دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كانت إنديانا إيفانز، وهي راقصة واعدة من رتفوردشاير في جنوب إنجلترا، تبلغ من العمر 14 عاماً، وتمضي 16 ساعة في التدريب أسبوعياً مع دراستها قبل انتشار جائحة فيروس كورونا.
وقالت والدتها، جين إيفانز، إن إنديانا أصيبت بالسعال في أوائل مارس/آذار الماضي. ورغم عدم ظهور أي أعراض أخرى لفيروس كورونا لديها، إلا أن أهلها أبقياها في المنزل لمدة أسبوعين تماشياً مع توجيهات الحكومة البريطانية.
وقالت والدتها لـ CNN إنها لم تكن مريضة بما يكفي لدخولها المستشفى. ومع ذلك، فإن المراهقة، التي خططت لخوض اختبارات القبول في مدارس الرقص المرموقة، يمكنها بالكاد المشي إلى البقالة المجاورة في الوقت الحالي.
وبدت إنديانا في البداية أفضل بعد أسبوع، ولكن بعد 10 أيام بدأت تشعر بالإرهاق، على حد قول والدتها.
وحاولت المراهقة مواكبة الواجبات المدرسية وممارسة الرقص على الإنترنت، ولكن كانت أعراضها تزداد سوءاً بعد القيام بأي تمرين على الإطلاق.
وفي الأيام التالية، بدأت إنديانا تعاني من الصداع النصفي ورؤية الأضواء الساطعة، وتقول والدتها إن "وجهها انتفخ بالكامل، وانتفخت عيناها، وأصيبت بطفح جلدي في جميع أنحاء جسدها".
وأوضحت والدتها أنها اتصلت بالطبيب بعد أن بدأت إنديانا تعاني من آلام في الصدر وخفقان قوي في القلب، ولكن قيل لها إن ابنتها بحاجة للراحة فقط.
وفي نهاية المطاف، أجرت إنديانا فحوصات في المستشفى لاستبعاد التشخيصات المحتملة الأخرى.
وبحسب والدتها، فإن جميع نتائجها ظهرت على ما يرام، ولم تبرز أي مشكلة في صور الأشعة السينية للصدر أو اختبارات الدم، على الرغم من أنها كانت تعاني من ضيق شديد في الصدر.
وستبدأ إنديانا قريباً مراحل إعادة التأهيل الفردية للمساعدتها على التنفس وتقوية العضلات، ولا تزال والدتها غير متأكدة مما ينتظر ابنتها التي كانت سابقاً نشيطة وبصحة جيدة للغاية، والتي كان من المقرر أن تنضم إلى مدرسة جديدة في سبتمبر/ أيلول المقبل.
ومن خلال تجربتها، تقول والدة إنديانا إن الأمر يبدو وكأنه تطور، وكأن الفيروس في جسم ابنتها تطور إلى شيءٍ آخر، مضيفةً أن "هناك الكثير غير معروف. ولا نعرف إلى متى سيستمر هذا، ولا نعرف ماذا سيحدث إذا بدأت (إنديانا) في ممارسة الرياضة مرة أخرى."
وكحال الآباء الآخرين الذين يعتقدون أن أطفالهم يعانون من آثار طويلة الأمد لفيروس كورونا، تشعر والدة إنديانا بالقلق من أن ابنتها قد تُحرم من دعم الرعاية الصحية لأنها لم تخضع لفحص إيجابي لفيروس كورونا.
وتضيف إيفانز: "أعتقد أن أصعب شيء بالنسبة لها هو عدم معرفة ما سيحدث في المستقبل. إنها غير قادرة على الرقص، وهي تدرك ذلك تماماً وقد كان جزءاً كبيراً من حياتها من قبل".
ومثل العديد من الأشخاص الآخرين الذين أصيبوا بالمرض في الأسابيع الأولى من الوباء في المملكة المتحدة، لم يتم فحص إنديانا أبداً لفيروس كورونا. ولكن والدتها قالت إن الأطباء شخصوها بإرهاق ما بعد الإصابة بـ"كوفيد-19".
وتعد هذه حالة واحدة بين العديد من حالات الأطفال الذين يبدو أنهم ما زالوا يعانون من الأعراض المتعلقة بفيروس كورونا بعد أشهر من مرضهم لأول مرة، وفقاً لما قاله أهلهم.
وبينما يتزايد الوعي تدريجياً فيما يتعلق بتأثيرات "كوفيد-19" طويلة المدى لدى البالغين، فلا يزال الكثير غير معروف عن تلك التأثيرات المحتملة على الأطفال.
ويقول الآباء والأمهات الذين عانى أطفالهم، على مدى أسابيع، من أعراض "كوفيد-19" متنوعة، مثل التعب، وضيق التنفس، وآلام الصدر، والإسهال، وحالة تورم أصابع القدمين، إن هناك القليل من المعلومات المتاحة للمساعدة في توجيه تعافيهم، وهو وضع مثير للقلق أكثر من أي وقت مضى بالنظر إلى العودة الوشيكة للكثير من الأطفال إلى المدرسة.
