دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعتقد العلماء أن احتمالية انتقال عدوى فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" تكون أقل بكثير في الهواء الطلق، حيث يمكن أن يكون الحفاظ على مسافة التباعد الجسدي أسهل في الخارج، وتتبدد القطرات الحاملة للعدوى بسرعة أكبر في الهواء النقي.
وقد اقترحت الدراسات أن الشمس والرياح قد تساعد في تقليل وجود فيروسات قابلة للحياة على الأسطح.
ولهذا السبب، يتساءل بعض المعلمين والأساتذة عما إذا كان إحضار الطلاب إلى الخارج طريقة مجدية لعقد الفصول الدراسية بأمان، والتي قالت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال إنها مهمة للتقدم الأكاديمي للطلاب، والصحة العقلية، والسلامة، والنمو النفسي الاجتماعي.
كما اقترحت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية أن ينظر مدراء المدارس في إعادة تخصيص مساحات خارجية للتدريس.
وعلى الرغم من أن نقل الدروس في الهواء الطلق قد يبدو مخيفاً للمعلمين الذين اعتادوا على الأسطح والجدران، إلا أنها ليست منطقة مجهولة كلّياً.
وفي سياقات متنوعة مثل المحاضرات الجامعية، ورياض الأطفال في الغابة، استكشف المعلمون فوائد وتحديات التعلم خارج الفصول لسنوات. وهذا ما تعلّمه هؤلاء المعلمون.
تجهيز الطلاب والمدارس للتعلم في الهواء الطلق
ويقول أستاذ ومدير الاستدامة بجامعة "أوغستانا"، بولاية داكوتا الجنوبية، ديفيد أوهارا، إنه سيعطي محاضرة الدراسات البيئية في الخارج في أي وقت يكون فيه الطقس "غير مميتاً".
ومن وجهة نظر أوهارا، يستبعد الطقس "غير المميت" العواصف الرعدية، والأعاصير، ودرجات الحرارة التي تقل عن -7 درجة مئوية، وغير ذلك فإن الطقس يعد عادياً، مما يعني أن الملابس المناسبة ضرورية. وقد عرض أوهارا مساعدة الطلاب في العثور على المعاطف، والقبعات، والقفازات التي سيحتاجون إليها هذا الشتاء.
وقالت شارون دانكس، الرئيس التنفيذي لشركة "Green Schoolyards America" المهتمة بتحويل أراضي المدارس إلى مساحات خضراء، إنه عندما يتعلق الأمر بالتدريس في الهواء الطلق، فإن المناطق التعليمية بحاجة إلى التفكير في ملابس الأطفال حتى يتوفر لجميعهم شعور الدفئ عندما يكون الجو بارداً ورطباً.
وتعتبر "Green Schoolyards America" غير الهادفة للربح من المدافعين عن إضافة الطبيعة والهواء الطلق إلى نظام التعليم في أمريكا. وقبل الجائحة، عملت المنظمة مع المناطق التعليمية لإدارة خصائص التعلم العملي والحد من الأضرار البيئية.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، ركزت منظمة "GSA" على تقديم المساعدة الفورية لأزمة "كوفيد-19" الحالية وأطلقت مبادرة التعلم في الهواء الطلق الوطنية مع الاستراتيجيات والتوجيهات. ويشير موقع المخصص للمبادرة على الإنترنت إلى "الحاجة الملحة لإعادة تصور مدارس ما قبل الروضة حتى الصف الثاني عشر من أجل إعادة فتحها بأمان".
وأوضحت دانكس إن الموضوع "أشبه بفرز المناظر الطبيعية"، أي "ما الذي يمكنك إضافته إلى أراضيك بأسرع ما يمكن، وبأرخص الأسعار، والذي سينتج عنه المكان الأكثر راحة وترحاباً للأطفال عند إعادة فتح المدارس".
ويتضمن ملخص التعلم خارج الفصول للمنظمة نصائح حول البنية التحتية الضرورية، والتي يمكن أن تشمل الجلوس على طاولات النزهة على سبيل المثال.
