دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أصيبت تيري وايلدر بمرض رهيب في عام 2014، إذ كانت تنام كل يوم فور عودتها إلى المنزل بعد العمل وتستلقي على سريرها طوال عطلة نهاية الأسبوع، لتستجمع قواها حتى تذهب إلى العمل الأسبوع التالي.
وبعد مرور نحو عامين، تم تشخيص وايلدر بمرض يسمى التهاب الدماغ النخاعي العضلي، الذي يعرف أيضاً بمتلازمة الإرهاق المزمن، وهي حالة من أمراض المناعة العصبية بأعراض تشمل ضباب الدماغ، والتعب الشديد، والألم، والشعور بالضيق بعد الجهد.
وعملت وايلدر لعقود طويلة كاختصاصية اجتماعية وناشطة للمجتمعات المهمشة، مع التركيز على أبحاث فيروس نقص المناعة البشرية. وصُدمت وايلدر عندما اكتشفت أن مرضها يفتقر إلى دواء معتمد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وأن العلماء الذين هم بصدد دراسة المرض لم يتلقوا سوى نحو 5 ملايين دولار سنوياً من أجل تمويل الأبحاث من المعاهد الوطنية للصحة.
وفي تلك المرحلة، وجدت وايلدر نفسها تواجه مرضاً جديداً مهمشاً تماماً.
ويمكن أن تستمر متلازمة الإرهاق المزمن لعقود. وغالباً ما يتجذر المرض بعد شكل من أشكال العدوى الفيروسية، وعلى سبيل المثال فيروس "إبشتاين-بار" أو فيروس" نهر روس". ويعد فيروس كورونا المستجد مجرد فيروس آخر يمكن أن يؤدي إلى ظهور هذه الحالة المسببة للإنهاك.
وتخشى وايلدر أن يصاب مئات الآلاف من الأشخاص المصابين بمرض "كوفيد-19" بالحالة ذاتها التي عانت منها، ولدى كبار الخبراء الطبيين القلق ذاته.
ومن جانبه، قال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير معهد الحساسية والأمراض المعدية إنه "حتى بعد أن تتخلص من الفيروس، هناك أعراض ما بعد الفيروس"، مضيفاً أنه يعرف ذلك لأنه يتابع عبر الهاتف الكثير من الأشخاص الذين يتصلون به ويتحدثون إليه عن تجربتهم.
وأشار فاوتشي إلى أن هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة ما بعد الفيروس والتي تشبه إلى حد كبير التهاب الدماغ والنخاع العضلي أي متلازمة الإرهاق المزمن.
وبعد أكثر من 6 أشهر على أزمة جائحة كورونا العالمية، لم يتعاف الكثير من المصابين بالفيروس بشكل كامل.
ولم يعد ما يصل إلى نسبة 35% من الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بمرض "كوفيد-19" إلى حالتهم الطبيعية بعد أسبوعين إلى 3 أسابيع من تأكد إصابتهم بفيروس كورونا، وفقاً لتقرير صدر في 24 يوليو/تموز من قبل المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
ومن بين 292 شخصاً شملهم الاستطلاع الذي أجرته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها على حالات التعافي ما بعد "كوفيد -19"، أفاد المتعافون عن متوسط 7 من الأعراض الـ17 التي ذكرتها مراكز السيطرة على الأمراض.
وأبلغ نسبة 35% عن الشعور بالتعب. وذكر واحد من كل خمسة أشخاص أصغر سناً، تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، وليس لديهم أي حالات طبية مزمنة أخرى، أنهم لم يتعافوا تماماً.
وأحد هؤلاء الذين ما زالوا يعانون من الأعراض بعد أشهر هو مذيع CNN كريس كومو، الذي أعلن لأول مرة عن إصابته بفيروس كورونا في 31 مارس/آذار الماضي.
وفي حديثه خلال برنامجه، يوم 14 يوليو/تموز الماضي، أشار كومو إلى أن التهاب الدماغ والنخاع العضلي قد اُقترح عليه كسبب لعدم تعافيه تماماً.
وقال كومو: "أعاني من ضباب في الدماغ لن يختفي"، مضيفاً أنه بدأ يشعر بالاكتئاب السريري، الذي يوضح أنه ليس حزناً.
وأشار كومو أن الناس يقولون له باستمرار "لا تحزن"، وأوضح أنه لا يشعر بالحزن بل بالاكتئاب، وهو أمر مختلف ولا يمكنه التحكم فيه.
وتحدث كومو على الهواء عن معركته مع "كوفيد-19"، كما تحاور مع بعض مستخدمي موقع "تويتر" حول رحلته مع المرض، وأشار الكثير منهم إلى أن أعراض فيروس كورونا لم تختفِ عندهم بعد أيضاً.
وتابع كومو: "لا أستطيع التعافي من التدريبات الرياضية كما كنت أفعل من قبل".
وغالباً ما يُعتبر الفشل في التعافي من التمارين، أو الشعور بالضيق بعد الجهد، سمة مميزة من أعراض هذه الحالية الصحية، وفقاً لتقرير عام 2015 الصادر عن الأكاديمية الوطنية للطب. وقدر هذا التقرير أيضاً أن ما بين 836 ألف إلى 2.5 مليون أميركي يعانون من متلازمة الإرهاق المزمن.
وفي الوقت الحالي، تشير التقديرات إلى أن هذه الحالة الصحية لها تأثير بنحو 17 مليار دولار إلى 24 مليار دولار على الاقتصاد الأميركي، بسبب عدم قدرة الكثيرين على العمل، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.
وتوصي المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها أولئك الذين يعانون من متلازمة الإرهاق المزمن إعطاء الأولوية لإدارة نشاطهم أو سرعتهم، مما يعني أنه يجب عليهم فهم حدودهم الجسدية والمعرفية، وعدم تجاوزها، إذ سيعرقل ذلك تعافيهم من الإرهاق.