دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من المقرّر أن تبدأ المملكة المتّحدة في جمع سلسلة جينومات لـ100 ألف طفل حديثي الولادة في وقتٍ لاحق من هذا العام. وستكون هذه أكبر دراسة من نوعها لتخطيط مجموعة كاملة من التعليمات الجينيّة للأطفال، ويحتمل أن تكون لها آثار كبيرة في مجال طب الأطفال.
وسيقوم "برنامج جينوم حديثي الولادة" (Newborn Genomes Programme)، الذي تبلغ كلفته 126 مليون دولار، بفحص نحو مئتي حالة وراثيّة نادرة، لكن يمكن علاجها، بهدف الحد من معاناة الأطفال وعائلاتهم المضطرّين للكفاح أحيانًا للحصول على التّشخيص بالاختبارات التقليديّة.
وعبر تسريع عمليّة التّشخيص، يمكن أن يحدّ العلاج المبكر للرضّع من تطوّر العديد من الحالات الشّديدة.
لكنّ المشروع أثار العديد من الأسئلة الأخلاقيّة القديمة بشأن الجينات، والإقرار، وخصوصيّة البيانات، والأولويّات في مجال رعاية الرضّع.
تقليص رحلة طويلة
إسوة بالبلدان الأخرى، يُفحص العديد من الأطفال في المملكة المتحدة للكشف عن عددٍ من الحالات القابلة للعلاج عبر عيّنة دم صغيرة.
وتُعرف هذه الطّريقة أيضًا باسم اختبار وخز الكعب، وهي عمليّة روتينيّة تغطّي 9 حالات حاليًا، ومنها داء الخلايا المنجليّة، والتّليّف الكيسي، والاضطرابات الأيضيّة الموروثة.
وبعض الحالات التي تمّ اختبارها سجلت تباينات قد لا تسجّل نتيجة إيجابيّة، وقد تكون عواقبها مغيّرة للحياة.
ويُعد فرط نشاط الغدّة الدّرقية الخلقي، الذي يؤثّر على نمو وتطوّر الجهاز العصبي، أحد الأمثلة على ذلك.
وسيتحقّق "برنامج جينوم حديثي الولادة" من نوع أو أكثر من قصور الغدّة الدرقيّة الخلقي لا يستطيع اختبار وخز الكعب رصده.
وقال كريشنا تشاترجي، أستاذ الغدد الصماء في جامعة "كامبريدج": "فجأة، يمكنك إجراء التّشخيص، ويمكن أن يغيّر ذلك قواعد اللعبة، أو يغير حياة هذا الطّفل".
العثور على مئة ألف رضيع
وتقود شركة "Genomics England" البرنامج، وهي جزء من وزارة الصحّة والرّعاية الاجتماعيّة في المملكة المتّحدة.
وأفادت الشركة أنّ كل حالة من الحالات الـ200، التي ستخضع للفحص، اختيرت لوجود أدلّة تشير إلى أنّها ناتجة عن متغيّرات جينيّة، ولكونها مُنهِكة، إضافةً لتوفّر العلاج للجميع من خلال خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا (NHS).
وقال ريتشارد سكوت، كبير المسؤولين الطبيين ونائب الرّئيس التنفيذي لدى "Genomics England"، إنّ البرنامج يهدف إلى إعادة نتائج الفحوص للعائلات خلال أسبوعين.
ورُغم سقوط بعض العقبات من أمام الفحوص الجينيّة، لا تزال العديد من العوامل المجتمعيّة ثابتة.
ورغم أن ذردود الفعل النّاتجة من المشاورة العامّة قبل إطلاق المشروع في المملكة المتحدة أتت إيجابيّة بشكلٍ عام، لكن بعض المشاركين أعربوا عن مخاوفهم بشأن تأثير الآراء الدينيّة على مستوى الإقبال، بينما عبّر البعض عن شكوكهم وعدم ثقتهم تجاه التطوّرات العلميّة الحاليّة في مجال الرّعاية الصحيّة، وفقًا لتقريرٍ عن نتائجها.
حماية المعلومات
وستدخل الجينومات المتسلسلة إلى بنك آمن للبيانات يتمتّع بالنموذج ذاته للمكتبة الوطنية للبحوث الجينية، حيث يتم تحديد هويتها، وتخصيص رقم مرجعي لها.
ويمكن للباحثين من "NHS"، والجامعات، وشركات الأدوية التّقدم بطلبٍ للدخول إلى المكتبة الوطنية للبحوث الجينية (مقابل رسوم في بعض الحالات)، مع موافقة لجنة مستقلة، تضم مشاركين قدّموا عيّنات، على الطّلبات.
وهناك الكثير من القيود، فلا يمكن الوصول إلى البيانات لأغراض التّأمين أو التّسويق على سبيل المثال.
وعند بلوغهم 16 عامًا، يمكن للأطفال اتّخاذ قرارهم الخاص بشأن إذا كان يجب أن تظل بيانات كل منهم في النّظام أم لا.
تقييم الأثر
بعد إغلاق فرصة جمع العيّنات بعد عامين، سيبدأ تحليل تكاليف وعوائد البرنامج، وتطوير أدلة للجنة الفحص الوطنيّة في المملكة المتحدة، التي تقدم المشورة للحكومة و"NHS" بشأن سياسات الفحص.
وبحسب تشاترجي، قد يستغرق قياس المدّخرات الاقتصاديّة نتيجة التّشخيص المبكّر لأمراضٍ معينّة حياةً بأكملها، مشيرًا إلى تكاليف تعليم أصحاب الاحتياجات الخاصّة من الأطفال، ودعم البالغين الذين يعانون من حالات وراثيّة نادرة.
كما أنّه أضاف: "أنا متأكّد أنّ معادلة التكلفة والفوائد هذه ستُحقّق توازنًا".
ورُغم اعتبار العديد من الأشخاص سلسلة الجينوم امتدادًا للاختبارات الموجودة بالفعل، إلا أنّهم لا يعتقدون أنّها ستتحوّل إلى ممارسة معياريّة للأطفال حديثي الولادة.
وأوضح طبيب القلب الأمريكي، وأستاذ الطب الجزيئي في معهد "سكريبس" للأبحاث، إريك توبول: "لا أعتقد أنه يمكنك إلزام أمر كهذا".
ومن ثم أضاف توبول، وهو غير مرتبط بمبادرة سلسلة الجينوم في المملكة المتحدة: "سيكون لدينا مجتمع مضاد للجينوم، دعنا نواجه الأمر".