كما أوضحت دانكس أن الفصول الدراسية في الهواء الطلق لا يجب أن تقتصر على ممتلكات المدرسة، إذ يمكن إعطاء الدروس في الحديقة خارجاً.
وفي حين أن إلحاح التدريس في الهواء الطلق يعد أمر جديد، فإن العديد من المعلمين على دراية به. وقدّرت دانكس أن نسبة 15% إلى 20% من المدارس في الولايات المتحدة لديها بالفعل حديقة أو مساحة تعليمية خارجية. إلا أن المشكلة بالنسبة تكمن في المساحة، إذ يتوفر لديهم فصل دراسي واحد في الهواء الطلق ويحتاجون إلى إعطاء العديد من الدروس".
ولطالما روجت مدارس "Waldorf" لقيمة التدريس في الهواء الطلق، مما ساعدهم في الانتقال إلى خطط مكافحة الجائحة. وفي الوقت الحالي، تعطى الدروس في الهواء الطلق قدر الإمكان بمدرسة "Green Meadow Waldorf" في نيويورك، بجميع مراحلها الدراسية.
وأشارت دانكس إلى أن التدريس في الهواء الطلق سيشكل تحدياً للمعلمين الذين لم يخوضوا تلك التجربة من قبل، مشيرةً أنها تعد قفزة مفاهيمية جديدة.
وفي حين أن الانتقال للخارج لتجنب الإصابة بالعدوى يعد أمراً جديداً بالنسبة لهذا الجيل من الطلاب والمعلمين، إلا أنه حدث في السابق.
وفي أوائل القرن العشرين، خرجت بعض الفصول إلى الهواء الطلق لتقليل انتقال مرض السل، الذي ينتشر عن طريق قطرات محمولة جواً تحتوي على البكتيريا.
فوائد التدريس والتعلم في الهواء الطلق
وبالنسبة للمعلمين والأسر القلقين بشأن مخاطر "كوفيد-19"، فإن فوائد أخذ الفصول الدراسية في الخارج واضحة.
ومع عودة الأطفال إلى الفصول الدراسية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وجد تقرير جديد صادر عن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال ورابطة مستشفيات الأطفال أن أكثر من 97 ألف طفل ثبتت إصابتهم بمرض "كوفيد-19" على مدى أسبوعين في يوليو/ تموز الماضي.
وفي تلك الأثناء، يشعر المعلمون بقلق شديد بشأن العودة إلى الفصول الدراسية لدرجة أن بعضهم يقوم بتحديث وصيّاتهم. ويمكن أن يقلل إبقاء الأطفال في الخارج من خطر انتشار الفيروس لكل من الطلاب والمعلمين على حدٍ سواء.
وأشارت دانكس إلى أنه عند مقارنته بالتعلم الافتراضي، يمكن أن يكون للفصول الخارجية فائدة مهمة فيما يتعلّق بالإنصاف بين الطلاب، إذ أن العديد من الأطفال يفتقرون إلى الموارد الأساسية مثل الاتصال بالإنترنت والأجهزة الرقمية، في حين توجد اختلافات كبيرة في التمويل بين المدارس وحتى البرامج المدرسية.
وأضافت دانكس: "كل شخص داخل المدرسة لديه الموارد ذاتها، وهذا ليس الحال داخل المنزل".
كما أكدت دانكس أن قضاء الوقت في الفصول الدراسية في الهواء الطلق يمكن أن يساعد في شفاء الطلاب من بعض الصدمات الناجمة عن جائحة "كوفيد-19"، الذي أثر على الصحة العقلية للبالغين والأطفال على حد سواء.
وأضافت دانكس: "عندما يعود الأطفال إلى المدرسة، إذا كانوا في الخارج حيث توجد أشجار ونباتات أخرى، فهناك فائدة علاجية موثّقة للمناظر الطبيعية تساعد على تخفيف التوتر وتساعد على استعادة القدرة على الانتباه"، مشيرةً إلى أن هناك أيضاً فوائد صحية بدنية لعودة الأطفال إلى المدرسة وتحركهم أكثر".