وفي حين أن أعراض "كوفيد-19" خفيفة أكثر لدى الأطفال منها لدى البالغين، مع احتمال أقل بكثير أن تتطلب العلاج في المستشفى، لا يزال الفيروس يشكل خطراً على صحة الأطفال، وهذا ما أكده الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية. حتى أن القليل منهم ماتوا.
وبالإضافة إلى ذلك، تم إدخال نسبة ضئيلة من الأطفال والمراهقين إلى المستشفيات في كل من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وإيطاليا وأماكن أخرى يعانون فيها من حالة نادرة تُعرف باسم متلازمة الالتهاب متعدد الأنظمة عند الأطفال، وهو أحد المضاعفات المحتملة بعد الإصابة بعدوى "كوفيد-19".
"هناك الكثير غير معروف"
وقال الأستاذ الفخري لأمراض الروماتيزم لدى الأطفال في جامعة بريستول في إنجلترا، أثيمالايبت رامانان، إن مرض "كوفيد-19" عند الأطفال يقع ضمن فئتين، ويبدو أن العدوى الأولية بالفيروس تكون حميدة إلى حد كبير لديهم، باستثناء بعض الحالات القليلة حيث توجد لديهم أعراض مسبقة.
وأشار رامانان إلى أن ما يمثل مشكلة لدى أقلية صغيرة من الأطفال هو متلازمة الالتهاب المفرط، إذ يصابون بالتعب الشديد ويتم إدخالهم إلى المستشفى.
وأوضح رامانان أنه لم ير حتى الآن حالات لأطفال يعانون من أعراض خفيفة لفيروس كوفيد تدوم طويلاً.
كما أشار إلى أنه لم يتضح بعد كيف ترتبط هذه الأعراض بفيروس كورونا، بالإضافة إلى أنه نظراً لأن الأطفال تأثروا بشكل خفيف للغاية من المرض، فلم يكن هؤلاء من ضمن أولويات فحوصات كورونا.
وأضاف رامانان: "سيتعين علينا العمل للتأكد مما إذا كانت هذه نتائج عرضية لعصر فيروس كورونا أو ما إذا كانت مرتبطة بفيروس كورونا".
واتجه بعض الآباء إلى شبكات الدعم عبر الإنترنت مثل "Long Covid Support Group" لمحاولة فهم عدد محير من الأعراض التي لا تتناسب مع الخصائص "النموذجية" للمرض ولكنها لا تزال تزعج أطفالهم.
وركز الباحثون اهتمامهم حتى الآن على العدد القليل من الأطفال الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب متلازمة الالتهاب المفرط، بدلاً من أولئك الذين يعانون من أعراض طويلة الأمد بعد الاشتباه في تعرضهم للإصابة بفيروس كورونا.
وقالت الدكتورة ناتالي ماكديرموت، المحاضرة الأكاديمية في المعهد الوطني للبحوث الصحية في جامعة كينجز كوليدج لندن وطبيبة مستشفى لندن، لـ CNN، إنها شاهدت عددًا أكبر من حالات الأطفال المصابين بمتلازمة الالتهاب المفرط مقارنةً بحالات مرض "كوفيد-19" التنفسي الحاد.
وقالت ماكديرموت: "في الوقت الحالي، لا توجد بيانات محددة تم نشرها فيما يتعلق بالأطفال والتأثيرات طويلة المدى، إذا ما زلنا في وقت مبكر إلى حد ما، ولم يتأثر الأطفال بشدة".
وبالإضافة إلى ذلك، نظراً للعدد القليل نسبياً من الأطفال المشاركين، فقد تحتاج الدراسات إلى النظر إلى الأطفال في بلدان متعددة، بحسب ما قالته ماكديرموت.
وأشارت ماكديرموت إلى أنه يمكن أن يعاني الأطفال من نوع الأعراض التي نسمع عنها لدى البالغين مثل الإرهاق طويل الأمد.
كما أوضحت ماكديرموت أنه من المنظور السريري، فإنهم يرون فقط الأطفال الذين تم إدخالهم إلى المستشفى، لذلك من الصعب معرفة ما يحدث في المجتمع.
وأوصت ماكديرموت بأن يطلب آباء الأطفال، الذين يعانون من "أعراض مؤثرة مستمرة"، المساعدة من خلال مقدمي الرعاية الأولية لضمان عدم تفويت الحالات الكامنة المحتملة الأخرى، مضيفةً أنه "من المهم أن يدرك الناس أن خدمات طب الأطفال تعمل الآن بشكل كامل، وأن عدم وجود نتيجة فحص إيجابي لفيروس كورونا لن يستبعد الأطفال من الحصول على رعاية ما بعد مرض "كوفيد-19".