دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشف أحد الخبراء، إنه رغم الجدل الذي أثاره الممثل الأمريكي بن أفليك خلال حديثه عن زواجه ومعاناته من الإدمان، إلا أنه سلّط الضوء على نقاط مهمة تثير اهتمام المصابين بالإدمان وأحبائهم.
وقال عالم النفس جون كيلي، أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية، ومدير معهد أبحاث التعافي في مستشفى ماساتشوستس العام، إن المشاكل الزوجية والإدمان هي أشبه بعلاقة "الدجاجة والبيضة".
وأشار كيلي إلى أن الدرس المستفاد من قصة أفليك مع طليقته، الممثلة الأمريكية جينيفر غارنر، هو إدراك أهمية وضع استراتيجيات مواكبة بهدف تدارك السلوكيات الناجمة عن الإدمان، والحفاظ على علاقات صحية.
وتحدث أفليك إلى مقدم البرامج الأمريكي هوارد ستيرن هذا الأسبوع حول كيفية مساهمة زواجه من غارنر في مساعدته للإقلاع عن إدمانه للمشروبات الكحولية، قائلاً إنه لو لم ينفصلا عام 2015، ربما كان لا يزال مدمنًا على الكحول.
وقال أفليك لستيرن: "إن أحد أسباب بدء استهلاكي للمشروبات الكحولية، شعوري بأنّني كنت محاصرًا".
ومع انتشار تصريحات أفليك، رأى البعض أنه يلقي باللوم على غارنر في ما يتعلق بمشكلة إدمانه.
وقال أفليك في برنامج "جيمي كيميل لايف" الأربعاء ردًا على ذلك: "هذا ليس صحيحًا. لا أصدق ذلك. إنه عكس ما أنا عليه وما أؤمن به"، مضيفًا أنه يكِنّ لغارنر كل الحب والاحترام.
وأوضح كيلي أن الإدمان والعلاقات مواضيع صعبة ومعقدة، لكن هناك دروسًا يمكن للمدمنين ومن حولهم استخلاصها، من قصة أفليك المثيرة للجدل.
المسؤولية
ولفت كيلي إلى أن غارنر، أو أي فرد مكانها، سمعوا ربما كلمات مثل "محاصرون" وشعروا أنه يتم إلقاء اللوم عليهم بسبب لعبهم دورًا في تكوين الإدمان، لكن الأحباء ليسوا المذنبون عندما يتعلق الأمر بالسلوك الإدماني.
وقال: "لا ينبغي أن تلقي اللوم على نفسها، "ستبقى المسؤولية على عاتق الشخص الذي يستخدم استراتيجية تكيّف غير فعالة."
وأشار كيلي إلى أن هناك العديد من العوامل المتداخلة عند إصابة الشخص بالإدمان، بينها الاستعداد الوراثي.
وأضاف أنّ الاستهلاك المكثف، والمتكرر، يؤدي مع مرور الوقت أيضًا إلى الإدمان.
وقال إن الاستخدام المكثف يمكن أن ينبع من غياب آليات التكيف الفعالة، وهو نمط ربما يكون قد نشأ قبل وقت طويل من دخول المدمن في علاقة.
وإلقاء اللوم لا يأتي بنتيجة عند الحديث عن الصراع في العلاقات بسبب الإدمان، وفق كيلي، موضحًا أن "الهدف هو محاولة حل النزاعات التي تحدث حتما في العلاقات من خلال التواصل الصادق والاحترام، ويعتبر استهلاك المشروبات الكحولية وسيلة غير فعالة للتعامل".
مهارات التأقلم
وقال كيلي، إنه على المدى القصير، يمكن أن يشعر المرء أن استهلاك الكحول يُعتبر وسيلة فعالة للغاية تساعد على التأقلم، وأنها طريقة لحل المشاعر غير السارة بشكل سريع وموثوق.
وأضاف "لسوء الحظ، على المدى الطويل، يمكن أن يسبّب استهلاك الكحول إلى كل أنواع المشاكل".
كما لفت كيلي إلى أن الجميع يعاني من التواصل وصعوبة العلاقات بين الأشخاص، ويبحث الكثير من الأشخاص عن طرق لتجنب التأقلم عندما يدركون صعوبة الامر.
قال كيلي: "إذا أضفت المشروبات الكحولية إلى هذا الخليط، فإن ذلك سيزيد الأمور سوءًا"، مضيفًا أنه غالبًا ما يلجأ الأشخاص إلى استخدام الكحول كاستراتيجية تكيّف أولية لأنهم لا يمتلكون الأدوات التي تمكّنهم من التواصل بشكل فعّال".
وعندما تنشأ مشاكل في العلاقات التي نهتم بها، قد نتجنب إثارة المشاكل أو نأمل أن تختفي عندما لا نشعر بأننا جاهزين لمواجتها.
وأوضح كيلي أن المشاكل تتفاقم بعد ذلك، عندما يؤدي استهلاك المشروبات الكحولية بهدف تجنّب الصراع في العلاقة، إلى تأزم هذا الصراع، وينتج عنه مشكلة أكبر،ما يدفع مدمن الكحول إلى استهلاك المزيد منه، ويدور في دائرة مفرغة.
وقال كيلي: "جميعنا يواجه مشاكل في العلاقات، والسؤال هو: كيف نتعامل معها؟"
ولفت كيلي إلى أنّ تجنّب الموقف، أو استهلاك الكحول للتكيف يمكن أن يؤدي إلى المزيد من المشاكل لاحقًا.
التواصل
لا يمكننا معرفة تفاصيل وضع أفليك وغارنر على وجه التحديد، لكن العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب في استهلاك الكحول ومن صعوبات في العلاقة، قد يدركون أنهم لا يمتلكون مهارات التواصل المباشر التي يحتاجونها حتى قبل أن يدخلوا في العلاقة، وفق كيلي.
ولكن ليس عليهم تعلم تلك المهارات بأنفسهم.
وأشار إلى أنّ دور الاستشارات الزوجية والمراكز التي تضطلع بهذا الدور تكون مفيدة حقًا، لأنها توفر منتدى للأشخاص لجعلهم قادرين على التواصل بشكل فعال، والاستماع إلى بعضهم البعض."
كما يمكن التحدث مع صديق غير متحيز أو أحد أفراد الأسرة، أو الأفضل، مع معالج محترف إذا كان هذا الأمر متاحًا، للمساعدة في إخراج الأفكار والمشاعر غير المعلنة التي يتمسك بها المدمن، وكذلك إلقاء الضوء على أنماط السلوك بين الزوجين وكيف يتعاملان مع بعضهما البعض.
بالإضافة إلى علاج تعاطي الكحول، يستخدم علماء النفس في كثير من الأحيان، تدريبًا على الإصرار، للأشخاص الذين يعانون من الإدمان كي يتمكنوا من التواصل بشكل فعال "لقول ما يقصدونه من دون تجريح"، على حد قول كيلي.
واقترح كيلي أنه بالنسبة للزوج أو الزوجة السابقة لشخص متأثر بتعاطي الكحول، فإن "الحصول على المشورة من معالج ذي خبرة غالبًا ما يكون مفيدًا للغاية للحصول على الدعم والموضوعية حول هذه المواقف الشديدة".