دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يموت سنويًا آلاف الأطفال بشكل مفاجئ وغير متوقّع. وفي عام 2020، فاق عدد الوفيات بين الأطفال الصغار 3300 طفل. وحافظت المعدلات على ارتفاعها في السنة الأولى من جائحة "كوفيد-19"، رغم تراجع معدل وفيات الرضع الإجمالي إلى مستوى قياسي.
وقد وجدت دراسة نشرت في مجلة طب الأطفال الإثنين، أنّ معدل الأطفال ذات البشرة الداكنة تحديدًا سجّل ارتفاعًا، ما أدى إلى توسيع التفاوت الصارخ الموجود واقعًا.
وصنّفت وفاة طفل من أصل 6 وفيات للرُضّع على أنها مفاجئة غير متوقعة، أو SUIDs، وهو تصنيف واسع النطاق للوفيات التي تشمل متلازمة موت الرضع المفاجئ، المعروفة باسم SIDS، بالتوازي مع الاختناق العرضي، والاختناق في الفراش، وأسباب أخرى غير معروفة.
وفي حين انخفض معدل SUID بين الأطفال البيض إلى أدنى مستوى له منذ عام 2017، سجّل معدل الأطفال من ذوي البشرة الداكنة عام 2020، العدد الأعلى منذ ذلك الحين. ووجدت الدراسة أن المعدلات التي كانت أعلى بنحو ضعفين لدى الأطفال ذوي البشرة الداكنة عام 2017، ارتفعت إلى نحو ثلاثة أضعاف عام 2020.
وقالت شارين باركس براون، عالمة الأوبئة بقسم الصحة الإنجابية التابع للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، إن فريق البحث أعاد تحليل البيانات مرات عدة للتأكد من أنهم يفسّرون النتائج بشكل صحيح.
لعقود، حافظت معدلات وفاة الرضع المفاجئة غير المتوقعة (SUID) على ثباتها في إطار كل مجموعة إثنية وعرقية، ولطالما كانت أعلى بين الأطفال الهنود الأمريكيين. لكن، عام 2020، تجاوز معدل الوفيات بين الأطفال ذوي البشرة السوداء معدل وفاة الرضع بين الهنود الأمريكيين.
ولفتت باركس براون إلى أنه "في العادة، ومن الناحية المثلى، نراجع البيانات التي تعود إلى خمس سنوات كي نتوقع نوع الاتجاهات الناشئة. لذا، فهذه نتائج أولية للغاية، لكنه أمر سنضطر إلى متابعة مراقبته".
وفي بيان تعقيبي على البحث، قال الأطباء إن المعدلات المرتفعة للوفيات الرضع المفاجئة غير المتوقعة في الولايات المتحدة، والتفاوتات المتزايدة، "تعكس إخفاقاتنا المجتمعية".
وكتبوا أنّ الفوارق الاجتماعية والاقتصادية "لا تقتصر فقط على الوصول المحدود للرعاية الصحية والتعليم، إنما تطال أيضًا العديد من العائلات التي لا تمتلك مكانًا مستقرًا وآمنًا كي ينام فيه أطفالها".
فك تشابك الأسباب الأساسية
في عام 2020، نُسبت نسبة 41٪ من مجمل وفيات الرضع المفاجئة غير المتوقعة على وجه التحديد إلى متلازمة موت الرضع المفاجئ ( SIDS)، وتم تحديد 27٪ على أنها اختناق عرضي، وخنق في الفراش، وتم تصنيف 31٪ منها على أنها لأسباب غير معروفة.
وارتفعت الوفيات المنسوبة تحديدًا إلى متلازمة موت الرضع المفاجئ بين عامي 2019 و2020، حيث باتت ثالث سبب رئيسي لوفاة الرضع بعدما كانت السبب الرابع.
بيد أن الدراسة الجديدة رأت أن هذا الاتجاه المحدّد قد يسلّط الضوء على ما نجهله عن هذه الوفيات.
الخطوط الفاصلة بين التصنيفات الثلاثة ضمن فئة وفاة الرضع المفاجئة غير المتوقعة ضبابية، وقد تغيرت النسب على مر السنين. يقول الخبراء إن هناك تباينًا كبيرًا في كيفية ترميز الفاحصين الطبيين والطبيب الشرعي لها، فيما هي أقل تميّزًا ممّا يعتقد.
