ما هي الصدمة العرقية.. وكيف تحدّدها.. وكيف تتعامل معها؟

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة
ما هي الصدمة العرقية؟ إليك كيفية التعرف عليها والتعامل معها
Credit: FG Trade/E+/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- رغم أن الصدمة العرقية لا تعد تشخيصًا رسميًا، إلا أنها قد تؤثر على رفاهية الأفراد والمجتمعات.

ويمكن تعريف الصدمة العرقية بأنّها "الضرر العاطفي، وربما النفسي، الناجم عن مواجهة الأشخاص للتحيز والتمييز العنصريين، وأشكالًا من العنصرية، قد تشمل جرائم الكراهية"، وفقًا لنيفين هيرد، مديرة العلاقات بين الثقافات بكلية ليك فورست في ولاية إلينوي الأمريكية.

يمكن أن تكون تجربة الصدمة العرقية نتيجة لأفعال أشخاص محدّدين، أو نتيجة ثانوية لنظام أوسع. ويمكن أن تؤثر على شخص ما بشكل غير مباشر، ربما من خلال مشاهدة مقاطع فيديو لجرائم الكراهية، أو متوارثة عبر الأجيال، كما هي الحال مع الندوب العاطفية الدائمة للهولوكوست أو استعباد الأمريكيين من أصل أفريقي، وفقًا لمنظمة Mental Health America.

وأوضحت هيرد أنّه "لا يتعيّن على الناس تجربة حادثة تمييز عنصري أو أذى بشكل مباشر كي يختبروا عواقب عاطفية ضارة".

قالت أستاذة علم النفس مونيكا ويليامز، التي تشغل راهنًا منصب رئيسة أبحاث كندا في تفاوتات الصحة العقلية بكلية علم النفس في جامعة أوتاوا، إنّ الصدمة العرقية لا تحدث عادة بسبب "حادثة واحدة فقط"، مشيرة إلى أنها "بالعادة، هي نتيجة تراكم الكثير من الحوادث لدرجة أن الشخص يصاب بصدمة نفسية". 

وتعاني العديد من المجموعات العرقية في الولايات المتحدة من معدلات اضطراب ما بعد الصدمة أعلى مقارنة مع الأمريكيين البيض، وأحد التفسيرات لذلك هو تجربة العنصرية، وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية.

ومع ذلك، فإن تشخيص الصدمات العرقية وعلاجها، على وجه التحديد، يمكن أن يمثل تحديًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الطريقة التي يتم فهمها في مجتمع الرعاية الصحية.

لماذا الصدمة العرقية لا تعد تشخيصًا رسميًا

وخلافًا لاضطراب ما بعد الصدمة، فإن الصدمة العرقية، المعروفة أيضًا باسم الإجهاد الرضحي القائم على العرق، لا تعتبر اضطرابًا رسميًا للصحة النفسية، أو تشخيصًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وهو الدليل المعتمد الذي يستخدمه اختصاصيو الرعاية الصحية لتشخيص الاضطرابات النفسية.

أعراض الصدمة العرقية

وأشارت هيرد إلى أنّ الأشخاص المتأثرين بالصدمات العرقية قد يعانون من بعض أعراض الإجهاد الجسدي، المعروفة بمصطلح "الجسدنة"، وقد تكون آلامًا في المعدة، وسرعة بضربات القلب، ومشاعر اليقظة المفرطة، والضغط المزمن.

وقد يواجهون أيضًا التهرّب، الذي يحدث مع اضطراب ما بعد الصدمة، وإعادة اختبار الأحداث المؤلمة.

وتشمل الأعراض الأخرى صعوبة في النوم، والتعب، والاكتئاب، والقلق، وضعف صحة الأمعاء، والغضب، والأفكار المتكررة عن الحدث، والكوابيس، والتعرّق، والارتجاف، وعدم الثقة، ولوم الذات، وتدني احترام الذات، والصداع، وآلام الصدر، وفق ما ذكرت هيرد ومنظمة Mental Health America

التعامل مع الصدمات العرقية

أوضحت أستاذة علم النفس مونيكا ويليامز أنّه لكي يتم تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة، يجب أن يكون هناك حدث صادم يمكن تحديده، لذا فإنّ التعرّض للعنف العنصري بشكل مباشر أو غير مباشر يمكن أن يتناسب بسهولة مع معايير اضطراب ما بعد الصدمة.

لكن إذا كان شخص يعاني من صدمة بسبب عدم تقدير عمله بشكل متكرّر بسبب عرقه، فلن يلبي ذلك المعايير.

ومع ذلك، سيظل اختصاصيو الصحة النفسية قادرين على تشخيص وعلاج أي آثار للصدمة العرقية، مثل الاكتئاب أو القلق، حتى لو لم يتمكنوا من تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة القائم على العرق ذاته.

ويفضّل معرفة إذا كانت الأعراض ناتجة عن صدمة عرقية، أو اضطرابات نفسية، أو مشاكل مزاجية عامة. وأشارت ويليامز إلى أنّه من المفيد إجراء تقييم من قبل طبيب نفسي أو غيره من الأطباء الذين يفهمون الصدمات العرقية.

وإذا كان اختصاصي الصحة النفسية لا يعرف الكثير عن الصدمة العرقية، فقد يكون الحصول على مساعدة منه أمرًا صعبًا، إذ أنه لن يعرف من أين يبدأ.

وتنصح ويليامز بمحاولة بناء نظام دعم جيد للأشخاص الذين يمكن التحدث معهم حول المعاناة التي تواجهها، والبقاء منخرطًا في الحياة اليومية.

وتؤكد ويليامز على أهمية تعلّم طرق جديدة لإدارة العنصرية عندما تواجهك، مثل كيفية الرد على العدوان المصغّر، وهو مصطلح يُستخدم لوصف الإذلال البيئي، أو اللفظي، أو السلوكي اليومي الشائع والمُتعمّد، أو غير المُتعمّد الذي يوصل موقفًا عدائيًا، مُهينًا، أو سلبيًا موجهًا للمجموعات الموصومة أو المُهمّشة ثقافيًا.

وتوضح ويليامز: "غالبًا ما يتعامل الناس مع العنصرية لفترة أطول بكثير مما ينبغي، لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، أو ربما يعانون من قلة احترام الذات ويعتقدون أنهم يستحقون الإساءة".

وتابعت: "من المهم أن يفهم الناس قيمتهم الخاصة، وأن يؤمنوا أيضًا بتجاربهم، وألا يتأثروا عندما يحاول الناس إقناعهم بعكس ذلك، بل عليهم أن يثقوا بغرائزهم وما يتعرضون له".

وأكدت أن تعلم طرق جديدة للتعامل مع هذه التجارب تعتبر مقاربة مهمة لتنمية الشعور بالاستقلالية والتمكين.