته."
من جهته، رأى الكاتب والمحلل السياسي راكان السعايدة، غياب المبررات لإجراء تلك التعديلات التي وصفها بالمفاجئة، ودون طرحها للنقاش السياسي العام على غرار تعديلات سابقة.
وقال السعايدة لموقع CNN بالعربية: إن هناك حاجة ملحة لتوضيح موجبات هذه التعديلات مرجحا أحد سببين لإجرائها، أولها إجراء الانتخابات النيابية المقبلة مبكرا أو في موعدها الدستوري، وثانيا، استثمار مناخ تراجع الربيع العربي في حال استبعاد السبب الأول "بمزيد من ضبط الصلاحيات الدستورية للملك، وتشريع ودسترة للأمر الواقع."
وأوضح بالقول: "قد يكون وراء التعديلات إجراء انتخابات مبكرة أو في موعدها الدستوري، على أن تفضي هذه الانتخابات إلى تشكيل ائتلاف نيابي يقوم بدوره بتشكيل حكومة برلمانية.. لكن هذه المسألة في غاية التعقيد للحاجة إلى قوى حزبية وبرامجية برلمانية تتمكن من تشكيل الائتلاف."
وفي تلك الحال، فإن التفسير المنطقي المتاح وفقا للسعايدة، بأن "التعديلات الدستورية أرادت تركيز صلاحيات جديدة بيد الملك خصوصا في مجال التعيينات لضمان عدم خضوعها للتجاذبات السياسية والحزبية والجهوية أو أي منطق على هذه الشاكلة، باعتبار أن أي حكومة برلمانية ستكون وفقا لنهج جديد يحتاج إلى ترسيخ قبل منحه كامل الصلاحيات المفترضة."
وذهبت التكهنات خلال الأيام الماضية، إلى طرح تعديلات دستورية أمام النواب في دورة استثنائية مقبلة، يتضمن جدول أعمالها إجراء تعديلات دستورية، تنهي ربط استقالة الحكومة حكما عقب حل البرلمان، ومعالجة حظر استلام مزدوجي الجنسية لمواقع رسمية أو الترشح للانتخابات النيابية.
ورجحت معلومات مسربة إلى إرسال مجلس الوزراء في وقت لاحق تعديلات أخرى، تتعلق بتلك البنود.