وقالت شيريل ل. كلارك، المديرة المساعدة لعلم الأوبئة والتقييم والمقاييس برابطة برامج صحة الأم والطفل، غير المشاركة في الدراسة الجديدة، إنّ الأسباب الجذرية والتمييز بين الموت المفاجئ للرضع وسبب غير معروف للوفاة، غير محددة بشكل جيد".
وبحسب الدراسة الجديدة، فإن الزيادة غير المتوقعة في وفيات الموت المفاجئ للرضع عام 2020، ناجمة على الأرجح من تغيير معايير التشخيص.
ففي حين أنّ معدل متلازمة الموت المفاجئ للرضع زاد بنحو 15٪ بين عامي 2019 و2020، فإن معدل وفاة الرضع المفاجئة غير المتوقعة الأوسع، التي تشمل أيضًا الوفيات المنسوبة إلى الاختناق العرضي وأسباب أخرى غير معروفة، زاد بنسبة 3٪ فقط في ذلك العام، وهي زيادة لا تعتبر ذات دلالة إحصائية، برأي الباحثين.
ورغم ذلك، تؤكد أحدث البيانات أهمية التركيز المستمر، والفهم الأفضل للموضوع.
وقالت باركس براون إنه "في بعض النواحي، كان مطمئنًا أن معدل وفاة الرضع المفاجئة غير المتوقع لم يرتفع".
وتابعت: "لكنّها تؤكد بشكل أكبر على ما رأيناه خلال العقدين الماضيين: نحن لم ننجح بالحد من هذه الوفيات".
وفك تشابك الأسباب المحددة وراء مجمل وفيات الرضع المفاجئة غير المتوقعة أمر بالغ الأهمية.
وخلصت إلى "أنه لا يمكنك الحد من شيء لا تعرف ما يسبّبه"، مشيرة إلى أنه "من المهم معرفة ما حدث في كل حالة وفاة. يتضمن ذلك إجراء تشريح شامل للجثة وإجراء تحقيق مفصل حقًا في مسرح الجريمة لمعرفة ما حدث للرضيع".
التركيز على النوم الآمن
رغم محاولة التمييز بشكل أفضل ضمن الفئة الأوسع لوفيات الرضع المفاجئة غير المتوقعة، يقول الخبراء أن هناك خيطًا أساسيًا دقيقًا.
إذ قالت الدكتورة ريبيكا كارلين، طبيبة الأطفال بكلية فاجيلوس للأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا، أن "معظم وفيات الرضع المفاجئة غير المتوقعة سببها عامل خطر واحد في الحد الأدنى، ألا وهو النوم غير الآمن أي "بنسبة تفوق 95٪ منهم".
قد يشمل ذلك نوم الرضيع على بطنه، أو النوم في سرير أحد الوالدين بدلاً من سرير الأطفال، أو وجود فراش أو وسائد ناعمة في سرير الأطفال، أو تدخين أحد الوالدين.
وأوضحت كارلين، المشاركة بكتابة البيان التعقيبي المرافق للدراسة المنشورة الإثنين، أنّ ممارسات النوم غير الآمنة تشكل عوامل خطر لأنها تقلل من سهولة إيقاظ الأطفال عندما يحتاجون إلى ذلك، عادةً كل ساعتين.
وقالت: "ثمة عامل خطر واحد دومًا، وغالبًا ما يكون متعددًا، يمكن تجنبه حقًا بمساعدة مجتمعية إضافية".
وتابعت أنه "من الصعب أن تكون والدًا جديدًا. ومن الصعب التحدث عن هذه القضايا من دون الحديث عن الدعم الذي نقدمه للأهل الجدد كمجتمع".
ولفتت إلى العودة إلى العمل بعد ستة أسابيع أو أدنى، بعد ولادة الطفل، والاستيقاظ كل ثلاث ساعات معهم ليس بالأمر المجدي حقًا. من المفهوم لماذا يلجأ الأهل إلى ممارسات النوم غير الآمنة في محاولة لجعل أطفالهم ينامون لفترة أطول.
ورأى الخبراء أنّ العديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تعرض الأطفال من ذوي البشرة السوداء وأسرهم بشكل غير متناسب لخطر النتائج الصحية السيئة عمومًا، تفاقمت خلال الجائحة فقط.